بيروت ـ عمر حبنجر
اجمعت ردود الفعل اللبنانية تجاه مقررات القمة السعودية ـ السورية على التنويه بأهمية الصفحة الجديدة التي فتحتها هذه القمة في علاقات البلدين الشقيقين، ولو ان البعض المح الى ان عدم اقتران القمة ببيان مشترك والاستعاضة عنه بتصريحات مستقلة عبر وكالتي اعلام البلدين، عكس عدم توحد المواقف من مجمل الملفات التي طرحت ومنها الملف اللبناني.
رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان تلقى امس اتصالا من الرئيس السوري د.بشار الاسد اطلعه خلاله على اجواء لقاء القمة والمحادثات التي اجراها مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في دمشق.
وابلغ الرئيس الاسد الى الرئيس سليمان ان المحادثات كانت بناءة وتناولت بالاضافة الى العلاقات الثنائية السورية ـ السعودية الشؤون العربية والاقليمية، وقد احتل لبنان حيزا مهما من هذه المحادثات.
واعرب الرئيس الاسد خلال الاتصال عن اهتمامه واهتمام الملك عبدالله ومتابعتهما لمجريات تطور الامور على الساحة وحرصهما على قوة لبنان ومناعته ووحدته من خلال قيام حكومة وحدة وطنية تعكس تفاهم اللبنانيين وتضمن توافقهم الذي يوفر انطلاقة جيدة لعمل الحكومة ويضع حدا لأي محاولة تعكير سياسي او امني على الساحة.
من جهته، شكر الرئيس سليمان للرئيس الاسد اتصاله والموقف الذي تم التعبير عنه تجاه لبنان، مشيرا الى ان هذه القمة تشكل حافزا عمليا لتوسيع دائرة التفاهم بين الاشقاء العرب لمواجهة التحديات التي تحفل بها المرحلة المقبلة بموقف موحد ومتضامن، مؤكدا ان التضامن العربي هو حجر الزاوية في سياسة لبنان تجاه اشقائه العرب.
الاستفادة من الأجواء
وزير الاعلام والثقافة السعودي عبدالعزيز خوجة اكد ان بوسع لبنان الاستفادة من اجواء هذه القمة، لكن موضوع تشكيل الحكومة شأن لبناني داخلي ويقع على عاتق اللبنانيين، نافيا اي خطة له لزيارة لبنان.
وواضح ان هذا الموقف يعكس عدم توافق البلدين على رؤى موحدة للموضوع الحكومي اللبناني، ما اوجب التفاهم بينهما على ترك الامور بمشيئة اللبنانيين انفسهم وضمن المعادلات المتفق عليها.
عضو مجلس الشعب السوري محمد حبش ابلغ اذاعة «صوت المدى» الناطقة بلسان التيار الوطني الحر في اتصال هاتفي ان القمة اعطت دفعات معنوية للقيادات اللبنانية تحثها على تشكيل الحكومة ولأن من العقل ان يكون تشكيل الحكومة امرا لبنانيا.
واضاف: صحيح ان هناك حالة من التحالف والتعاون والثقة بين احزاب وتيارات في لبنان وبين السعودية او سورية، لكن في النهاية القرار لبناني. وعما تنتظره دمشق من الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، قال: لا اعتقد ان هناك ما يحول دون قيام الرئيس المكلف بالتشاور مع كل الفرقاء في الداخل ومع الاصدقاء في الخارج ايضا، واذا كان ذلك ضروريا فيجب ان يقدر هذا الرئيس المكلف والرئيس اللبناني ميشال سليمان كونهما المعنيين بتشكيل هذه الحكومة، ولا اعتقد ان هناك قرارات يجب ان تتخذ من الخارج، ويجب ان يطمئن اللبنانيون الى تشكيل حكومة صديقة لمحيطها، وليست مستفزة او معادية لجيرانها.
خيارات الرئيس المكلف
وعن زيارة الرئيس الحريري الى سورية وما اذا كانت باتت اسهل بعد زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، قال ان لدى الرئيس الحريري خيارات ينبغي ان يقرأها جيدا، وفي المحصلة يجب ان يبذل كل الجهود لبناء دولة حقيقية آمنة مسالمة لجارها العربي الوحيد. وسألت الاذاعة العونية النائب السوري محمد حبش عن موقف مصر من القمة، فقال ان تحسن العلاقات مع مصر قادم، لكننا نواجه سياسة اميركية مصرة على منع الحلول، وهي سياسة رسمها بوش، لكن اوباما لم يستطع تغييرها ونحن لا ننتظر من اميركا ان تكون صديقا ودودا للعرب. رئيس حكومة تصريف الاعمال فؤاد السنيورة اعتبر ان لبنان من اكثر المستفيدين في الدول العربية عن عودة الوئام والعلاقات الطيبة بين سائر العرب.
