awwademad@hotmail. com
مما لا شك فيه أن القمة العربية الثامنة والعشرين، التي تلتئم في العاصمة الأردنية عمان اليوم، تنعقد في توقيت على درجة عالية من الأهمية بالنسبة للعالم العربي، حيث تتعدد التحديات، وتتزايد الحاجة إلى حسم العديد من الملفات التي من شأن استمرارها تكريس حالة الاضطراب والضبابية التي خيمت على المنطقة في الفترة الأخيرة.
وعلى الرغم من وجود أجندة رسمية معتمدة للقمة، إلا أن هناك العديد من الموضوعات التي يلزم تدارسها وتنسيق المواقف بشأنها، سواء من خلال مناقشة البنود المدرجة على جدول الأعمال، أو عبر المباحثات في الجلسات المغلقة، ولعل أبرز هذه الموضوعات ما يلي:
1 ـ تنقية الأجواء العربية وإعادة ترتيب العلاقات البينية بين دول الجامعة العربية وتنقيتها مما علق بها من شوائب خلال العام الماضي، اتخذت شكل مواجهات إعلامية بين عدد من الدول الرئيسية التي يمثل التنسيق بينها شرطا ضروريا لتحرك عربي قوي للتعامل مع جميع التحديات والمخاطر التي تهدد دول الجامعة دون استثناء، فالانخراط في خلافات هامشية من شأنه ليس فقط استنزاف الجهد والطاقة، ولكن أيضا تشتيت المواقف تجاه القضايا الجوهرية، فما يثار عن خلافات خليجية- مصرية، أو مصرية- سودانية، أو مغربية- جزائرية يلزم العمل على تحييده على مستوى القادة في إطار سعيهم لتحقيق الأمن القومي العربي المشترك.
2 ـ وضع أسس تحرك عربي مشترك لإعادة ملف التسوية العادلة للقضية الفلسطينية إلى دائرة الاهتمام، خاصة في ضوء التطورات الأخيرة التي أعقبت تولي إدارة جديدة مقاليد الأمور في الولايات المتحدة في مطلع هذا العام، وما أثاره تأييد الرئيس دونالد ترامب، سواء خلال حملته الانتخابية أو في المؤتمر الصحافي الذي جمعه برئيس الوزراء الإسرائيلي في فبراير الماضي، لمواقف الحكومة الإسرائيلية في مجال الاستيطان، وإعلانه عن أن إدارته لن تقدم على انتقاد إسرائيل دوليا.
وفي هذا السياق، تبرز الحاجة لقيام القمة العربية ببحث أفضل السبل للتعامل مع هذا الملف، في ضوء ترجيح الرئيس الأميركي لفكرة الحل الإقليمي، الأمر الذي يتطلب بالضرورة موقفا عربيا جماعيا واضحا، ولعل من بين الخيارات التي يمكن بحثها تفويض الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ـ الذي يتوجه إلى واشنطن في أعقاب القمة- بنقل الموقف الجماعي العربي إلى نظيره الأميركي، تمهيدا لمناقشته بشكل تفصيلي خلال الزيارة المتوقعة للرئيس الفلسطيني محمود عباس، في وقت لاحق، aتلبية لدعوة من الرئيس الأميركي لبحث كيفية دفع عملية السلام.
3 ـ أهمية وضع تصور عربي واضح لسبل التعامل المستقبلي مع الأزمة السورية، التي أحدثت شرخا في وحدة الصف العربي من جانب، وأفرزت أزمة لاجئين جديدة تضاف إلى أزمة اللاجئين الفلسطينيين المزمنة من جانب آخر.
4 ـ ضرورة الإسراع في وضع استراتيجية متماسكة ومتعددة الأبعاد لاجتثاث الإرهاب من جذوره في المنطقة، ففي ضوء الضربات الموجعة التي تعرض لها تنظيم داعش في كل من سورية والعراق، تثور إشكالية سعي التنظيم إلى الظهور بواجهة جديدة على الساحتين الدولية والعربية - استنادا إلى ما حققته حملاته الدعائية خلال الأعوام الماضية - مستندا إلى خلايا نائمة وتحركات فردية من أفراد مهمشين ومتأثرين بداعيته، بهدف الإبقاء على حالة الاضطراب والرعب على الساحة الدولية، كما تشهد بذلك أحداث لندن الأخيرة، وكذلك الساحة الإقليمية التي قد لا تسلم من مثل هذه التحركات.