تعهد الرئيس الاميركي باراك اوباما امس في طوكيو بعودة الولايات المتحدة للعب دور نشط في منطقة آسيا ـ المحيط الهادئ، مؤكدا في الوقت نفسه ان بلاده لا تسعى الى «احتواء» الصين التي هي في اوج ازدهارها.
وفي اليوم الثاني لجولته الآسيوية التي تقوده الى سنغافورة والصين وكوريا الجنوبية، القى اوباما امس في طوكيو خطابا مهما حول السياسة الخارجية امام 1500 مدعو.
فذكر ان اهتمامه بآسيا ـ المحيط الهادئ يعود الى طفولته في هاواي واندونيسيا قبل ان يتحدث عن الصين القوة العظمى الاخرى في المنطقة التي سعى لطمأنتها بشأن النيّات الاميركية.
وقال «ان الولايات المتحدة لا تسعى الى احتواء الصين، وان علاقة عميقة مع الصين لا تعني اضعافا لتحالفاتنا الثنائية»، مضيفا «على العكس فإن بروز صين قوية ومزدهرة يمكن ان يكون قوة لمجموعة الدول».
وعشية وصوله الى الصين في زيارة لمدة ثلاثة ايام، قال اوباما انه لن يتجنب مسألة حقوق الانسان، رغم انه لم يتطرق مباشرة الى التيبت وهي مسألة حساسة جدا بالنسبة لبكين.
واكد اوباما «ان الولايات المتحدة لن تتردد ابدا في الدفاع عن القيم الاساسية التي نتمسك بها، وذلك يتضمن احترام ديانة وثقافة كل الشعوب» واعدا في الوقت نفسه بالعمل في صدد ذلك «ضمن روح الشراكة بدلا من الضغينة».
شراكة اقتصادية
وعلى الصعيد الاقتصادي، تمنى الرئيس الاميركي العمل في اطار «الشراكة» مع الدول الآسيوية، «فبذلك نستطيع ان نضمن الانتعاش وتحقيق التقدم لازدهارنا المشترك».
وقال «لا نستطيع فقط العودة الى دورات النمو والازمة نفسها التي قادتنا الى الانكماش العالمي. لا نستطيع ان ننتهج السياسات نفسها التي حملت الينا نموا غير متوازن».
وحذر «لكننا بحاجة ايضا لنمو دائم لكوكبنا والاجيال المقبلة»، معربا عن امله في تحقيق «النجاح» في قمة كوبنهاغن المقبلة حول الاحتباس الحراري.
وخلال ولايتي الرئيس السابق جورج بوش دخلت الولايات المتحدة في نزاعين في افغانستان والعراق، مما افسح المجال امام الصين لتعزيز دورها كقوة اقليمية في آسيا.
واكد اوباما ان «هذه الحقبة قد ولت».
التزام بأمن اليابان وآسيا
وقال «حتى وان شاركت القوات الاميركية في حربين في العالم فإن التزامنا لامن اليابان وامن آسيا لا يتزعزع».
وبخصوص الملف النووي الكوري الشمالي، اكد اوباما ان الولايات المتحدة لن «تخيفها» تهديدات كوريا الشمالية، لكنه اقترح في الوقت نفسه على النظام الكوري الشمالي سلوك «طريق اخرى».
وقال ان «كوريا الشمالية اختارت طوال عقود طريق المواجهة والتحريض من خلال الاستمرار في تطوير الاسلحة النووية».
واضاف «لكن ثمة طريق اخرى يمكن سلوكها. فالولايات المتحدة على استعداد لأن تقدم الى كوريا الشمالية مستقبلا مختلفا.. مستقبلا في الاندماج الدولي، والفرص الاقتصادية، ومزيدا من الامن والاحترام».
المفاوضات مع بيونغ يانغ
واستطرد بأن «الطريق لبلوغ ذلك واضح: استئناف المفاوضات السداسية (الولايات المتحدة، الكوريتان، الصين، روسيا واليابان) واحترام الالتزامات السابقة بما فيها العودة الى معاهدة الحد من الانتشار النووي والنزع الكامل للسلاح النووي الذي يمكن التحقق منه في شبه الجزيرة الكورية».
لكن بيونغ يانغ ترغب اولا في بدء حوار ثنائي مع الولايات المتحدة، والمبعوث الخاص المكلف بالملف الكوري الشمالي في واشنطن ستيفن بوسوورث سيتوجه الى كوريا الشمالية مطلع ديسمبر.
الى ذلك، مد اوباما يده ايضا الى بورما من خلال اعتماد «سياسة جديدة» خصوصا وان العقوبات المفروضة على النظام العسكري «لم تسمح بتحسين حياة البورميين».
لكنه حذر من ان «العقوبات الحالية ستبقى مادام لم يتحقق تقدم ملموس نحو اصلاح ديموقراطي»، مطالبا في الوقت نفسه بـ «الافراج من دون شروط عن جميع المعتقلين السياسيين، بمن فيهم (زعيمة المعارضة) اونغ سان سو تشي».