- البارزاني: لن نقبل أن تتحول الموصل إلى حلب أخرى
بعد شهور من الاستعادات العسكرية والضخ الإعلامي، بدأت معركة تحرير الموصل آخر أكبر معاقل تنظيم داعش في العراق أمس وسط مخاوف على مصير مئات الآلاف من المدنيين، في معركة ستكون نتائجها «حاسمة» في الحرب على الإرهاب، بحسب واشنطن.
وعبرت الأمم المتحدة على الفور عن «قلقها» بشأن حوالي 1.5 مليون شخص يعيشون في الموصل.
وقال نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والإغاثة العاجلة ستيفن اوبراين: «العائلات معرضة لخطر شديد بأن تصبح عالقة بين نارين أو مستهدفة من جانب قناصة». وتوقعت المنظمة الدولية أن موجة النزوح الكبرى ستبدأ خلال أسبوع.
وتحسبا لوقوع كارثة انسانية، تستعد وكالات إغاثة اللاجئين لحشد الجهود الإنسانية، وسط مخاوف من نزوح مليون شخص واستخدام الآلاف من المدنيين كدروع بشرية وربما تعرضهم لهجمات باستخدام غاز سام.وافتتح مخيم ديبكة للنازحين في عام 2015 حيث يؤوي الفارين من مناطق احتلها التنظيم. وحتى الآن استوعب المخيم نحو 36 ألف شخص. ويساعد المجلس النرويجي للاجئين في توفير خدمات عاجلة تشمل مياه وغذاء وإسعافات طبية لمساعدة الأسر الوافدة إلى المخيم.
وقالت كورتني لير القائمة بأعمال مدير المنطقة بالمجلس النرويجي للاجئين في أربيل: «يستعد المجلس النرويجي للاجئين الآن لموجات ضخمة من النازحين من الموصل. ونتوقع في الأسابيع القليلة الأولى وصول نحو 200 ألف شخص ووصول عدد النازحين من الموصل في الشهور المقبلة إلى 700 ألف شخص.
ويكافح المجتمع الإنساني من أجل الاستعداد لكن هذا العدد الضخم يشكل تحديا كبيرا». وبعد ساعات من اطلاق المعركة، أعلنت القيادة المشتركة للعمليات انها وصلت إلى مواقع لم تكن تتوقعها في اليوم الأول. وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي اعلن رسميا فجر أمس، بدء العمليات بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.وقال العبادي: «ساعة التحرير دقت واقتربت لحظة الانتصار الكبير (...) بإرادة وعزيمة وسواعد العراقيين».
وأضاف: «بالاتكال على الله العزيز القدير، أعلن انطلاق عملية تحرير محافظة نينوى».بدوره، اعتبر وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر أن العملية العسكرية تشكل «لحظة حاسمة في حملتنا لإلحاق هزيمة دائمة» بتنظيم داعش.وأضاف: «نحن واثقون من ان شركاءنا العراقيين سيهزمون عدونا المشترك ويحررون الموصل وبقية العراق من وحشيته».
ولم يذكر العبادي اي تفاصيل عن العمليات العسكرية. ويفترض ان تقتصر في مرحلة اولى على تطويق المدينة. وتفيد تقديرات اميركية بأن عدد مقاتلي التنظيم في المدينة يتراوح بين 3500 وأربعة آلاف شخص وقد أمضوا اشهر طويلة في الاستعداد لهذه المعركة.
وقال القائد الجديد للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش اللفتنانت جنرال ستيفن تاوسند ان عملية استعادة ثاني مدن العراق «ستستغرق اسابيع ومن الممكن اكثر من ذلك، سوف نستمر في توخي الدقة لمهاجمة العدو بإحكام وتقليل أي تأثير على المدنيين الابرياء».
ويخشى السنة، دخول قوات الحشد الشعبي التي يغلب عليها الشيعة والمدعومة من ايران والداعمة للحكومة، الى المدينة، ما يعني إمكان حصول عمليات تطهير طائفي أو أعمال انتقامية.على خط مواز، أعلنت القيادة العامة للقوات الكردية في بيان بدء «عملية واسعة النطاق لقوات البشمركة في منطقة الخازر شرق الموصل بالتنسيق مع قوات الجيش العراقي.. كمرحلة أولى لعملية تحرير الموصل من ايدي ارهابيي داعش».
وقام رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني ورئيس وزرائه نيجيرفان بارزاني بالتوجه الى محور الخازر شرق الموصل لتفقد سير العمليات العسكرية للبشمركة. وقال رئيس الاقليم ان التركيز الأكبر على مصير المدنيين العالقين في المدينة، وأضاف: «لن نقبل ان تتحول الموصل إلى حلب».
في اشارة إلى محاصرة النظام السوري لمئات آلاف المدنيين. وقد تخلل الاستعداد للمعركة مواجهة سياسية بين بغداد وانقرة التي عرضت تقديم الدعم، محذرة من مشاركة الميليشيات الطائفية.وأكد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الذي ينشر قواته في قاعدة بعشيقة شمال الموصل، انه من «غير الوارد» بالنسبة لتركيا ان تبقى خارج العملية التي اطلقتها بغداد لاستعادة المدينة.
