ماذا أبلغ الحريري كتلته؟: في خطوة اعتبرت مؤشرا الى حصول تطورات حكومية وشيكة، رأس الرئيس المكلف سعد الحريري أمس اجتمعا لكتلة المستقبل النيابية (الكتلة عقدت اجتماعاتها بعد الانتخابات برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة)، وأبلغ أعضاءها ان «الأمور ماشية ولا لزوم لأن يخربطها أحد».
ونقل نواب في الكتلة عنه «نحن لنا مصلحة وطنية في تشكيل الحكومة، ونحن جديون في هذا الموضوع»، داعيا أعضاء الكتلة الى «العمل بصمت».
وفي وقت لم يصدر أي بيان عن اجتماع الكتلة، علم ان الحريري أكد في الاجتماع انه مستمر في جهوده لتذليل العقبات وأنه لن يعتذر عن عدم التأليف وسيواصل سياسة النفس الطويل والحوار، مشيرا الى أن الأمر يحتاج الى التحلي بالصبر. وقالت مصادر نيابية إن الحريري أثنى على الدور الإيجابي الذي يلعبه النائب سليمان فرنجية في العلاقة مع عون. وذكرت المصادر أن نوابا سألوا الحريري: «ما الذي يضمن أن يتجاوب الفريق الآخر خصوصا أنك عرضت حقائب دسمة على العماد عون في التشكيلة التي سبقت اعتذارك»؟ فأجاب: «ربما في حينها لم يكن هناك قرار خارجي وإقليمي بتأليف الحكومة». واستنتج النواب من كلامه أن هناك تبدلا في الأجواء الإقليمية لمصلحة تسريع تأليف الحكومة.
رد متأخر: في الفراغ الحكومي اليوم، بحسب ما يقول احد الباحثين السياسيين، حالة مماثلة لما حدث أيام عزل الرئيس أميل لحود في بعبدا، بعد التمديد له ثم اغتيال الرئيس رفيق الحريري وعدد من قادة 14 آذار ومناصريها. إنه الرد المتأخر على ما حدث حينها. فرئيس الوزراء المكلف مطوق وحركته محدودة، لا يضع الصيغة الحكومية ولا يحدد الحقائب، ولا أسماء الوزراء، يتنقل بين طرف وآخر، يقبل بالدور السوري المباشر في تشكيل الحكومة، وسيقبل لاحقا بالبيان الوزاري، وهلم جرا. وبحجة منع الخلاف السني ـ الشيعي، يضيع الكلام وتصوب اتهامات التعطيل نحو آخرين، رغم المأزق الذي تتلمسه قيادات سنية فاعلة خلال حديثها عن موقع رئاسة الحكومة وخوفها من استمرار تعطيل دورها.
المداورة الموضعية: اقترح الرئيس نبيه بري على الرئيس الحريري نوعا من «المداورة الموضعية» في الحقائب، بحيث يحتفظ العماد عون بالاتصالات والطاقة، على ان تخضع الثقافة والشؤون الاجتماعية الى الأخذ والرد. وتحتفظ كتلة التنمية والتحرير بالصحة والخارجية على أن تصبح الصناعة موضع بحث، وهكذا دواليك. إلا ان الحريري رفض هذا الطرح.
حزب الله وسليمان: تبدي أوساط نيابية في حزب الله ارتياحا متزايدا الى أداء الرئيس ميشال سليمان ومواقفه في الفترة الأخيرة، فترة ما بعد سفره الى نيويورك، بدءا من تصريحاته الى جريدة «الحياة» وضمنها مواقف واضحة من المقاومة والدورين الإيراني والسوري، الى موقفه من الخروقات الإسرائيلية للقرار 1701، وصولا الى زيارة الوزير زياد بارود الى الجنوب التي جال خلالها على أماكن رمزية حدودية (مارون الراس وبنت جبيل ورميش)، وأطلق مواقف تضامنية حارة مع المقاومة، وهو أول وزير للداخلية يزور هذه المنطقة من الجنوب منذ أربعة عقود. وفي اعتقاد أوساط قريبة من حزب الله، فإن أهمية زيارة بارود الى المنطقة الحدودية تكمن في ما تحمله من رسالة سياسية من رئيس الجمهورية (الذي يحسب عليه بارود في فريقه الوزاري حاليا ولاحقا) مفادها التضامن مع المقاومة وإبقائها خارج التجاذبات السياسية الداخلية واستمرار التناغم بين المقاومة والدولة.
تفتيت ثورة الأرز: يتحدث بعض مسيحيي 14 آذار عن وجود مؤامرة لنسف نتائج الانتخابات، وتفتيت «ثورة الأرز»، وكانت الحلقة الأولى بمغادرة وليد جنبلاط موقعه، وهي تستكمل الآن مع الرئيس المكلف وتكتل تيار المستقبل عن طريق تعزيز أواصر الانفتاح والحوار بينه وسائر أطياف المعارضة، وإرضاء العماد عون بحقائب وزارية يمكن أن تكون من حصة مسيحيي الأكثرية، وإن سليمان فرنجية يقوم بدور «كاسحة الألغام»، وتنصب مهمته باتجاهين: تعبيد الطريق ما بين بيت الوسط والرابية، بعد معالجة ما بقي من إشكالات، والعمل على بناء جسور الثقة بين الحريري والقيادة السورية.
انقسام الأكثرية: تتحدث مصادر المعارضة عن انقسام الأكثرية الى فريقين:
الفريق الأول يشعر بالهزيمة نتيجة النكسات المتتالية، إذ يرى ان عصا الحكم أفلتت من يد الأكثرية التي لم تستطع كسب أي «معركة» إلا في انتخابات هيئة مجلس النواب، وهي معركة هامشية نسبة الى المعارك الأخرى. ويرى هذا القسم الأكثري ان السير في المفاوضات المستمرة لتأليف الحكومة خسارة إضافية. أما القبول بتوزير الخاسرين، وأولهم جبران باسيل، فيجسد الضربة القاضية لقوى 14 آذار. ويقول هذا الفريق ان ما يحصل هو القبول بالمعادلة الأولى، أي تدمير 14 آذار مقابل تأليف الحكومة. أما الفريق الثاني، فينظر بإيجابية الى التطورات انطلاقا مما يجري في المنطقة بعد زيارة الرئيس السوري الى جدة ثم زيارة الملك السعودي الى دمشق، وفتح القنوات السورية ـ التركية، واليوم مع الحديث عن زيارة الرئيس السوري الى القاهرة في منتصف تشرين الثاني المقبل. تأتي هذه الجرعات على اعتبار ان استمالة سورية الى المحور العربي بدأت تحقق النجاح، وإبعادها عن ايران أصبح ممكنا.
ثقة جعجع: أبلغ رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع سائلين انه واثق من ان الرئيس المكلف سعد الحريري لن يتخلى عن حلفائه المسيحيين مهما كانت الضغوط ومهما كان الثمن، وان الحريري يدرك من هم الممثلون الحقيقيون للمسيحيين، مؤكدا «انني أعرف الشيخ سعد ربما أكثر من غيره وأعرف معدنه».