بيروت ـ عمر حبنجر
يبدو ان الحكومة في لبنان آتية، ولكن بعد حين فالتفاؤل الذي شاع في الأيام الأخيرة قياسا على دعوات خارجية وتواصلات داخلية، واكبت عودة الرئيس اللبناني ميشال سليمان من مدريد، بدا في الواقع مبالغا فيه، حتى بالنسبة للمراجع اللبنانية العليا التي رغم ذلك تابعت اتصالاتها بكثافة وحثت الاطراف على متابعة التواصل من اجل تشكيل الحكومة وملاقاة التطورات الاقليمية بالتخفيف من انعكاساتها السلبية على لبنان.
وردا على سؤال إذاعي قال وزير الداخلية زياد بارود إن الرئيس ميشال سليمان لم ينقطع يوما عن إجراء ما يلزم للخروج من الأزمة الحالية بحسب معطياته وبحسب صلاحياته الدستورية المتواضعة التي لا تسمح له بتدخل اكبر مما يفعل الآن ومع ذلك فإنه لم يتوان ولا في اي يوم عن اجراء ما يلزم، داخليا وخارجيا، ان على مستوى العلاقات اللبنانية ـ اللبنانية او على المستوى المتصل بالجانب السوري، حيث انه على اتصال دائم بالرئيس بشار الاسد وهناك خطوات تنسيقية واضحة.
واوضح بارود ان العلاقة مع سورية او غيرها لا تعني التدخل في الشؤون اللبنانية بقدر ما تعني مواكبة هذا الملف بمناخ معين وبإطار معين، وفي النهاية رئيس الجمهورية هو الساهر على الدستور والذي بين يديه هم كبير يشترك معه فيه الرئيس المكلف سعد الحريري، لأنه حسب الدستور تشكل الحكومة بالاتفاق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف. واضاف الوزير بارود: لقد عبر الرئيس سليمان امام وزير الخارجية الفرنسية كوشنير عما يتوافر حول آخر ما يقوم به على هذا الصعيد.
الكف عن الالحاح
مراجع لبنانية معنية دعت اصحاب الدعوات والكتب المفتوحة الى الكف عن هذا الإلحاح على الرئيس سليمان، متسائلا عبر «الأنباء» عما عسى الرئيس أن يفعله مادامت الأزمة اقليمية دولية، ولن يكون متاحا تشكيل الحكومة قبل الحلول او التفاهمات بين سورية والسعودية ومصر وايران والولايات المتحدة، حول العناوين المعروفة وسط غياب اي قرار داخلي وعدم تحلي الاطراف بأي مقدرة او رغبة في تشكيل الحكومة، مما يعطي الأولوية للانتظار ولتهدئة الأوضاع الداخلية.
وكان الرئيس المكلف سعد الحريري التقى العماد ميشال عون عصر السبت على مرحلتين، بحيث ارتفع عدّاد اللقاءات بينهما منذ تكليف الحريري بتشكيل الحكومة الى ستة بينما استمر منسوب التفاؤل على حاله، فقد تكتم الرجلان على النتائج ولئن اوحيا بأنها جيدة، وهذا ما عبر عنه الحريري بكلمة مقتضبة وما اوحى به العماد عون للصحافيين من بعيد.
بعد الاجتماع الأول غادر الحريري الى منزل نائب رئيس المجلس فريد المكاري المجاور لمنزل عون في الرابية حيث اجرى سلسلة اتصالات ثم عاد الى منزل العماد عون ليستكمل مباحثاته لنحو 20 دقيقة اضافية، دون ان يتسرب شيء عن المرحلة الثانية من اللقاء، ما أوحى بأن هناك طبخة لكنها لم تنضج. وهذا ما اكده العماد عون في تصريح مقتضب الى قناة otv الناطقة بلسان تياره، عندما قال: اي اتفاق لم يحسم بعد، لا بشأن وزارة الاتصالات ولا بشأن اي حقيبة اخرى.
ورأى عون ان التسريبات التي يعتمدها البعض لا تفيد اصحابها ولا تفيد الساعين للوصول الى حلول، مؤكدا ان لكل حل ثمنا.
مبدأ الشراكة
بدوره الوزير الياس اسكاف، قال بعد لقائه العماد عون في الرابية مساء: ان الازمة الحكومية تحل غدا اذا قبل الفريق الآخر مبدأ الشراكة.
اسكاف اتهم الاكثرية بمحاولة السيطرة على جميع الوزارات الاساسية لامتلاك البلد. ودعا اسكاف الى تمثيل زحلة بالحكومة لانها ثالث اكبر مدينة في لبنان واكبر مدينة مسيحية في الشرق.
الوزير غازي زعيتر، عضو كتلة التحرير والتنمية برئاسة الرئيس نبيه بري اكد على تضامن المعارضة مع العماد عون ومطالبه، بينما دعا وزير العدل ابراهيم نجار، بصفته الشخصية لا الحزبية القواتية، الى حكومة من 22 شخصا، على ان يشكل الاقطاب نواتها، من دون استبعاد اي طرف.
اما النائب علاء الدين ترو فقد رأى باسم اللقاء الديموقراطي ان عقبات عدة تحول دون تشكيل حكومة اكثرية.
العدل بدل الثقافة
وتقول مصادر في المعارضة تسنى لها لقاء عون بعد محادثاته مع الرئيس المكلف ان السلة التي عرضها الحريري على عون وكتلته تتضمن حقائب وزارات التربية الوطنية والشؤون الاجتماعية والمهجرين والثقافة، وان العماد عون طالب بحقيبة اكثر وزنا من الثقافة لانها، اي وزارة الثقافة لا تقدم خدمات لها طابع سياسي، وربما تؤول وزارة العدل الى التكتل عوضا عنها.
بيد ان رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع يرى ان المشكلة ليست في حقيبة أو اسم بل في مشروعين متناقضين، وقال: لن نقبل الا بتحقيق لبنان الذي نريد في كل خطوة نخطوها، بينما الآخرون يريدون لبنان الآخر، الذي ليس هو لبنان ابدا، لبنان اللاوطن، وتمنى على الرئيس سليمان وعلى الرئيس الحريري ان يركزا مساعيهما على الفريق الآخر، محذرا كما الرئيس نبيه بري من استمرار الفراغ الحكومي، وقال: من يقبل الوزارة فليدخل ومن يرفض يتحول الى المعارضة.
وعلى عكس المعطيات الواضحة حول الارتباطات الخارجية للاطراف، فقد ادعى النائب نبيل نقولا عضو التكتل العوني انه يخال ان قرار رئيس الحكومة المكلف مرتبط بالخارج!
وقال متسائلا: ما الذي يمنع كتلة التغيير والاصلاح من تولي وزارة العدل او وزارة الداخلية او الدفاع؟