بيروت ـ عمر حبنجر
اعلن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في ختام مشاوراته النيابية حول تشكيل الحكومة امس، ان بناء الثقة المفقودة بين اللبنانيين هو الاساس، واعطى الأولوية لحكومة وفاق وطني، مع ابقاء كل الاحتمالات مفتوحة.
وقال إن المسؤولية الوطنية تفرض علينا جميعا البحث عن مخرج لهذه الازمات، ومن هنا طرحت على الزملاء في الكتل النيابية مجمل التحديات التي تواجه لبنان، التحديات السياسية المتعلقة بتطوير النظام السياسي، والتحديات الامنية لاسيما خطر الاعتداءات الاسرائيلية ومخاطر تسلل قوى الارهاب والتحديات الاقتصادية والاجتماعية وصولا الى الدين والكهرباء والبيئة والضمان الاجتماعي وسائر المشاكل.
واضاف: النقاش كان جديا ومسؤولا وعزز عوامل الثقة وفتح ثغرة في الجدار بين القوى السياسية، واسس للبحث في تحصين اتفاق الطائف وايجاد الارضية المشتركة حول قانون عصري للانتخابات واللامركزية الادارية وكيفية مواجهة الطائفية، والمذهبية وانا اراهن على أن تكتمل صورة هذا الحوار من خلال حكومة جامعة قادرة على ادارة شؤون الناس.
وتابع يقول: لا أخفيكم انني اعطي الأولوية لحكومة وفاق وطني، لكن الأمور تبقى مفتوحة على كل الاحتمالات اذا عدنا للجدار المسدود لا سمح الله وسأبقى متفائلا بإذن الله.
وامتنع الحريري عن الرد على اسئلة الاعلاميين غير انه استطرد قائلا من خارج البيان المكتوب الذي تلاه: ان اهم شيء هو بناء الثقة وواضح ان الثقة مفقودة بين الافرقاء وهذا ما يجب اعادة بنائه، خصوصا اننا نتحدث عن حكومة وفاق وطني، ويجب ان تكون هناك مشاورات دائمة بين كل الاطراف لأن من يكون شريكا في هذه الحكومة عليه ان يكون شريكا بالفعل.
حذر الحريري وتفاؤل سليمان
هذا التفاؤل الحذر في كلام الحريري يعكس استمرار غموض الرؤية الدولية والاقليمية في حين بدا التفاؤل سمة الاجواء الرئاسية ايضا استنادا الى الاجواء الايجابية على المستوى الاقليمي، واشارت المصادر الى زيارة قد يقوم بها الرئيس ميشال سليمان الى المملكة العربية السعودية لتهنئة الملك عبدالله بن عبدالعزيز بافتتاح الجامعة التي تحمل اسمه كما سيزور اسبانيا في 18 اكتوبر الجاري.
حزب الله: تمرير للوقت
غير ان تلفزيون المنار الناطق بلسان حزب الله، يرى ان الحركة الداخلية المفعمة بالتفاؤل تبدو مجرد تمرير للوقت ريثما يكتمل مشهد التقارب السعودي ـ السوري، مع زيارة خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الى دمشق علما ان مراسل المنار في دمشق انس ازرق نفى في رسالة صوتية ظهر امس ان يكون اي مصدر سوري او سعودي اكد الموعد الشائع للزيارة الثلاثاء المقبل.
الفصل بين الزيارة والحكومة
وفي هذا السياق ذكرت مصادر معارضة ان مصير الحكومة لم يعد معلقا بزيارة خادم الحرمين الى دمشق، لكن وهج الحاجة للتقارب بين الرياض ودمشق، جعل الوقائع تفرض نفسها على عدد من الملفات الكبرى في المنطقة، وأولها الملف الفلسطيني، ولن يكون الملف اللبناني بعيدا عن هذا الوهج الأمر الذي رفع منسوب التفاؤل بقرب ولادة الحكومة.
وقالت صحيفة السفير القريبة من دمشق ان لقاء جدة بين خادم الحرمين والرئيس السوري د.بشار الاسد تمخض عن توافق سعودي ـ سوري على النقاط المحسومة التالية: أولا: عدم رهن العلاقات السورية ـ السعودية بتطورات الملف اللبناني نهائيا، ثانيا: يتعهد البلدان بعدم التدخل في اي شأن داخلي لبناني.
