عواصم ـ هدى العبود
بعيون ملؤها الأمل برأب الصدع، يتطلع العالم العربي والاسلامي الى الزيارة التاريخية التي يبدؤها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الى سورية اليوم والقمة التي يعقدها مع الرئيس السوري بشار الأسد بالتزامن مع احتفالاتها بالذكرى الـ 36 لانتصارات حرب تشرين التحريرية.
وقد كشفت مصادر مطلعة على زيارة خادم الحرمين الشريفين لدمشق ان المحادثات بين القيادتين ستتمحور حول عنوانين لا ثالث لهما، أولهما ملف العلاقات الثنائية، آخذة في الاعتبار أنه تم تعيين سفير سعودي جديد في دمشق هو عبدالله بن عبدالعزيز العيفان فيما يستعد السفير السوري الجديد لدى الرياض وزير الإعلام السوري السابق مهدي دخل الله للتوجه إلى المملكة في غضون الأيام المقبلة، بعدما أعلن رسميا عن قبول أوراق اعتماده، ومن المتوقع أن يتفرع ملف العلاقات الثنائية، من السياسة إلى الأمن وما بينهما من عناوين اقتصادية، خاصة في ظل تحديات مشتركة للبلدين، أبرزها تحدي مواجهة الإرهاب، ومن العلاقات الثنائية، إلى ملف الوضع العربي، بدءا بالموضوع الفلسطيني، في ظل فشل المبادرة الأميركية في تجميد الاستيطان لمدة محددة، وصولا إلى ملف المبادرة العربية للسلام، وسيكون ملف العراق بندا ثانيا في ظل التحديات المشتركة في هذا البلد الذي عانى الأمرين في ظل الاحتلال الأميركي، ومن ثم تتفرع الملفات، وحتما سيكون لبنان أحد مندرجاتها الطبيعية، في ضوء ما آلت إليه الأمور بعد الانتخابات النيابية الأخيرة وتكليف النائب سعد الحريري بتشكيل حكومة جديدة.
واذ أكدت دمشق ان الزيارة تبعث املا قويا في احياء التضامن العربي وستكون مصدر خير للامة العربية، قالت صحيفة «البعث» الناطقة بلسان الحزب الحاكم «ان زيارة العاهل السعودي الى سورية في الوقت الذي تحتفل فيه بالذكرى الـ 36 لحرب تشرين (اكتوبر) تستعيد ذكرى بطولاتها الخالدة التي ألهمت الاجيال العربية وأسست لنهج المقاومة الذي يشكل اليوم امل الامة في دحر العدو الصهيوني تبعث املا قويا في احياء التضامن العربي الذي تحول العرب بسبب غيابه الى لقمة سائغة لقوى الهيمنة والتسلط ولحقت بقضاياهم وفي مقدمتها قضية فلسطين افدح الخسائر».
ووصفت اللقاء السوري - السعودي بأنه «كان على الدوام مصدر خير عميم للامة العربية كونه احد اهم اللقاءات العربية المؤهلة لتحقيق المصالحة العربية واعادة اللحمة الى الصف العربي الممزق، معتبرة أن «العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين كانت دائما علاقات اخوية حارة مبنية على اسس راسخة من وحدة الانتماء القومي والمصالح المشتركة واهمية وتكامل الدور العربي والاقليمي للبلدين».
وأكدت أن القيادتين السورية والسعودية ومن خلال التعاون والتنسيق والتشاور بينهما تمكنتا من تذليل وتجاوز كل الصعوبات التي اعترضت طريق تطور العلاقات بينهما والمضي قدما نحو تعزيزها وتمتينها بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين والامة العربية جمعاء.
واضافت «لقد خاض العرب حرب تشرين التحريرية من اجل استرجاع اراضيهم المحتلة واستعادة حقوقهم المغتصبة وها هم بعد مرور 36 عاما على تلك الحرب مازالوا بعيدين عن تحقيق اهدافهم رغم تقديمهم عام 2002 مبادرة السلام العربية فقد رفضت اسرائيل هذه المبادرة ومازالت واستمرت في تعنتها وعدوانيتها حتى بعد ان حذرها خادم الحرمين الشريفين في قمة الكويت عندما قال ان مبادرة السلام لن تبقى على الطاولة الى الابد».