وقال اردوغان في خطاب متلفز: «سنكون جزءا من العملية، سنكون متواجدين على الطاولة»، مضيفا ان «اشقاءنا هناك واقرباءنا هناك، ومن غير الوارد ان نكون خارج العملية».وقبل بدء العملية، دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التحالف الدولي الى تجنب سقوط ضحايا مدنيين في العملية.
القوات المنخرطة في معركة مدينة الموصل
بغداد - أ.ف.پ: تشارك قوات عراقية يدعمها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في عملية استعادة الموصل ثاني اكبر مدن العراق، من تنظيم داعش الذي يسيطر على المدينة منذ يونيو 2014.
لكن هذه القوات لن تلعب كلها دورا مباشرا في استعادة ثاني مدن العراق. وتبدو صور القوات المتصارعة في الموصل على النحو التالي:
- تنظيم داعش: عمل مقاتلوه المدججون بالسلاح منذ أكثر من سنتين على تعزيز دفاعاتهم في الموصل بعد أن قاموا باجتياح مدن ومناطق متعددة الى الجنوب منها خلال النصف الثاني من 2014، واستطاعت القوات العراقية استعادة أغلبها، ولم يبق سوى الموصل، آخر أكبر معاقل الدواعش في البلاد.
- قوات مكافحة الارهاب: تمثل قوات جهاز مكافحة الارهاب قوات النخبة الأكثر قدرة في العراق حاليا، ولعبت دورا رئيسيا في حسم اغلب المعارك ضد داعش. لكن الاعتماد المتواصل على هذه القوات خلال العامين الماضيين يتطلب منها مجهودا كبيرا.
- الجيش: استعادت قوات الجيش العراقية قدراتها من خلال التدريب الذي تلقته خصوصا من دول التحالف الدولي بقيادة أميركية، وتواجد مستشاري هذه الدول على الارض، ما مكنها من لعب دور اكبر وتحقيق انتصارات ضد الجهاديين.
- الشرطة: تشمل قوات الشرطة وحدات خاصة والشرطة الاتحادية والمحلية، ولعبت جميعها دورا مساندا لقوات الجيش خلال المعارك ضد الجهاديين.
- التحالف الدولي: تقود الولايات تحالفا دوليا ينفذ ضربات جوية ضد مقاتلي داعش في العراق وسورية. كما يتولى الآلاف من المستشارين تدريب وتسليح وتأمين معدات للقوات العراقية التي تقاتل التنظيم. اكثر من نصفهم من الأميركيين، ويقدم اغلب هؤلاء التدريب والمشورة بشكل رئيسي.
ويقدم التحالف الدولي بصورة رئيسية الدعم الجوي للعراق، تنفذ الولايات المتحدة 80% من الغارات.
وأعلنت واشنطن أخيرا انها سترسل 615 عسكريا إضافيين الى العراق، ما يرفع عدد قواتها الى أكثر من خمسة آلاف عسكريا في بلد قاتلت فيه قرابة تسع سنوات قبل انسحابها منه نهاية عام 2011.
وتنفذ الطائرات الاميركية عملياتها بصورة رئيسية انطلاقا من قواعد خارج العراق، أبرزها انجرليك في تركيا. كما تشارك طائرات اخرى من حاملة طائرات تمثل قاعدة ثابتة، في توجيه ضربات ضد الدواعش.
وأبرز القوات الاخرى المشاركة في التحالف مع عدد محدود من العسكريين على الأرض، تأتي من بريطانيا وفرنسا وكندا واستراليا ونيوزيلندا وإيطاليا.
- البيشمركة: البيشمركة قوات مسلحة تابعة لاقليم كردستان الشمالي الذي يتمتع باستقلال ذاتي. يفترض أنها ستنسق وتتبع قوات الحكومة المركزية، لكنها تنفذ عملياتها بشكل مستقل، وتخوض معارك ضد داعش على امتداد خط مواجهات يمتد لمسافات طويلة في شمال العراق.
- الحشد الشعبي: قوة منظمة شكلت عام 2014 وأصبحت الآن قوة كبيرة تعمل رسميا بإشراف حكومي. تتألف أغلبيتها العظمى من فصائل شيعية يتلقى البعض منها دعما من إيران. وتعرضت الى اتهامات بالتعرض الى المدنيين وممتلكاتهم وبارتكاب جرائم طائفية وعمليات قتل جماعي وعمليات انتقامية.
- قوات إيرانية: تقدم القوات الإيرانية المشورة والمساعدة والتمويل لبعض الفصائل الشيعية التي تقاتل ضد داعش في العراق. وقد التقطت صور لقائد الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني في عدد من المعارك في العراق.
- قوات تركية: تنتشر قوات تركية في قاعدة بعشيقة قرب الموصل انطلقت منها لتوجيه ضربات مدفعية ضد مقاتلي داعش. كما تتمركز قوات برية تركية في اقليم كردستان الشمالي على الرغم من رفض الحكومة العراقية ذلك ومطالبتها بمغادرتها، من دون أن يتسم الموقف بالحزم اللازم لإجبار الأتراك على الانسحاب.