ثالثا: على صعيد تأليف الحكومة الجديدة لا تدخلات سعودية او سورية لا في الاسماء ولا في الحقائب وترك الامور لتوافق اللبنانيين.
ويبدو ان الوقائع العراقية والفلسطينية واللبنانية اوصلت الجانبين السوري والسعودي الى نقطة مشتركة وهي الجلوس على طاولة واحدة مقدمة لوقف التدهور في الوضع العربي، وهذا ما يفسر دعوة وليد جنبلاط الى تحصين الحوار السعودي ـ السوري بحوار عربي ـ ايراني، كشرط ضروري مكمل للتفاهم السوري ـ السعودي.
أوساط رسمية مطلعة رأت ان العد العكسي لولادة الحكومة قد بدأ، استنادا الى المجريات الدولية والاقليمية، وابرزها المسار السعودي ـ السوري، والحوار الاميركي ـ السوري، والسوري ـ الفرنسي، فضلا عن اختبار نتائج مفوض الأمن والخارجية الأوروبية خافيير سولانا مع سعيد جليلي بشأن الملف النووي الايراني فضلا عن ظهور نتائج اجتماع الدول الست في جنيڤ لبحث العقوبات على طهران.
وأشارت الأوساط المتفائلة لحد ما الى ان المباحثات السورية ـ السعودية ركزت على صدور مراسيم الحكومة في اسرع وقت كي يتسنى للرئيس المكلف، ان يصبح رئيسا فعليا للحكومة، ما يسمح له بمرافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الى سورية عند زيارته لها.
غير ان المصدر تطرق الى موقف حزب الله من الحكومة الذي لم يتضح بعد بانتظار نتائج مفاوضات ايران والدول الست الكبرى، بحسب المصدر.
عون للقاء جديد مع الحريري
وبالعودة للاستشارات الختامية امس فقد استهلها الرئيس المكلف بلقاء رئيس تكتل الاصلاح والتغيير العماد ميشال عون، الذي مهد له بتصريحات تلفزيونية تبدي استعداده للقبول بوزارة المال، مقابل 4 وزارات دولة، اي 5 وزراء، 4 موارنة وواحد ارمن ارثوذكس، متجاهلا تمثيل حليفه الوزير الكاثوليكي الياس سكاف وحليفه الآخر الدرزي طلال ارسلان.
ونصح عون رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع بعدم التدخل في شؤون التيار الوطني الداخلية، والا فسأقول ان في «القوات» من هو أكفأ منه ليكون رئيسا.
وبعد لقائه الرئيس المكلف قال العماد عون للصحافيين: المواضيع التي عرضناها الاسبوع الفائت كانت مدروسة ومتفاهمين عليها، وعسى ان ندخل قريبا في المرحلة النهائية التي هي تأليف الحكومة، وهذا كل ما أستطيع قوله وهو ان الموضوع كان واضحا كثيرا بالنسبة لنا وللرئيس المكلف وكنا متفاهمين بشأنه، وسيكون هناك لقاء آخر بالتأكيد.
وعندما سئل هل شمل الاتفاق الوزير جبران باسيل؟ قال للسائل: يا أخي لم نحك بالوزارات والاسماء، وإن شاء الله لا تظهر عقد، لكنه تجنب الحديث عن مواعيد محددة لتشكيل الحكومة، لافتا الى مرحلة جديدة من العلاقات جرى تكريسها خلال هذا اللقاء.
وعلمت «الأنباء» ان خلوة بين الرئيس المكلف والعماد عون، استغرقت ربع ساعة، بمعزل عن اعضاء كتلته.
«القوات» ضد توزير الخاسرين لكنها لن ترفضه
وبعد كتلة الإصلاح والتغيير التقى الرئيس المكلف كتلة «القوات اللبنانية»، مختتما مشاوراته بكلمة الى اللبنانيين ضمنها نتائج الاستشارات وتصوره للتشكيلة الحكومية.
النائب انطوان زهرة تحدث باسم كتلة القوات، مشددا على عدم منطقية توزير الخاسرين في الانتخابات في اول حكومة بعد الانتخابات، الا انه اكد ان «القوات اللبنانية» لن ترفض هذا التوزير، وانما سترشح شخصيات مهمة لم توفق في الانتخابات من قبيل المعاملة بالمثل.