بيروت ـ عمر حبنجر
مرة اخرى تقرع طبول الحكومة اللبنانية وتصدح الابواق واذا لم تعلن الليلة الفائتة فستكون جاهزة للاعلان اليوم بناء على ما أكدته مصادر في قصر بعبدا ان الرئيس المكلف سعد الحريري سيحمل إلى الرئيس ميشال سليمان اليوم السبت تشكيلته الحكومية الأخيرة، تمهيدا لاصدار مراسيمها.
وعلمت «الأنباء» انه كان منتظرا نقل التشكيلة الحكومية الى القصر الجمهوري مساء امس، إلا أن عقبات نشأت بين قوى الاكثرية حول توزيع حقائبها حتمت التأجيل إلى اليوم.
ومنشأ التأخير البحث عن حقيبة وزارية وازنة للقوات اللبنانية بديلة عن وزارة العدل التي تقرر اعطاؤها الى النائب الأكثري بطرس حرب وهو حليف للقوات والكتائب وليس جزءا من احدهما.
الاعتقاد ان البشير بولادة الحكومة هذه المرة وهي الثالثة، سيكون ثابتا، لاعتبارات اقليمية اساسا، نظرا لكون الداخل اللبناني اصبح موظفا في خدمة الخارج وليس العكس، واساس المعطى الاقليمي زيارة الرئيس السوري بشار الاسد الى باريس في 13 الجاري، وبالتالي حاجة دمشق الى اسقاط بند تشكيل الحكومة اللبنانية من جدول اعمال الزيارة، بغية تركيز الاهتمام على المواضيع الثنائية اولا والاقليمية ثانيا واخيرا لانه يدخل في هذا البند الشراكة السورية مع الاتحاد الاوروبي ومفاوضات السلام العربية - الاسرائيلية وعلاقة سورية بايران، ومدى تأثيرها على المفاوضات الايرانية ـ الغربية، حول ملف طهران النووي.
وثمة معطى آخر متصل بالاول وهو المعطى السعودي، فتشكيل الحكومة اللبنانية جزء من التفاهم السعودي ـ السوري، ويبدو ان الذريعة بكون العماد عون مفوض المعارضة المتهم بالعرقلة يعيد طهران أذنا صاغية اكثر من اي جهة اخرى، باتت عبئا على فريقه وليست مجرد حجة، وهذا ما جعل وزير الخارجية السورية وليد المعلم يطرح الامور على بساط احمدي مع الحلفاء في طهران.
وقائع الاتصالات
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة «السفير» القريبة من المعارضة ان اتصالات على اعلى مستوى بين السعودية وسورية، منذ الاثنين، وكانت باكورتها تمني الرئيس الاسد ان يصار الى تنازل الاكثرية عن حقيبة الطاقة لكتلة العماد عون، الى جانب حقيبة الاتصالات، وبعد استجابة الاكثرية بشخص الرئيس المكلف، تمنت القيادة السعودية على نظيرتها السورية ان تمارس نفوذها لدى حلفائها اللبنانيين من اجل «ترشيق» مطالب عون، خاصة بعدما تم التفاهم على الاطار العام لحكومة الوحدة الوطنية في لبنان، ووفق الصيغة والضمانات التي تولاها الجانبان السعودي والسوري. وتقول الصحيفة انه تم تثبيت ما حصل عليه العماد عون على صعيد حقائب الاتصالات والطاقة والحق بتسمية وزراء تكتل التغيير والاصلاح كما تم تثبيت حقيبتي السياحة والصناعة للتكتل.
ونقلت عن زوار عون قوله ان الحكومة ستولد في نهاية الاسبوع الحالي، اي اليوم او غدا، وان صفحة سياسية جديدة ستبدأ على الصعيد الوطني. وكانت المساعي في الليل الفائت تركزت على اعادة عرض حقيبة المهجرين على عون لتكون الوزارة الرابعة من حصته اضافة الى وزارات الاتصالات والطاقة والسياحة على ان يقترن هذا العرض بالتزامات وضمانات لتأمين الموازنة الكافية والضرورية لاقفال ملف المهجرين.
