بين الدعوات السياسية للتهدئة والحلول السلمية، والمواجهات على الارض، يبقى الوضع المتأزم على جانبي الحدود اليمنية ـ السعودية بين قوات البلدين من جهة والمتمردين الحوثيين من جهة أخرى، محور اهتمام عربي ودولي، وسط مخاوف من امتداد الازمة لفترة طويلة.
وتلافيا لمواجهة قد تطول، جدد قائد التمرد الزيدي في شمال اليمن عبد الملك الحوثي مطالبة السعودية بوقف عملياتها ضد الحوثيين على الحدود مع اليمن نافيا في الوقت عينه اي ارتباط بين حركة التمرد وتنظيم القاعدة او اي «اجندة اجنبية».
ودعا الحوثي في كلمة صوتية بثت على الموقع الخاص بالمتمردين السعودية الى وقف العمليات وتغيير السياسة «التي يستدرجها اليها النظام اليمني»، داعيا السعوديين الى «التفاهم والاخوة الاسلامية». لكن الحوثي تعهد بمواصلة الهجمات ضد القوات السعودية ما لم توقف عملياتها ضد مقاتليه.
الى ذلك نفى الحوثي أي ارتباط بين جماعته وتنظيم القاعدة كما افادت بعض التقارير الاعلامية اضافة الى بعض المحللين.
وقال ان القول بارتباط بين الحوثيين والقاعدة «محض افتراء فمن الثابت ان بيننا وبين ما يسمى تنظيم القاعدة تباينا ثقافيا ومنهجيا».
وقال ان الحوثيين يعتبرون القاعدة «مجرد اداة استخباراتية بيد الولايات المتحدة وبعض الانظمة العربية».
وأكد ايضا انه ليس هناك «ارتباط بأي اجندة سياسية اجنبية» في اشارة على ما يبدو الى اتهام الحوثيين بالتبعية لايران، واكد ان «من يحاول ان يضفي بعدا مذهبيا لموقفنا فهو كذاب ويسعى الى اثارة الفتنة». وقال ايضا «لسنا تكفيريين ولا دمويين». وبالنسبة لأساس اندلاع المواجهات مع السعوديين، كرر الحوثي التأكيد انه لا اطماع للمتمردين بالأراضي السعودية وانهم دخلوا جبل الدخان السعودي «لتطهيره» من القوات اليمنية التي زعم ان السعوديين سمحوا لها باستخدام مواقع استراتيجية فيه.
من جهته، أكد السفير هشام محي الدين ناظر سفير المملكة العربية السعودية لدى مصر أن السعودية لم ولن تتدخل في الشؤون الداخلية اليمنية، وأنها لن تتورط في حرب باليمن، وفي الوقت ذاته لن تسمح بأي اعتداء أو انتهاك لأراضيها.
وقال السفير هشام محي الدين ناظر ـ خلال الصالون الثقافي الذي أقامه الليلة قبل الماضية- إنه تم تطهير كل الأراضي السعودية من عناصر الحوثيين، نافيا مزاعم الحوثيين بأنهم استولوا على أراض سعودية جديدة. وأعرب السفير السعودي عن دهشته لقيام الحوثيين بالاعتداء على الأراضي السعودية رغم حرص الرياض الشديد على عدم التدخل في الشؤون الداخلية اليمنية، نافيا وقوع أسرى من القوات السعودية في أيدي المتمردين الحوثيين، موضحا أنه سقط شهداء من قوات المملكة.
وردا على سؤال حول إدعاءات الحوثيين بأن السعودية تدعم القوات اليمنية ضدهم، قال محيي الدين ناظر إن المملكة تدعم اليمن اقتصاديا منذ زمن، وهذا أمر معروف ومعلن ويوجد لجان مشتركة بين البلدين، إلا أنه لا يوجد أي دعم عسكري.
على الارض، ذكرت قناة العربية السعودية أن طيران المملكة واصل امس قصف مواقع الحوثيين في منطقة جبل الدخان، في وقت قالت مصادر عسكرية يمنية، أن وحدات من قوات الجيش سيطرت على عدد من المواقع المهمة بمحور «الملاحيظ» بمحافظة صعده ومحور سفيان بمحافظة عمران الشمالية في مواجهته للعناصر الإرهابية الحوثية خلال الساعات الماضية، وتكبدت هذه العناصر خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات.
