في سيناريو مشابه لاعتداءات «الأربعاء الأسود»، استعادت بغداد أمس ذاكرة الدماء اثر هجومين متزامنين نفذهما انتحاريان بسيارتين مفخختين، هزا مبنى وزارة العدل ومقر محافظة العاصمة ما أدى إلى مقتل واصابة مئات الاشخاص والى احتراق عشرات السيارات ودمار كبير في المباني المجاورة.
وهرعت فرق الدفاع المدني والاسعافات الى المكان في الوقت الذي غطت سحابة من الدخان والغبار سماء بغداد، واعلنت وزارة الداخلية عن سقوط ما لا يقل عن 138 شخصا وإصابة أكثر من 618 في التفجيرين بوسط بغداد.
ووقع الانفجار الاول في مبنى وزارة العدل الواقع بالقرب من تقاطع التلفزيون العراقي الرسمي ما اسفر عن «دمار كبير في جميع طوابقها المكونة من ستة طوابق»، وبعد مرور دقيقتين فقط وقع انفجار كبير امام مبنى مجلس محافظة بغداد الذي يضم مكتب محافظ بغداد، ما اسفر عن دمار هائل واحتراق عشرات السيارات كون المبنيين يقعان عند تقاطع مزدحم للطرق.
وفي أول تعليق حكومي على التفجيرين، حمل المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ في بيان عن رئيس الوزراء نوري المالكي من أسماهم بـ «التكفيريين والقاعدة والبعثيين» بالوقوف وراء الانفجارين، مؤكدا ان هدف التفجيرين هو عرقلة المحكمة الدولية التي تطالب بها بغداد لمعاقبة المتورطين في تفجيرات الاربعاء الاسود ومنها سورية واضاف الدباغ في تصريحات صحافية «ان الانفجارين اللذين وقعا يحملان نفس البصمات التي وقفت وراء انفجار يوم 19أغسطس الماضي من تكفيريين والقاعدة والبعث المقبور». واوضح «الأجهزة الأمنية والسياسيين ودول المنطقة يتحملون جميعا المسؤولية».
بدورها ادانت سورية امس «التفجيرات الارهابية» التي استهدفت مبنيين حكوميين في العاصمة العراقية بغداد و«أودت بحياة الكثيرين من المدنيين الابرياء واوقعت خسائر بشرية ومادية فادحة».
وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية ان بلاده «تؤكد ادانتها لمثل هذه الاعمال الارهابية المنافية للقيم الاخلاقية والانسانية»، مشددا على تجديد سورية «موقفها الثابت الرافض والمستنكر للارهاب ايا كان نوعه ومصدره».
من جانبه، قال الرئيس الأميركي باراك أوباما امس إن تفجيري بغداد «مشينان» وهما محاولة لإحباط التقدم المحرز في العراق.
وأضاف في بيان «هذان التفجيران لا هدف لهما سوى قتل الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال، وهما يكشفان برنامج الكراهية والتدمير الذي يتبناه من يريدون حرمان الشعب العراقي من المستقبل الذي يستحقه».
وقال البيت الأبيض إن أوباما اتصل برئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والرئيس جلال الطالباني عقب الهجومين، وتعهد أن تقف الولايات المتحدة مع العراقيين.
واعرب المصدر عن تعازي بلاده وتعاطفها مع اسر الضحايا والجرحى، مؤكدا على وقوف سورية الى جانب «الشعب العراقي الشقيق في مواجهة هذه الاعمال الاجرامية».
من جانبه قال وزير الامن الوطني العراقي شيروان الوائلي ان الحكومة العراقية لن تقف مكتوفة الايدي جراء هذه «الجرائم» التي يتعرض لها الشعب العراقي.
وقال الوائلي في تصريحات صحافية حيث كان متواجدا بالقرب من وزارة العدل المدمرة: «علينا الا نستبق الأحداث وان الحكومة العراقية لن تبقى مكتوفة الأيدي على مثل هذه الانفجارات». وأعلنت محافظة بغداد الحداد الرسمي لمدة ثلاثة أيام فيما تم اغلاق جميع الجسور التي تربط جانبي بغداد بالقرب من مكاني الانفجارين في ظل انتشار كبير لقوات الجيش والشرطة وفي الشوارع فيما لاتزال تسمع أصوات سيارات الإسعاف وهي تنقل المصابين الى المستشفيات.
و أعلن اللواء قاسم عطا المتحدث العسكري العراقي اليوم أن السلطات العراقية ستحاسب جميع الجهات والمقصرين جراء انفجارات بغداد.
وقال عطا، في تصريح صحافي، : «سنأخذ كل الاحتمالات بعين الاعتبار وسنحاسب المقصرين بعد اكتمال التحقيقات».
وأضاف «ان الأيدي التي نفذت انفجارات الخارجية والمالية في 19 اغسطس الماضي هي نفسها التي نفذت هذا العمل الإرهابي».