واشنطن - أحمد عبدالله
بينما يقال كل صباح في واشنطن ان الحرب السياسية التي باتت تسمم مناخ واشنطن ستنتهي على نحو ما، إذ من المستحيل ان تتصاعد أكثر فإن الصباح التالي يظهر ان تلك الحرب لا تتوقف عن التصاعد متغلبة على ذروتها التي بلغتها في اليوم السابق. وان كان عنوان تلك الحرب هو المواجهة بين أجهزة الاعلام وإدارة الرئيس دونالد ترامب فإن محتواها الحقيقي يتجاوز ذلك الى حالة الانقسام التي تزداد عمقا بمرور الوقت وتهدد الإدارة الأميركية بالوصول الى حالة من الشلل العام.
الأمر لم يعد الآن أمر سياسة واشنطن في الشرق الأوسط أو تجاه روسيا أو إزاء أوكرانيا. انه أمر حسم الصراع الشرس الذي يدور بين رئيس يرفض التراجع ولو بوصة واحدة ومعارضين يواصلون التصعيد بلا توقف. وفي غضون ذلك تكتسب حركة «إقالة ترامب» زخما شعبيا بينما يتوجه الرئيس الى قاعدته من المحافظين ليرفع الرهان ثم يلي ذلك منع «نيويورك تايمز» و«سي. ان. ان» و«بوليتيكو» من دخول البيت الأبيض ولو لحضور الإيجاز الصحافي اليومي.
والواضح ان الرئيس ترامب لا يدرك ان التسريبات التي تصل الى الاعلام مصدرها الأول من داخل إدارته، كما أن معارضيه لا يدركون ان للولايات المتحدة مسؤوليات دولية بصرف النظر عن اسم الرئيس وان عليها ان تنهي حالة الحرب الداخلية هذه لتتفرغ لمتابعة شؤون مصالحها القومية.
في آخر المفاجآت ان ممثلين عن إدارات المؤسسات الإعلامية الثلاث المحظورة من دخول البيت الأبيض التقوا في نيويورك بعد ظهر الجمعة واتفقوا على..التصعيد. بل ان هناك من يقولون ان تلك المؤسسات قررت ان تفسح مجالا أوسع للقائمين على حركة «إقالة ترامب» التي تنتشر الآن بين قواعد الناخبين في الولايات ذات التوجه الديموقراطي مثل نيويورك وكاليفورنيا وماساتشوستس.
وفي اللحظة ذاتها كان ترامب في مؤتمر صحافي يعلن انه بدوره قرر التصعيد حين استغرق 13 دقيقة في مطلع المؤتمر ليس للحديث عن قضايا الأميركيين الأساسية داخل البلاد أو خارجها وإنما للتأكيد على ان للأميركيين الآن عدوا رقم واحد: أجهزة إعلامهم.
الولايات المتحدة تستنزف الآن ليس في حروب خارجية كما ألف الأميركيون، ولكن في حروب داخلية اكثر شراسة من أي وقت مضى.