وقالت مصادر، إن وحدات عسكرية وأمنية بالتعاون مع المواطنين شنت هجوما كاسحا في محور سفيان على الأوكار الإرهابية وتمكنت من السيطرة على سودة بجاش وسودة الشنتري وجبل جتان وتطهيرها من عناصر الإرهاب والتخريب التي تكبدت خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، بالإضافة إلى ضبط كميات من الأسلحة والذخائر والمتفجرات كانت بحوزة تلك العناصر، كما تم تدمير سيارة لهم. وأضافت المصادر «ان وحدات من القوات المسلحة في جبل الزعلاء تصدت لمحاولة تسلل للعناصر الإرهابية وكبدوها خسائر فادحة وأجبروها على الفرار بعد أن لقي العديد من تلك العناصر مصرعهم بينهم أحد القادة الميدانيين للعناصر الإرهابية في سفيان».
وفي محور صعدة قالت المصادر «ان العديد من عناصر الإرهاب والتخريب سقطوا بين قتيل وجريح في اشتباكات مع المواطنين في بني عوير، ودمر رجال القوات المسلحة والأمن سيارة محملة بالمؤن والأسلحة للعناصر الإرهابية قرب الجبل الأحمر بالإضافة إلى تدمير عدد من أوكار تلك العناصر في المنطقة، كما سيطروا على أهم المواقع التي كانت تتحصن فيها عناصر الإرهاب».
وفي السياق نفسه قال مصدر محلي بمحافظة صعدة، إن العناصر الحوثية أقدمت على قتل مواطن واختطفت ثمانية آخرين واقتادتهم إلى جهة معلومة.
هل يسير الحوثيون على خطى حزب الله؟
صنعاء ـ أ.ف.پ: تساءل محللون في صنعاء حول الاهداف الحقيقية للمتمردين الحوثيين الزيديين الذين يواجهون القوات الحكومية بشراسة منذ 2004، ويرون انهم قد يكونون يتطلعون الى السير على خطى حزب الله اللبناني.
ويثير فارس السكاف الذي يدير مركز دراسات المستقبل، وهي هيئة مستقلة، امكانية قيام كيان سياسي للحوثيين يحظى بجناح عسكري مع نواة ادارة محلية.
وقال السكاف في حديث صحافي ان «الحوثيين لا يعلنون نواياهم الحقيقية، فهم يقولون ان الدولة تمنعهم من ممارسة شعائرهم وهذا لكي يبرروا حملهم للسلاح».
لكنه اعتبر ان «بعد ست حروب مع الجيش منذ 2004 اعتقد انهم يسعون الى اقامة حزب سياسي مع جناح عسكري يمكن ان يكون له مكان على الساحة السياسية، مثل حزب الله اللبناني». ويرى السكاف ان «صحوة» الشيعة في اليمن تشبه «صحوة الشيعة» في لبنان لكنه يعتبر ان هناك دورا ايرانيا اقل اهمية بالنسبة للوضع اليمني.
من جهته، لا يرى محمد الظاهري الاستاذ في جامعة صنعاء اي تشابه بين الحوثيين وحزب الله.
وقال ان الطرفين «مختلفان عقائديا»، مشيرا الى ان الحوثيين لا يكرمون الا الائمة الخمسة الاوائل على عكس حزب الله الاثني عشري.
كما ان «الجيواستراتيجية مختلفة» بين الاثنين بحسب الظاهري الذي اشار الى ان الحوثيين يحاولون بصعوبة، وعبثا، الربط بين حركتهم ومحاربة اسرائيل.
واعتبر هذا المحلل ان هناك «حالة من تضخيم قوة الحوثيين بينما يجب بالواقع التكلم عن ضعف الدولة» التي تقوض الخلافات القبلية مشاريعها التنموية، الامر الذي يستغله الحوثيون.
بدوره، قال القيادي المعارض محمد يحيى الصبري انه «ليس مستبعدا ان يكون الحوثيون في صدد السيطرة على جزء من الارض لكي يفاوضوا مقابلها على جزء من السلطة».
الا ان المحلل يرى انه لا احد يمكن ان يؤكد ان الحوثيين يحظون بنفس القدرات العملانية والتنظيمية لحزب الله «الا اذا كان هناك طرف ما يريد ان يكون لهم ذلك».