السنيورة تحدث امس بعد استقباله سفير الامارات العربية المتحدة الذي تباحث معه في موضوع اللبنانيين المبعدين من الامارات، واضاف قائلا: هناك من يحاول النيل من الامن في لبنان، وربما يؤدي ذلك الى النيل من النتائج التي اسفرت عنها القمة، وهي بشكل اساسي العمل على تعزيز التضامن العربي، حيث يجب ان يكون واضحا لنا في لبنان ان لبنان هو اكثر المستفيدين بين جميع الدول العربية من عودة الوئام والعلاقات الطيبة بين شتى الدول العربية، لذلك نحن ندعم الجهود المبذولة وهذا ما كنت بادرت اليه في افتتاح جامعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لجهة زيارة الرئيس بشار الاسد للمملكة العربية السعودية وزيارة الملك عبدالله الى سورية تؤكد وتعزز ذلك.
أضواء على قمة دمشق.. لبنانياً
أسبوع حاسم: الانطباع السياسي السائد في بيروت بعد القمة السورية ـ السعودية في دمشق، ان الأسبوع المقبل سيكون حاسما على صعيد تشكيل الحكومة الجديدة، فإذا لم تعلن الحكومة خلال أيام ولم تتم الاستفادة من قوة الدفع السياسي للقمة، فإنها ستكون مؤجلة حتى إشعار آخر، وسيكون الوضع مفتوحا على توترات سياسية وغير سياسية.
الاطلاع على نتائج قمة دمشق: تردد ان الرئيس المكلف سعد الحريري سيتوجه الى المملكة السعودية، وان وفدا مشتركا من حركة أمل وحزب الله (النائب علي حسن خليل والحاج حسين خليل) سيتوجه الى دمشق قريبا، والهدف في الزيارتين واحد هو الاطلاع على نتائج القمة السورية ـ السعودية، وما تم الاتفاق عليه بخصوص لبنان وظروف تشكيل «حكومة الوحدة الوطنية» وما يعترضها من عقد داخلية حتى الآن.
اتصالات برؤساء الأحزاب: اتفق الجانبان السوري والسعودي على ان يقوم كل من جانبه بإجراء اتصالات برؤساء التيارات والأحزاب اللبنانية لتذليل العقد وتوفير المناخ اللازم لولادة طبيعية للحكومة من دون تأخير، نظرا الى ان أي اعاقة جديدة يمكن ان تدخل البلاد في مرحلة سلبية.
نظرة جنبلاط: في أول تعليق له على القمة السورية ـ السعودية قال النائب وليد جنبلاط انه «يقوم بشكل ايجابي نتائج القمة، لا سيما أننا والرئيس نبيه بري كنا ننتظر هذا التواصل الذي تحقق أخيرا بعد انقطاع طويل. وعلى جميع المعنيين في لبنان الآن تذليل كل العقبات لبلورة حكومة الوحدة الوطنية، فلا نضع كلبنانيين شروطا تعجيزية، ونستفيد من الفرصة الذهبية المتاحة، بأن نحسن التقاط الاشارات ونسرع في الخطوات، لأن هناك قوى محلية واقليمية ودولية تريد تعطيل هذا اللقاء السوري ـ السعودي».
ونقل عن النائب وليد جنبلاط قوله إن نتائج القمة «مبدئيا جيدة، والمهم المتابعة، وعدم دخول أطراف متضررة خارجية وداخلية على خط التوتير الأمني والسياسي»، مشيرا إلى تخوفه من تكرار الحوادث الأمنية في منطقة جبل محسن، وإلى أنه لفت النائب السابق علي عيد ونجله رفعت إلى «الانتباه والتهدئة، لأن هناك من يريد التوتير». (تلقى رفعت عيد اتصالا من جنبلاط دعاه فيه لضبط النفس واعتماد الحكمة في معالجة الأمور).
الحريري ودمشق: تشير أوساط قريبة من دمشق الى انه لا تحفظ لدى القيادة السورية على رئاسة سعد الحريري لحكومة الوحدة الوطنية، وهي ترغب في رؤية الحريري على أرضها بصفته رئيسا للحكومة اللبنانية تتحاور وإياه في علاقات البلدين بعد إزالة رواسب الماضي القريب.
ولكن دمشق تشترط في المقابل، تمهيدا لاستقباله رئيسا للحكومة اللبنانية على أراضيها، اتخاذه موقفا إيجابيا من سورية، على غرار المواقف التي سبقه إليها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، بإبداء استعداده لزيارة سورية لطي صفحة الماضي وتحديد علاقته بها بما يمحو ما رافق الأعوام الأربعة المنصرمة. وإذ لا تصر دمشق على اعتذار يقدمه الحريري إلى قيادتها، تأمل اتخاذه مبادرة سياسية حيالها تطوي آثار الأعوام الأخيرة، مع كل ما عدته سورية ولاتزال إساءة لها.