تميز اللقاء بين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس الحزب الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، وهو الثاني لهما بعد الانتخابات النيابية، بأمرين:
الأول: الأجواء الدافئة والودية التي خيمت على هذا اللقاء الطويل وحرص الطرفان على اضفائها، بما يعكس التحسن الملحوظ على مستوى العلاقة الشخصية وتقدم عملية اعادة بناء الثقة، وبما يدل على خروج جنبلاط بشكل واضح ونهائي من تحالف 14 آذار، وعلى ان قرار انفتاحه على حزب الله لا رجعة فيه الى الوراء وهو قرار يتجاوز تصفية رواسب وذيول أحداث 7 مايو الى ارساء أرضية سياسية مشتركة لعلاقة تحالفية، وعندما يقول جنبلاط انه خارج 14 آذار وضمن فريق الأكثرية، فإنه يقصد انه تخلى عن خط 14 آذار بكل ما يحويه من خيارات وعناوين وأدبيات وخطاب سياسي، لكنه لا يتخلى عن سعد الحريري وهو الذي يعطيه الأكثرية النيابية ويقف الى جانبه ويصوت معه كلما دعت الحاجة.
وتفيد المعلومات بان العلاقة بين السيد نصرالله والنائب جنبلاط تجاوزت مرحلة الخطر والحذر والهاجس الأمني مع اكتمال عقد المصالحات والتطبيع في الجبل وآخرها متوقع في الشويفات، وان المحادثات بينهما تجاوزت قضايا الساعة بما فيها الحكومة الى المسائل الاستراتيجية التي تتصل بالصراع مع اسرائيل ودور المقاومة، والمخاطر المحدقة بالقضية الفلسطينية والتهديدات الموجهة لإيران.
الثاني: حضور نجل جنبلاط «تيمور» اللقاء لأول مرة، وهذه هي الاطلالة السياسية الأولى لـ «تيمور» بعدما كانت اطلالته «الاعلامية» الأولى في مهرجان الانتصار لحزب الله في الضاحية الجنوبية «14 اغسطس الماضي» والتي تلتها اطلالة ثانية في مهرجان حركة أمل «ذكرى الأمام الصدر في 31 اغسطس»، ويتعمد جنبلاط ان تكون «معمودية النار» السياسية الأولى لـ «تيمور» مع حزب الله، وان تكون انطلاقته وأولى خطواته في مسيرته السياسية على طريق الزعامة من الضاحية الجنوبية ومن باب المقاومة وفلسطين والتحالف مع حزب الله وليس من أي مكان آخر.
في الواقع بدأ جنبلاط عملية توريث تيمور واعداده لخلافته في رئاسة الحزب الاشتراكي وفي الزعامة الدرزية، وبدأ في موازاة ذلك عملية انسحاب تدريجي من الحياة السياسية والاعداد لـ «تقاعده السياسي المبكر».
ويقال أيضا ان جنبلاط أسرع الخطى في تحضير تيمور لخلافته، والى جانب زيارات ولقاءات سياسية استهلت مع قيادة حزب الله، وستتوسع في اتجاهات أخرى، سورية وايرانية وفلسطينية، بدأ جنبلاط يشرك تيمور في الاستقبالات الأسبوعية الشعبية في المختارة، ويرسله الى المناطق والاحتفالات لتمثيله، والأهم من كل ذلك ان جنبلاط شرع في اجراء تغييرات جذرية في بنية الحزب الاشتراكي تحت عنوان ضخ دم جديد لتسليم قيادة شابة تنسجم مع تيمور ومع مقتضيات المرحلة الجديدة التي لها خطابها وعدة الشغل «التنظيمية والفكرية»، ثمة دوافع وعوامل كثيرة تدفع بجنبلاط الى فتح مسألة توريث تيمور باكرا: هناك العامل التاريخي ـ النفسي المتوارث والذي يقول ان زعماء آل جنبلاط يموتون «اغتيالا» عندما يبلغون سن الستين (وليد جنبلاط بلغه هذا العام»، وهناك عامل التجربة الشخصية التي لا يريد جنبلاط ان تتكرر مع نجله عندما خلعت عليه عباءة الزعامة فجأة ومن دون مقدمات واعداد، وهناك عامل الخصوصية الدرزية داخل المعادلة اللبنانية، حيث الجبل الدرزي مازال يحتوي مقومات «الامارة» غير المعلنة والزعامة الدرزية المعقودة اللواء للمختارة بدات تشهد اهتزازات وتحديات.