باريس ـ هدى العبود
أكد الرئيس السوري بشار الأسد امس في باريس عدم وجود «شريك إسرائيلي» مستعد للتوصل إلى السلام، وذلك بعد يومين من عرض رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو إجراء حوار مباشر مع دمشق.
وقال الأسد «هناك طرف سوري يرغب في السلام وهناك وسيط تركي مستعد للقيام بدوره كوسيط بين الطرفين وهناك دعم فرنسي وأوروبي ودولي لهذه العملية ولكن ما ينقصنا اليوم هو شريك إسرائيلي يكون مستعدا للقيام بعملية السلام او انجاز السلام».
واضاف اثر غداء في الاليزيه مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي «هناك أسس لعملية السلام ومرجعيات تستند بالدرجة الاولى لمرجعية مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 وهناك مفاوضات تمت في التسعينيات ومفاوضات تمت في تركيا مؤخرا وإذا كان الإسرائيليون جادين في عملية السلام فهناك وسيط تركي الآن يعلن في كل مناسبة استعداده للقيام بدوره من اجل جلب الأطراف الى طاولة المفاوضات».
وأوضح «اذا كان نتنياهو صادقا يستطيع ان يرسل هؤلاء المختصين ونحن كذلك الى تركيا عندها يستطيعون ان يتباحثوا في موضوع السلام اذا كان الهدف هو السلام»، مشددا على انه «بالنسبة للشروط، فسورية ليس لديها شروط بل لديها حقوق ولن تتنازل عن حقوقها».
وأضاف الاسد أن لعب الاسرائيليين بالالفاظ يهدف إلى التخلص من المطالب والحقوق وأن هذا الامر سيكرس انعدام الاستقرار في المنطقة.
من جهة اخرى، أشار الأسد إلى أنه طلب من الرئيس ساركوزي التدخل «لوقف القتل اليومي للفلسطينيين من قبل الجيش الإسرائيلي»، لافتا إلى انه «منذ ساعات فقط قتل مدني فلسطيني برصاص القوات الإسرائيلية»، وفيما يخص الملف النووي الإيراني قال «توسعنا بشكل كبير في هذا الموضوع».
ووصف الأسد محادثاته وساركوزي بالناجحة جدا والبناءة والشفافة والصريحة لافتا إلى أنها «عززت الثقة بين سورية وفرنسا». هذا وصرحت المستشارة السياسية والاعلامية للرئاسة السورية بثينة شعبان لـ «الأنباء» بأن ساركوزي قال للاسد خلال لقائهما في جلسة مغلقة: «لو كان علي ان اقوم بخيار استراتيجي مع سورية لفعلت ذلك مع انه سبب لي جدلا. لقد كنتم (الاسد) شريكا موثوقا وقد احترمتم دائما وعودكم والتزاماتكم».
وردا على سؤال لـ «الأنباء» حول الزيارة المرتقبة لرئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري الى دمشق، قالت شعبان: «اتوقع ان تكون الامور طبيعية في المستقبل، ونأمل ان يشهد لبنان امنا واستقرارا وهذا سيكون من دون شك لمصلحة سورية والمنطقة»، مشيرة الى ارتياح دمشق لتشكيل الحكومة الوطنية في لبنان.
وقد أعرب الرئيس ساركوزي عن رغبته في الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية والثقافية بين سورية وفرنسا إلى مستوى الحوار السياسي لافتا إلى أن الجميع يعرف مكانة سورية في المنطقة.
وأضاف ساركوزي في حديث لصحيفة الوطن السورية «إن زيارة الرئيس بشار الأسد إلى فرنسا ستتيح مواصلة الحوار وتعميقه بين البلدين معربا عن سعادته باستقبال الرئيس الأسد للمرة الثانية بعد عشرة أشهر من اللقاء الأخير في دمشق».
وقال إن المحادثات مع الرئيس الأسد ستتناول أيضا آفاق عملية السلام والوضع في العراق ولبنان حيث يمثل تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كل مكونات الشعب اللبناني تطورا إيجابيا.
ودعا الرئيس الفرنسي لتنفيذ قراري مجلس الأمن 242 و338 لافتا إلى أن «فرنسا مثلها مثل سورية تعتبر أن السلام يجب أن يكون شاملا ودائما مؤكدا إقرار فرنسا بحقوق سورية في إطار عملية السلام وخاصة من خلال الدعوة لتنفيذ قرارات مجلس الأمن ومبدأ الأرض مقابل السلام».
وجدد ساركوزي «استعداد بلاده للمساهمة في مفاوضات السلام غير المباشرة بين سورية وإسرائيل التي رعتها تركيا في حال تم استئنافها» مضيفا أن «فرنسا تقيم علاقات مع كل من سورية وإسرائيل ويمكنها مع الاتحاد الأوروبي وبالتنسيق مع تركيا أن تدفع نحو استئناف المفاوضات».
وبالعودة لتصريحات الرئيس السوري فقد قال في مقابلة مع صحيفة «الفيغارو» الفرنسية ان علاقات بلاده مع الولايات المتحدة تحسنت بشكل كبير، ولكنه قال «لم نصل بعد الى استعادة الثقة بين سورية والولايات المتحدة».
ودعا ايضا الرئيس الأميركي باراك اوباما الى وضع خطة عمل من اجل السلام في الشرق الاوسط. وأضاف «ما عبر عنه الرئيس اوباما حول مسألة السلام هو شيء جيد. نحن متفقون معه على المبادئ ولكن ما خطة العمل؟ يجب ان يضع العراب خطة عمل». ومن جهة اخرى، برر الرئيس السوري تأجيل دمشق الى اجل غير مسمى توقيع اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي، وطلب من أوروبا «المزيد من الاستقلال السياسي».
وقال ايضا ان «الاوروبيين انحازوا كليا الى جانب الولايات المتحدة على حساب سورية. يجب ان يكون الشريك صديقا ولم نلاحظ هذا الامر من جانب اوروبا خلال السنوات الماضية». وأضاف ان «الحكومة السورية تدرس حاليا اتفاق الشراكة هذا وستحدد النقاط الضرورية وغير الواردة في الاتفاق. ونحن نبحث هذه النقاط مع المفوضية الاوروبية».