من جهتها افردت الصحف السعودية افتتاحياتها أمس للزيارة الحدث وتحت عنوان «زيارة الملك لدمشق.. تتويج للتاريخ المشترك» قالت صحيفة «اليوم» في افتتاحيتها تكتسب زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، للشقيقة سورية، بعدا إقليميا هاما، ذلك أنها تعتبر اختراقا لكل المحاولات الرامية إلى عزل شعوب الأمة العربية الواحدة، وتجسد في المقابل، حرصا سعوديا على أعلى المستويات، على سيادة مفاهيم الإخاء والتواصل، وإحياء مرحلتي التقارب، والتضامن العربيين. واعتبرت الزيارة انتصارا لحكمة العقل، وتجسيدا لحجم الجهود السعودية التي يقودها خادم الحرمين الشريفين ويدعو لها باستمرار، من أجل صياغة وجدان عربي واحد، بموقف موحد، وبعمل مشترك، تأتي في وقت كان يراهن فيه كثيرون على استمرار حالة التباعد العربي، خاصة بين العواصم المؤثرة والنافذة.
أما صحيفة «المدينة» فقد اعتبرت في افتتاحيتها تحت عنوان «المصالحة: إستراتيجية سعودية» أن «ما نشاهده اليوم من مؤشرات إيجابية على صعيد تحقيق الوفاق والتضامن العربي يشكل بارقة أمل في إمكانية أن تتخطى الأمة العربية عتبة الانقسام والخلاف التي وضعتها القوى المعادية من خلال زرع الفتن وبؤر التوتر في أرجاء الوطن العربي بما يعتبر ثمرة يانعة لهذه الجهود الطيبة التي شاركت فيها وتعاونت على تحقيقها العديد من الأطراف العربية - إلى جانب المملكة- وفي مقدمتها الشقيقتان مصر وسورية».
ووفقا لمصادر اعلامية سعودية فانه من المقرر ان يرافق الملك عبدالله في زيارته كل من وزير الاستخبارات الامير مقرن بن عبدالعزيز ووزير الثقافة والاعلام عبدالعزيز خوجة ووزير العمل غازي القصيبي ومستشار الملك الأمير عبدالعزيز بن عبدالله.
أضواء على الحدث
استبعاد أمرين: مصادر سياسية واسعة الاطلاع في معرض متابعتها للقمة السورية - السعودية المرتقبة في دمشق وتأثيرها على الوضع اللبناني، تستبعد أمرين: ان تشكل الحكومة قبل القمة أو بالتزامن معها، وان يزور الرئيس المكلف سعد الحريري دمشق قبل تشكيل الحكومة.
المصالحة العربية: يولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أهمية خاصة لـ «الوضع العربي وتنقية العلاقات العربية - العربية، بدءا من مصالحة الرئيسين المصري والسوري حسني مبارك وبشار الاسد»، ويتطلع الى ان يكون ذلك من أولى نتائج زيارته الى دمشق هذا الأسبوع، وهي الزيارة الأولى له منذ توليه العرش في المملكة (اغسطس 2005) بعدما كان زار دمشق مرات عدة عندما كان وليا للعهد.
تعديل برنامج الزيارة: رجح متابعون أن يكون قد حصل تعديل على البرنامج المعد لخادم الحرمين الشريفين، خاصة أن التحضيرات كانت قد بدأت تظهر إلى العلن في حلب واللاذقية، ولكن لم يقدم أي تفسير رسمي للتعديل المتعلق باختصار المدة من ثلاثة أيام إلى يومين، واشارت تقارير صحافية واردة من سورية الى انه ايا تكن مدة الزيارة فهي تقتصر على دمشق فقط.
وصول الوفود: أكدت تقارير صحافية ان الوفود الاعلامية السعودية المرافقة لخادم الحرمين الشريفين وصلت الى دمشق وكان سبقها وفد من التشريفات الملكية والحرس الملكي تمهيدا للزيارة، وملأت فندق الفصول الاربعة الذي استنفر كل كوادره لاستقبال الوفد السعودي وكذلك فعل الشيراتون.
الضغط العربي: شكك وزير الخارجية السوري وليد المعلم في قدرة الجانب العربي ـ بالوضع العربي الراهن ـ أو الجانب الإسلامي ـ بالوضع الإسلامي الراهن ـ على الضغط على الإدارة الأميركية والرئيس باراك أوباما لممارسة المزيد من الضغوط والجهود لدفع الإسرائيليين نحو تليين مواقفهم من عملية السلام.
وتابع «العكس هو الصحيح نحن نلمس أن هناك تحركا وضغطا على الجانب العربي لاتخاذ خطوات عملية تكافئ إسرائيل على تصلبها وتشددها، هذه الخطوات إذا اتخذها أحد الأطراف أقول سلفا انها ستعرقل عملية السلام».