بين روعة معالم الفن المعماري الممتدة في مختلف مناطق البلاد بمعالمها الحضارية والمشاريع الإنشائية ثمة فن من نوع آخر ترسمه أنامل شبابية متطوعة استرعى انتباهها مساحات أسمنتية متروكة بلونها الباهت مشكلة صورة غير مقبولة أشبه بتلوث بصري في محاولة من هؤلاء لإكمال جمالية الصورة البصرية.
وفي المجمل ربما لا يركز مقاولو المشاريع الإنشائية الكبيرة كالجسور والمباني والمؤسسات على كثير من التفاصيل في مشاريعهم لتصبح تلك المساحات الأسمنتية الباهتة بادية للعيان جيدا في أكثر من مكان ومبنى وتجمع تجاري أو سكني وتنتشر على مساحات واسعة من مناطق الكويت السكنية والتجارية والاستثمارية.
ومع التوجه الشبابي في البلاد المطرد في اتساعه نحو الأعمال التطوعية في شتى المجالات برزت أخيرا ظاهرة جديدة تعنى بالفن والرسم على الجداريات أخذت على عاتقها مسألة معالجة مشكلة تلك المساحات الباهتة وتبديد التلوث البصري بأعمال فنية عملاقة حيث يتولون الرسم على هذه الجدران الأسمنتية بما يضفي على المباني وتصاميمها المعمارية بعدا فنيا جديدا محملا برسائل شتى.
ويمكن للمشاهد رؤية ذلك في العديد من المناطق حيث امتدت ريشة هؤلاء الشباب لترسم صورا ذات معان ثقافية أو وطنية أو اجتماعية أو تراثية وغيرها وحتى رسومات تعود بنا إلى الذاكرة من خلال رسم شخصيات متعددة ذات بصمة معينة تركت مكانها في وجدان الأجيال.
وقال رئيس فريق جداريات التطوعي سليمان وليد الروضان إن هدف الفريق تزيين الجدران التي أسيئ استغلالها وتقليص التلوث البصري في بيئة الكويت العمرانية علاوة على خلق صلة وصل بين الفنانين والمتطوعين الشباب وتشجيع الإبداع والفن وإضافة قيمة جمالية إلى الأماكن العامة.
من جانبها قالت عضو فريق جداريات التطوعي هند فرانسيس إن فن الجداريات يمتاز بتعابيره عن الأحداث المحيطة أو التاريخية ويلهم المارة برسائله وتعابيره ولايعتبر هذا النوع من الفنون حديث الاكتشاف له بل له تاريخ طويل.
من ناحيته قال الرسام أحمد العميري إن تأثير الرسم في إيصال رسالة أيا كانت أقوى من تأثير الكلمات لأن الكلمات محصورة للقراء والرسم للكل مضيفا أن الرسامين يلجؤون إلى أكثر من وسيلة لإيصال رسالتهم إما عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي أو الإعلام أو عن طريق جدارية ما .
وأعرب العميري عن أمله وطموحه أن تصل مجمل الرسائل من خلال الرسومات بطريقة أخلاقية وهادفة ورسم لوحات جدارية تليق بالأمكنة التي سيتم الرسم فيها ليزيد جمال الموقع.
منجانبها قالت الرسامة زهرة المهدي إن فن الجداريات معروض على المساحة العامة وهو فن يبرز نفسه بنفسه وتعلق الجداريات عادة على الوضع السياسي والاجتماعي الحالي في البلد ويعبر عن رأي شخصي او فكرة او ماشابه .
وأعربت المهدي عن سعادتها بتفاعل الناس مع الجداريات التي قامت بها ومحاولة تفسيرها منها جدارية في منطقة القرين حيث ساهمت هذه الجدارية بتحويل الأماكن العامة إلى لوحات تعكس متعة بصرية تشجع على الحوار المدني بين الناس نوعا ما ويعزز توسيع الثقافة البصرية لجميع شرائح المجتمع الكويتي.