بيروت ـ عمر حبنجر ـ أحمد عزالدين
مفاجأة زيارة الرئيس السوري بشار الاسد الى جدة، ومشاركته في افتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، تركت اصداء عربية واقليمية واسعة، اسرعها تلك التي شهدها لبنان الذي امضى حتى الآن ثلاثة اشهر بلا حكومة، نتيجة تداخل الحسابات السياسية الداخلية بالحسابات العربية والاقليمية.
عنصر المفاجأة الاساسي تولد من ان حضور الاسد جاء في اعقاب اعلان سوري رسمي عن ان المشاركة في احتفال افتتاح اكبر جامعة ابحاث في الشرق سيكون على مستوى السفير في المملكة.
غير ان مشاركة الاسد أفضت الى كسر جليد العلاقات السعودية ـ السورية، وقد تخللها الى جانب المصافحة الحارة مع الملك عبدالله مصافحة بين الاسد ورئيس حكومة تصريف الاعمال فؤاد السنيورة الذي مثل لبنان في الافتتاح الجامعي، في معرض اللقاء العام الذي ضم الزعماء العرب الآخرين.
الحريري بعيداً عن المصافحات
محور الاهتمام اللبناني في حفل الافتتاح تركز عمليا على متابعة تحركات الرئيس المكلف سعد الحريري، وما اذا كان التقى الرئيس السوري مصادفة أم قصدا، الى ان تبين انه لم يشارك في حفل الافتتاح الرسمي بسبب اضطراره للعودة الى بيروت استعدادا لمشاورات الامس، لكن الانطباع السريع الذي ساد في بيروت ان هذا اللقاء فتح باب الامل في تشكيل الحكومة اللبنانية.1
المعطيات التي توافرت في بيروت اشارت الى جهود اردنية ـ تركية، بذلها العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني والرئيس التركي عبدالله غول، وأقنعت الاسد بالحضور الى جدة.
رئيس الجمهورية السابق امين الجميل رحب بكل تقارب عربي، ورأى ان للقاء جدة السوري ـ السعودي تأثيرا معينا على الوضع اللبناني أقله التخفيف من التشنجات، وقال ردا على سؤال، ان المشكلة سياسية وليست مشكلة توزير، رافضا «حكومة التكنوقراط» في ظل التمذهب الحاصل.
النائب عن بيروت، وعضو كتلة المستقبل نهاد المشنوق اعتبر ان زيارة الاسد للسعودية ليست شكلية، وهي ذات مضمون ايجابي، الا انها ليست من النوع الذي يعطي مفعولا سريعا برأيه، من شأنه تحريك الجمود الحاصل في لبنان، انما قد تريح الاجواء السائدة.
بيد أن مصادر اكثرية لبنانية ذكرت في تصريح لـ «الأنباء» انه بعد مصافحة الملك عبدالله والرئيس الاسد في قمة الكويت الاقتصادية، جرت الانتخابات النيابية في لبنان بيوم واحد وبنتائج تعكس المزاج الشعبي اللبناني الى حد بعيد، وانطلاقا من ذلك فإن المصادر تتوقع ان يترتب على مصافحة الامس في جدة تمرير الحكومة اللبنانية الجديدة.
ولاحظت المصادر ان الاجواء السياسية باتت اكثر ملاءمة من ذي قبل، مستشهدة باعتراف الرئيس نبيه بري عبر كتلته النيابية لوليد جنبلاط، بخطأ ارتكبه عندما لم يسم الحريري لتشكيل الحكومة في الاستشارات الاخيرة.
الحريري مستمع
لكن اوساط الرئيس المكلف قالت لصحيفة «السفير» انه لن يعرض اي صيغة محددة لتشكيل الحكومة كما لن يعتمد او يعارض مسبقا اي صيغة وانه سيستمع الى افكار الكتل النيابية والنواب المنفردين حول تركيبة الحكومة وتوزيع الحقائب ويدون الملاحظات ثم يقوم بوضع التوليفة الحكومية المناسبة ليعرضها على رئيس الحكومة.
