دمشق ـ هدى العبود
العلاقات السورية ـ السعودية، ومعها العلاقات العربية، بعد قمة دمشق لن تكون كما كانت قبلها، بحسب معظم المحللين والمراقبين. اذ أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس السوري بشار الاسد عزمهما «إزالة جميع العوائق» و«استمرار التنسيق»، مؤكدين «حرصهما على استمرار التنسيق والتشاور بين البلدين وعلى جميع المستويات في القضايا والملفات التي تهم الشعبين الشقيقين، لاسيما أن ارتقاء العلاقات السورية ـ السعودية سينعكس ايجابا على مختلف القضايا التي تهم العرب جميعا».
فبعد زيارة أعادت العلاقات بين الرياض ودمشق الى مسارها الطبيعي، ودعت سورية بحفاوة بالغة لا تقل عن حفاوة الاستقبال أمس ضيفها الاستثنائي في ختام زيارة كان «لم الشمل» العربي عنوانها الأهم.
وقبل مغادرته دمشق عقد «الملك العروبي» كما وصفه الرئيس السورى بشار الأسد، جلسة مباحثات أخرى صباح امس، استكمالا لمباحثاتهما المطولة التي بدأت فور وصول خادم الحرمين إلى سورية أول من أمس.
وتناول الزعيمان في جلستهما الختامية امس، الوضع في لبنان وفلسطين والعراق وإيران.
وجرى الاتفاق بين الزعيمين على ضرورة انعقاد اللجنة العليا المشتركة السورية السعودية في أقرب وقت ممكن وأهمية تفعيل التعاون الاقتصادي والتجاري من خلال فتح آفاق جديدة وتشجيع رجال الأعمال في كلا البلدين على الاستثمار المتبادل للوصول بهذا التعاون الى ما يتطلع إليه الشعبان الشقيقان.
وبشأن الأوضاع المأساوية في الأراضي الفلسطينية المحتلة أكد الرئيس الاسد وخادم الحرمين على ضرورة وقف الاعتداءات المستمرة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني ومواجهة اجراءات الاحتلال الإسرائيلي لتهويد القدس وتوحيد جهود العرب والمسلمين لرفع الحصار عن المسجد الأقصى.
وحول الملف اللبناني فقد جرى التأكيد على اهمية تعزيز التوافق بين اللبنانيين والبحث عن نقاط التلاقي التي تخدم مصلحة لبنان من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية باعتبارها حجر أساس لاستقرار لبنان وتعزيز وحدته وقوته ومنعته.
وبشأن المستجدات على الساحة العراقية أكد الجانبان حرصهما على أمن واستقرار العراق ودعم كل ما من شأنه الحفاظ على وحدته أرضا وشعبا وتحقيق المصالحة الوطنية كمدخل أساسي لبناء عراق مستقل حر ومزدهر.
كما أكد الجانبان التزامهما بمواصلة الجهود من أجل تعزيز العمل العربي المشترك وبناء تضامن عربي متين لخدمة المصالح والقضايا العربية والإسلامية وعزمهما على التنسيق والتشاور فيما بينهما لتحقيق ذلك.
وفي وقت وصفت فيه المستشارة الاعلامية للرئيس السوري د.بثينة شعبان المحادثات بـ «الايجابية والودية والبناءة» استأثرت الزيارة التي لم تضاهها أهمية، الا احتفالات سورية بذكرى انتصارات حرب تشرين (اكتوبر) التحريرية، في يومها الثاني أمس باهتمام استثنائي من قبل الاوساط السورية الرسمية والاعلامية من حيث توقيتها بعد سنوات من الفتور الذي شاب العلاقات بين دمشق والرياض.
وقالت صحيفة «تشرين» الحكومية: لم يسبق ان حظي لقاء عربي بترقب دولي واقليمي واهتمام رسمي وشعبي واعلامي كما حصل في دمشق بمناسبة زيارة خادم الحرمين لسورية، مشيرة الى ان الزيارة «تكتسب اهميتها من توقيتها بعد سنوات مؤلمة من البرود بين العاصمتين اللتين تحملتا لسنوات طويلة عبء قيادة العمل العربي المشترك والدفاع عن مصالح هذه الامة» ما أسهم بتجنيب الامة العربية الكثير من الكوارث والأزمات في أكثر من مناسبة.
جدول مزدحم
واضافت ان القمة التي جمعت بين العاهل السعودي والرئيس السوري تتجاوز مفهوم التطبيع وكسر الجليد الذي ذاب بالفعل بين دمشق والرياض منذ مبادرة الملك عبدالله في قمة الكويت بدعوته للمصالحة العربية وطي صفحة الماضي، ولهذا فمن الطبيعي ان يكون جدول اعمال القمة مزدحما بمناقشة الكثير من القضايا والملفات التي تشكل بمجملها تحديات كبيرة للدول العربية في هذه المرحلة.
واوضحت الصحيفة ان ما تسفر عنه المباحثات من نتائج يحتاج الى تنسيق مستمر ومتابعة متواصلة لتجسيدها الى سياسات ومصالحات تساهم بإعادة الامة العربية الى خط سيرها الصحيح، معربة عن أملها في ان تكون القمة «البداية الخيرة» التي تعقبها خطوات قادمة لتحقيق ذات الهدف في القريب العاجل.
من جانبها، قالت صحيفة الثورة «ان امن واستقرار المنطقة يحتاجان الى الفعل العربي الذي يحتاج الى سورية والسعودية، وبالتالي ثمة فضاء واسع للحركة بالاتجاهين العربي والاسلامي، حيث الدول المجاورة المعنية تركيا وايران بصورة رئيسية».
وأعربت عن اعتقادها أن «الموعودين بالفعل السوري ـ السعودي كثيرون وفي مقدمتهم فلسطين ولبنان والعراق والجولان» الذي يتمثل في التمهيد لعودة العرب الى الساحة الدولية قوة واحدة تكون المساهم الاول في استقرار المنطقة وأمنها.