وسبق لعون ان رفض وزارة المهجرين وثمة عرض آخر لم يحظ بقبوله ويتمثل بعرض حقيبة الزراعة الى تكتل التغيير والاصلاح الى جانب الحقائب الثلاث الاخرى. وعرض جنبلاط على الحريري اعطاء عون وزارة العمل بدلا من وزارة الثقافة، لكن الحريري رفض ذلك، علما ان وزارة العمل هي حاليا بتولي وزير من حزب الله.
قطر طرقت باب طهران
ويبدو ان دورا لعبته قطر في موضوع الحلحلة الحكومية في بيروت من خلال اثارة اميرها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني خلال لقائه الرئيس محمود احمدي نجاد ووزير الخارجية منوچهر متكي في طهران امس الاول، موضوع تشكيل الحكومة اللبنانية اضافة الى موضوع اليمن، في اطار مسعى لتخفيف حدة الخلاف بين طهران وكل من الرياض وصنعاء. وتوقعت صحيفة «اللواء» ان تحدث هذه الاتصالات انفراجا جديدا على الصعيد الايراني بعد الانفراج المحقق على الصعيد السوري. وتزامنت هذه التحركات مع حركة غير عادية بين دمشق والعماد عون لشرح وجهة نظر عون بعد رسالة العتب التي تلقاها الاخير من القيادة السورية التي تمنت عليه تسهيل تشكيل الحكومة.
بقرادوني وسيطاً محل فرنجية
وعلى الأثر استدعى العماد عون الوزير السابق كريم بقرادوني الوثيق الصلة بالقيادة السورية وحمله رسالة الى دمشق بعد انسحاب النائب سليمان فرنجية من الوساطة، وقد عاد بقرادوني من دمشق، بحسب «اللواء»، برسالة مفادها ان الحكومة يجب ان تعلن قبل اليوم السبت، لكن لاحقا نفى بقرادوني تدخله كوسيط. وتقول مصادر في الأكثرية لـ «الأنباء» ان هذا التوقيت السوري لإعلان الحكومة مرتبط بزيارة الرئيس الأسد الى باريس الأسبوع المقبل.
الذكرى الـ 20 للطائف
العماد عون، وفي الذكرى الـ 20 لاتفاق الطائف اللبناني، قال: ندّعي الاستقلال فيما حكوماتنا تشكل في الخارج، ولا يمكن للبنان ان ينتظم إلا اذا نظم استقلاله وسيادته على أرضه. وقال لو تكرر الزمن لكنت أقدمت على ما أقدمت عليه، ولا أندم على اي عمل عملته. واضاف: كان هناك خياران: اما ان اقبل باتفاق الطائف، او أرفض، ففضلت الرفض على التسليم لأمر واقع ينزل الإجحاف السياسي بحق لبنان. واضاف عون: نحن نحترم صداقاتنا في الخارج، لكن فيما يتعلق بالحكومة فنحن أسياد أنفسنا. ورفض التضليل الإعلامي وحرب النوايا، «فمشكلتنا داخلية أولا، وحتى لو حصل تدخل من الخارج، فهذا التدخل يحصل بطلب من أطراف داخليين»، وتوقع إعلان الحكومة اليوم أو غدا. من جانبه، النائب بطرس حرب وفي الموضوع عينه قال انه لا يصح الحكم على اتفاق الطائف لأن العماد عون رفض احترامه وتمرد عليه آنذاك. وقال انا كمسيحي أتمنى لو أصبحت صلاحيات رئيس الجمهورية مثل صلاحيات الرئيس الأميركي باراك أوباما لقد منعونا ان نطبق «الطائف» لنرى حسناته من سيئاته. وعقب على هذا القول تمام سلام، وزير الثقافة، في ندوة بالمناسبة بالقول: ان المسيحي ليس هو من ذهب الى الطائف بل اللبناني، وهذا يعني ان «الطائف» كان قرارا لبنانيا جامعا.