قرر الرئيس نبيه بري التوجه الى الامارات العربية المتحدة للقاء رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان وكبار المسؤولين، وعلى جدول أعمال الزيارة بند واحد هو معالجة قضية اللبنانيين المبعدين من الامارات والوقوف عن كثب على الأسبـــاب التي أدت الى هذا الابعاد واتاحة المجــال أمام المبعدين لترتيب أوضاعهم ومعالجــة كل وضع على حدة. وساهم قرار بري بالتوجــه الى الامارات في تسليط الضوء أكثر على هذه القضيــة التي تتفاعل منذ أسابيع وبدأت تأخذ حجما معينا وأبعادا مختلفة، سياسية أمنية، وانسانية اجتماعية.
وأما الأسباب التي تدفع بالرئيس نبيه بري للتوجه الى الامارات مع ان معالجة قضية لبنانيين مبعدين لا تقع مباشرة في نطاق اختصاصه ومسؤولياته وانما في نطاق عمل السلطة التنفيذية ورئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية:
1- الطابع الخاص الذي أخذته قضية المبعدين كونهم ينتمون الى الطائفة الشيعية، ولأن الابعاد تم لأسباب أمنية غير معلنة ما أدى الى ان تصبح مسألة الابعاد موضع لغط شديد واستغلال وتفسير وكادت توضع في خانة الاستهداف الجاري للشيعة والتضييق عليهم في دول عربية عدة بتهمة الارتباط بإيران وحزب الله والقيام بأنشطة أمنية ومالية مشبوهة.
مع اتخاذ المسألة هذا البعد نتيجة ربطها بـ «أمن الدولة» في الامارات، شعر الرئيس بري بان المسألة تسلك منحى خطيرا ويجب العمل على احتوائها قبل فوات الأوان.
فما يجري يندرج في عملية استهداف منهجي للوجود الشيعي في دول عربية عدة، بحيث بات يخشى ان تحذو دول عربية، خصوصا خليجية منها، حذو دولة الامارات لإبعاد مئات وآلاف اللبنانيين الشيعة العاملين لديها خلال الأشهر القليلة المقبلة، وان يكون هناك دخول خارجي، اميركي واسرائيلي، على الخط ومن خلفية تحريض الحكومات العربية على الشيعة باعتبارهم كلهم «حزب الله» وتزويدها بمعلومات خاطئة ومضللة.
2- «مسألة المبعدين» بدأت ترتب انعكاسات وتداعيات سلبية على العلاقات بين لبنان والامارات بعدما خرجت عن «سكة» الاتصالات والمعالجات الديبلوماسية والسياسية وانتقلت الى الإعلام و«الشارع اللبناني» (مضايقة الاماراتيين ومعاملتهم بالمثل) مع كل ما يحمله هذا الانتقال من عوامل الاثارة والشحن والتوتير، ومن مخاطر الاساءة الى العلاقات بين لبنان ودولة الامارات خصوصا والدول الخليجية عموما. وهذا ما لا يريده الرئيس نبيه بري ولا قيادات الطائفة الشيعية ولا المسؤولون اللبنانيون.
وبالعكس هناك حرص شديد على العلاقة مع الامارات التي يوجد فيها أكثر من مائة ألف لبناني يعملون في ظروف جيدة ويعاملون كأهل ومواطني البلد، والتي تقف دائما الى جانب الشعب اللبناني في أوقاته الصعبة.
وهذا ما فعلته «أبوظبي» في خلال حرب يوليو 2006 وبعدها، اذ أقامت جسرا جويا لإيصال المساعدات وأطلقت مشروع الامارات الذي من خلاله تمت اعادة بناء مئات المدارس المتضررة وعدد من المستشفيات، اضافة الى ما قدمته الى الجيش اللبناني وقوى الأمن من مساعدات عسكرية ومروحيات.
3- شعور الرئيس بري بأن الموضوع أخذ حجما كبيرا واكتسب أبعادا خطرة بحيث بات التعاطي معه بجدية ومسؤولية أمرا واجبا، وباتت معالجته غير ممكنة أو غير مجدية عبر الأقنية والطرق الديبلوماسية العادية، وباتت تتطلب اجراء اتصالات مباشرة ورفيعة المستوى مع المسؤولين في دولة الامارات.
4- تلقي الرئيس بري اشارات مشجعة من مسؤولي الامارات الذين تربطه بهم علاقات جيدة بأن هناك استعدادا للنظر بهذه المسألة، لاسيما ما يتعلق بشقها الانساني والاجتماعي وتسوية ما نتج من أضرار، وتقديم توضيحات وشروحات لنواح أخرى فيها غير معلنة. والأهم حصرها في اطارها الضيق.
فلا هي تحمل أي معنى من معاني الاستهداف لفئة لبنانية معينة، ولا يجب ان تؤثر سلبا على العلاقات اللبنانية - الاماراتية بأي شكل من الأشكال.