«حكومة التكنوقراط» هي أحد المخارج المطروحة للمأزق الحكومي الراهن. وتقول مصادر ان العمل جار بهدوء لإنضاجها. أما أهم العقبات التي تواجه هذا النوع من الحكومات، إضافة إلى رفض المعارضة، فهو رفض الفكرة من جانب رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط. وقد أبلغ الوزير غازي العريضي هذا الرفض إلى الرئيس المكلف سعد الحريري.
وفي حين ترى مصادر قواتية ان من الضروري تسيير شؤون الناس بأشخاص من أمثال الوزراء زياد بارود وريمون عودة ويوسف تقلا وغيرهم، ممن لا ينتمون إلى إطار حزبي مباشر، وتبقى الأمور السياسية الأساسية محصورة في مجلس النواب، حيث لا يمتلك أي فريق أكثرية الثلثين، يعتبر العماد ميشال عون ان حكومة التكنوقراط لا تملك المقومات الكافية لمواجهة الاستحقاقات الداخلية والخارجية بالجهوزية والفعالية المطلوبتين. ويتابع شارحا وجهة نظره: عندما وقعت حرب يوليو كانت هناك حكومة سياسية، ومع ذلك، فإنها لو كانت تتسم بتمثيل اوسع لأمكنها ان تواجه بشكل افضل تحديات الحرب. القاعدة الذهبية التي ينبغي الانطلاق منها هي ان حكومة الوحدة، الواسعة التمثيل، تؤمن تغطية أكبر للقضايا الوطنية وتتيح لأي قرار ان يتمتع بمزيد من الفعالية والقوة، حتى لو استغرق اتخاذه بعض الوقت، سواء كان القرار مقاوما اومسالما، في حين ان أي حكومة أخرى لن تحظى بالرشاقة الضرورية والعمق الحيوي اللازم للتعاطي مع الازمات والاحداث الكبرى.
وتقول مصادر معارضة ان الحريري عمل على تسويق فكرته في السعودية التي زارها في فترة العيد... وترى هذه المصادر ان مشروع حكومة التكنوقراط يطرح من خلفية التخلص من الوجود المباشر لحزب الله في الحكومة، اذ ان وجوده في أي حكومة سياسية سيجعله قادرا على التأثير كثيرا في أي أمر، سواء كان كبيرا أو صغيرا. واقصاء الوجود السياسي للعماد ميشال عون في الحكومة، وهو وجود سيسمح له بالقول انه فائز سياسيا على خصومه في الساحة المسيحية، ولاسيما القوات اللبنانية وحزب الكتائب، وهو ما ظهر خلال التشكيلة التي قدمها الحريري الى رئيس الجمهورية ميشال سليمان قبل اعتذاره.
وتردد ان الحريري سعى الى تسويق هذه الفكرة خلال زيارته الى السعودية، التي أعطي لها الطابع العائلي فيما هدفت الى معرفة حقيقة وضع العلاقة السورية السعودية، واستطلاع امكان قيام السعودية بدور ما للتأثير في سورية لتؤثر بدورها في حلفائها في لبنان، اضافة الى اطلاع السعوديين على نيته تأليف حكومة تكنوقراط.
ويستمد الحريري استساغته حكومة تكنوقراط من كونه، كوالده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، محاطا بمعاونين تكنوقراط أكثر منهم سياسيين، ويثق بجدواهم وخبرتهم، وهو يفضل كأبيه أيضا الاصغاء الى هذا الصنف من الأشخاص لمناقشة الخطط والخيارات ويترك للسياسيين صدارة الكلام «الوجيه». لذا سمى في تشكيلته المقترحة أسماء تكنوقراط يمثلون تياره ما دام هؤلاء يتخفون وراء الصف الثاني ويعملون في ظله.