تطغى في بيروت أجواء تفاؤل وتسود توقعات قوية بأن تولد الحكومة الجديدة، حكومة العهد الثانية وحكومة سعد الحريري الأولى، في وقت قريب يعد بالأيام ولا يتجاوز العشرة، من غير ان يكون مفهوما تماما كيف تتحرر عملية الحكومة خلال أيام مما راوحت فيه وظلت أسيرته طيلة أسابيع وأشهر، ولماذا حددت فترة «العشرة أيام» للافراج عنها؟ هل هذا يرتبط أساسا بالتفاهم السوري ـ السعودي المتجدد والمستأنف من حيث توقف قبل أشهر، وتحديدا بزيارة خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بعد أيام الى دمشق حيث يلقى استقبالا استثنائيا سيكون مؤشرا الى طي كامل صفحة الماضي ودخول التفاهم الثنائي حول لبنان حيز التنفيذ؟ أم انه يرتبط بجولة الحوار المستأنف بصعوبة وتوتر بين ايران والمجتمع الدولي وحددت له مهلة عشرة أيام لجلاء الموقف والصورة؟ أم انه يرتبط بالدخول الدولي «الاميركي ـ الفرنسي ـ التركي» الطارئ على خط تشكيل الحكومة اللبنانية والذي يشكل قوة دفع وعامل ضغط على الأطراف اللبنانيين كي يغادروا حال المماطلة والاسترخاء وعدم الاستعجال واستباقا لتطورات داهمة في المنطقة سواء منها ما يتصل بعملية السلام أو بالملف الايراني؟
يتزامن اشتداد التوقعات المتفائلة مع انتهاء الجولة الثانية للاستشارات الماراثونية ووصول عملية تشكيل الحكومة الى «خط النهاية»، ومع بروز تطورات ومعطيات جديدة تسهل التأليف وتوحي بأنه قريب وأبرزها:
- 1 - خلصت الاستشارات الى تغليب صيغة «15 ـ 10 ـ 5» على ما عداها رغم ان صيغة «حكومة أقطاب مطعمة بتكنوقراط ورجال اختصاص» كان لها حيز ومريدون، وتثبيت الاتفاق السياسي على الصيغة الحكومية من شأنه ان ينقل البحث فورا الى مرحلة «الحقائب والأسماء».
- 2 - التشكيلة الحكومية التي رفعها الرئيس المكلف سعد الحريري الى رئيس الجمهورية طويت «سياسيا» مع الاعتذار واعادة التكليف، ولكنها عمليا ما تزال قائمة وسيصار الى التعاطي معها واستخدامها كأساس للتفاوض، حول الحقائب والأسماء في المحاولة الثانية، ولكن مع ادخال تعديلات مقترحة من طرفي الأكثرية والمعارضة، وحيث ان الطرف الأول، لاسيما المسيحي، يسعى الى تعديل في نوعية الحقائب المعطاة له، فيما الطرف الثاني يسعى الى تثبيت المكاسب التي حصل عليها في التشكيلة الأولى مع ادخال تعديلات في الأسماء.
- 3 - العقدة الاساسية التي برزت في «التأليف الأول» والتي تمثلت بـ «وزارة الاتصالات وجبران باسيل» دخلت مرحلة الحلحلة ولم تعد كذلك بعدما بادر الرئيس ميشال سليمان الى أخذ الأمر على عاتقه عبر اسقاطه «الڤيتو السياسي» الموضوع على توزير الراسبين واخراج الرئيس المكلف من دائرة الاحراج واخراج الحكومة من المأزق اذا كانت فعلا أسيرة هذه العقدة، في الواقع حشر الرئيس سليمان بموقفه الجميع ودفعهم الى تقديم تنازلات لا تكون مقتصرة على جهة دون أخرى.
- 4 - المخرج الأكثر تداولا هو ان يبقى الوزير جبران باسيل في الحكومة ولكن ليس وزيرا للاتصالات، أما وزارة الاتصالات فإنها يمكن ان تؤول الى واحد من هذه الاحتمالات: ان تضاف الى حصة رئيس الجمهورية، أو ان تكون من حصة جنبلاط الذي يطرح مقايضتها بوزارة الأشغال، أو ان تكون من حصة بري، أي تكون من حصة المعارضة ولكن ليس من حصة عون، أو ان تظل من حصة تكتل الاصلاح والتغيير ولكن ليس للوزير باسيل وانما لوزير الطاشناق.