بدوره، عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله دعا الى حلحلة العقد الداخلية وتشكيل الحكومة في اسرع وقت ممكن مشيرا الى ان الموضوع مرتبط بالحوار الذي سيجريه الرئيس المكلف.
انطلاق قطار الاستشارات
في هذا الوقت، انطلق قطار الاستشارات النيابية لتأليف الحكومة قبل ظهر امس، على ايقاع اللقاء السوري ـ السعودي المفاجئ في جدة، وأبرز المشاورات كانت بين الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس كتلة التنمية والتحرير الرئيس نبيه بري واعضاء كتلته وبين الحريري وكتلة الاصلاح والتغيير برئاسة العماد ميشال عون.
وقد أكد النواب الذين تمت استشارتهم على ضرورة تسريع تشكيل الحكومة لأن الوضع السياسي لا يحتمل مزيدا من التأخير بعدما دخل الفراغ الحكومي في شهره الرابع، حيث تمنى نائب رئيس المجلس فريد مكاري ان يأخذ الرئيس المكلف في الاعتبار ان البلد لا يجوز ان يبقى من دون حكومة. واضاف ان الرئيس الحريري لم يقصر بشيء، ولم يأل جهدا وانفتاحا لتشكيل الحكومة، ولكن للأسف هناك ثمة من يعمل على عدم انتظام المؤسسات ولا يريد لهذا البلد ان ينطلق، مشيرا الى انه قد حان الوقت لوضع حد لهذه السياسات وترك المخلصين من أمثال سعد الحريري للعمل من أجل الوطن.
وقال مكاري ان الرئيس المكلف منفتح على كل الصيغ لتشكيل الحكومة.
الالتزام بالطائف
بعد ذلك استقبل الرئيس المكلف الحريري وفد كتلة التنمية والتحرير برئاسة أمين عام الكتلة النائب أنور الخليل، وكان الرئيس بري ترأس اجتماعا لكتلته قبل اللقاء مع الرئيس المكلف لمناقشة الموقف.
النائب أنور الخليل قال بعد اللقاء، استمعنا الى الرئيس المكلف وناقشنا القضايا الاقتصادية والمعيشية وأكد على جملة مواقف. أولها تشكيل حكومة وحدة وطنية على قاعدة الصيغة المتفق عليها سابقا 15 – 10 – 5 ثم تطبيق اتفاق الطائف تطبيقا كاملا تمهيدا لالغاء الطائفية السياسية واعتماد اللامركزية الادارية، وما تبقى من بنود الطائف دون تطبيق.
الى جانب التأكيد على ما طرحته الكتلة في الاستشارات السابقة وخصوصا قضية الإمام موسى الصدر وتنفيذ مشروع الليطاني، والتعويضات السابقة عن حرب يوليو.
ثم التقى النائب روبير غانم الذي أوضح انه قدم موعده بسبب اضطراره للسفر وقال انه تمنى على الرئيس المكلف ان ينجح في مهمته بالتعاون مع الرئيس سليمان مشيرا الى انه ليس المطلوب المرور بأحداث أمنية للتوصل الى حل سياسي، داعيا للترفع عن الخصوصيات الضيقة وعدم قراءة الدستور من زوايا مختلفة.
وعقد الرئيس المكلف لقاء مطولا مع كتلة الاصلاح والتغيير برئاسة العماد ميشال عون الذي قال ان المشاورات جرت بطريقة غير كلاسيكية تناولت كل المواضيع المعقدة، وتبادلنا الآراء التي كانت فيها مصارحة هادئة.
واضاف: قررنا عقد جلسة ثانية لاستكمال المشاورات نظرا لاتساع رقعة الحوار مما يستوجب متابعتها ثانية، لأن المحادثات كانت مفيدة جدا، ونأمل ان تسير الأمور بالسرعة الممكنة دون تسرع.