بيروت ـ خالد اللحام
ثلاثة أمور تحكم مستقبل الحكومة الجديدة: بعدها عن التجاذبات السياسية الداخلية، واعتبار مصلحة لبنان العليا فوق كل المصالح والقرارات دون التصادم مع المجتمع الدولي، وتحركها كفريق عمل متجانس من اجل تحقيق النمو اللازم لحل المشكلات الآنية ولوضع الأسس لحلول المشكلات الكبرى على المدى الطويل. هذا خلاصة ما توصل اليه عدد من النواب تحدثت اليهم «الأنباء» لاستطلاع آرائهم حول الحكومة الجديدة ومستقبلها. النائب بدر ونوس وعضو كتلة المستقبل النيابية يرى ان ما تحقق انجاز كبير، جاء بعد صبر طويل، وما كان له ان يتحقق لولا قدرة الرئيس سعد الدين الحريري على تذليل العقبات، ومواجهة متطلبات المرحلة التي يمر بها لبنان، في ظل وضع عربي صعب، وانقسامات في التضامن العربي الذي يعاني الكثير وتنعكس معاناته على لبنان بصورة أو بأخرى ولولا الاحتضان العربي والدولي للبنان والسعي الجاد للاشقاء العرب لإخراج لبنان من ازماته، وفي طليعته الجهد الذي بذلته المملكة العربية السعودية لإيصال لبنان الى بر الامان. انطلاقا من ذلك، فإننا نرى ان تحقق قيام وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية والتوافق الذي ظهر حول مضمون البيان الوزاري الذي سيصدر قريبا وتمثل من خلاله الحكومة امام المجلس النيابي للحصول على الثقة، يطمئننا الى ان الحكومة ستسعى جاهدة لتحقيق الامن للوطن والمواطنين وخاصة على صعيد القضايا الاقتصادية والاجتماعية. وهنا اعتبر د.عمر مسيكة النائب السابق عن طرابلس والأمين العام لمجلس الوزراء لأكثر من نصف قرن انه عندما يتوصل الرئيس سعد الدين الحريري الى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية فهذا يعني ان مستقبل الحكومة الجديدة مطمئن في قدرتها على مواجهة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والامنية الداخلية، وعلى مواجهة ما يمثله العدوان الاسرائيلي المستمر على لبنان والذي لم يترك لبنان يوما في حالة أمن وأمان من خلال الطلعات الجوية واختراق الاجواء اللبنانية وزرع الجواسيس والقيام بالاغتيالات، وهذا يتطلب جهدا دوليا كبيرا لمواجهة ذلك العدوان والحد منه لأنه يشكل نقطة خطر للوضع اللبناني الداخلي والخارجي. أما النائب د.عماد الحوت عضو الجماعة الاسلامية، فيعتقد ان الحكومة الجديدة تشكل منطلقا لإيجاد مناخ الثقة بين الفرقاء ويمكن لها ان تكون فريق عمل متجانس لإنجاز كثير من المستحقات المتعلقة بالمواطن والوطن. وبالتالي فإننا نأمل ان يبتعد الوزراء عن التجاذبات السياسية في هذه المرحلة بحيث يعطى المجال للحوار لكي نصل الى الحلول التي ينتظرها المواطن اللبناني. وعن امكانية الحكومة الوليدة بتحقيق مطالب المواطنين والمناطق المحرومة في لبنان وهي كثيرة، يرى النائب ونوس انه لا يمكن ان «ننكر ان المطالب كبيرة، فالبطالة متفشية بسبب تعطيل دور المؤسسات اللبنانية لفترة طويلة، سواء من خلال تعطيل المجلس النيابي، ثم تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية، ثم تأخير تشكيل الحكومة لخمسة أشهر، الامر الذي مازال يدفع الشباب اللبناني للهجرة والاغتراب»، والاوضاع الاقتصادية صعبة نتيجة الغلاء، والديون، وعدم توافر فرص العمل، والحاجة الى دعم الصناعة اللبنانية والزراعة والاقتصاد والتجارة، وعدم تنفيذ مشاريع باريس 3 التي وصل بعضها الى حد تمويلها الى دول اخرى بسبب عدم تنفيذها، ومناطق الحرمان، خاصة في شمال لبنان وعلى الاخص في طرابلس وعكار تحتاج الى بنى تحتية والى الدعم والارشاد والتوعية والتمويل، كل ذلك يشكل عبئا كبيرا على الحكومة لكن ثقتنا بقدرة دولة الرئيس الشيخ سعد الدين الحريري على وضع الافعال موضع الاقوال، خاصة ان العديد من المشاريع قد تمت دراستها ولم يبق الا التصويت عليها في المجلس النيابي. في حين يعتبر مسيكة انه اذا صفت النوايا، وكانت الظروف المحيطة بلبنان تفسح المجال أمامه للنهوض والانطلاق، والظروف الداخلية مستقرة وآمنة، فإن بإمكان الحكومة بما تحتويه من كفاءات وقدرات، وبما يمكن للدعم العربي والدولي ان يوفره من امكانات وخاصة لجهة تنفيذ باريس3، ووقوف الاشقاء العرب الى جانبنا، فإن ذلك يسهل على الحكومة تحقيق وعودها التي ننتظرها في البيان الوزاري.
البعض يثير مخاوف من التعطيل الحكومي اذا وصلت طاولة الحوار حول القرارات الدولية التي يطالبنا المجتمع الدولي بتطبيقها الى طريق مسدود، وحول ذلك قال ونوس: طاولة الحوار لن تتعطل مادام الكل متوافقين على الوحدة الوطنية والوفاق الوطني، وما دام التفاهم هو المطلوب، والمجتمع الدولي يدرك تماما ان تطبيق تلك القرارات هو موضع حوار بين اللبنانيين، وان المطلوب هو مواكبة هذا الحوار بتوفير الاجواء المحيطة الملائمة للتوصل الى ذلك التفاهم، وخاصة بالنسبة للمخاطر التي تهدد لبنان من قبل العدو الاسرائيلي والتي تدفع البعض الى التخوف والاصرار على الحفاظ على السلاح والمقاومة في مواجهة هذا العدو، واعتقد ان المجتمع الدولي يعرف هذا الواقع، ويعرف ايضا انه مطالب بتطبيق كل القرارات الدولية لحل القضية الفلسطينية، كما يطلب هو من لبنان تطبيق القرارات الدولية المتعلقة به. أما مسيكة فيضيف: قلت سابقا: اذا صفت النوايا، وهي كذلك ان شاء الله، فإن تعطيل الحكومة غير وارد مادام الاتفاق قد تم على ان هذه الحكومة هي حكومة الوحدة الوطنية، أما مضمون القرارات الدولية التي يطالبنا هذا المجتمع الدولي بتنفيذه فهو موضع حوار، والحوار لا يصل الى طريق مسدود لأن الكل مدرك لخطورة ذلك، وبالتالي فمهما طال امد الحوار فلابد ان يستمر مادام يحظى برعاية الرئيس ودولة الرئيس. لذلك يعتقد الحوت انه في نهاية الامر فإن مصلحة لبنان تعلو على كل المصالح وفوق كل المصالح وليس القرار الدولي هو الذي يحكم مصلحة لبنان وهناك حد ادنى من التوافق حول المصلحة اللبنانية العليا، بين كل اللبنانيين الذين يؤيدون في الوقت نفسه عدم التصادم مع المجتمع الدولي مع الحفاظ على سيادة لبنان وحقه في قراراته لترتيب أوضاعه الداخلية وحماية حدوده.