بيروت ـ عمر حبنجر
بموازاة بيان وزاري تجري مناقشته بهدوء، يسير مناخ المصالحات بين القيادات السياسية على خط متصاعد، ضم امس رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط تحت قبة بعبدا وبرعاية الرئيس ميشال سليمان، وينتظر ان يشهد مصالحات لاحقة.
وإزاء ذلك شهد القصر الجمهوري في لبنان امس محطتين بارزتين تمثلت الأولى في إعلان رئيس المجلس النيابي نبيه بري اطلاق ورشة تشريعية في مقدمها بحث اللامركزية الادارية والمباشرة بإجراءات الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية، اما الثانية فتمثلت برعاية رئيس الجمهورية للمصالحة بين جنبلاط وسليمان فرنجية بعد قطيعة بينهما استمرت نحو خمس سنوات تخللها سجال سياسي عنيف بينهما وصل الى حد التجريح الشخصي، وتأتي هذه المصالحة في سياق مصالحة سابقة ولاحقة سيجريها سليمان يجمع خلالها شخصيات سياسية متباعدة.
ورشة تشريعية
وقد أعلن رئيس مجلس النواب اللبناني بعد لقائه رئيس الجمهورية عن «اطلاق ورشة العمل التشريعية في المجلس النيابي وفي مقدمها البحث في موضوعين: اللامركزية الادارية، والسير بالاجراءات مباشرة فيما يتعلق بالهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية» موضحا ان الامور فيما يخص البيان الوزاري «سائرة على خير ما يرام ولا أحد يعتقد وليس مطلوبا ان يكون كل الوزراء بمن فيهم رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري برأي واحد ولكن المهم أن يكون العنوان دائما التفهم والتفاهم والامور سائرة في هذا الاتجاه، واعتقد جازما ان أمر بت البيان الوزاري قريب وقريب جدا لانه لا توجد خلافات مبدئية».
وحول المصالحات التي تحصل برعاية رئيس الجمهورية قال بري «رئيس الجمهورية يرعى البلد ووحدته من خلال هذه المصالحات لطي صفحة الماضي، كل الماضي البغيض، وبعبدا مركز الالتقاء وبالتالي هذا الأمر أكثر من لازم وهناك مساع اخرى قريبا ستشاهدونها».
مصالحة فرنجية ـ جنبلاط
وعلى صعيد المصالحات اندرج اللقاء الذي دام ساعتين بين جنبلاط وفرنجية وسليمان وتخلله غداء في اطار طي صفحة الماضي الأليم والانطلاق في آلية عمل وطني تقوم على التفاهم والحوار، وقالت المصادر المواكبة ان «اجواء» اكثر من ودية سادت اللقاء خصوصا ان الزعيمين هما حليفان سابقان ومن اركان المرحلة السابقة، وبالتالي فكلاهما يعرف الآخر عن ظهر قلب.
وعلمت «الأنباء» ان المصالحات ستستكمل والقريب منها لقاء يجمع جنبلاط مع العماد ميشال عون برعاية رئيس الجمهورية، على ان تكون المصالحة الكبرى على طاولة الحوار الوطني في أولى جلساتها بعد نيل الحكومة الثقة خصوصا وان الاتجاه هو لتوسيع طاولة الحوار لتضم كل القوى السياسية حتى ممثلي المجتمع الأهلي.
وقد اكد النائب اسطفان الدويهي عضو كتلة المردة ان اللقاء بين سليمان فرنجية ووليد جنبلاط في بعبدا جاء بناء على مبادرة طيبة من رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وقد اتت في سياق توجه كتلة لبنان الحر الموحد (المردة) بالانفتاح على كل القوى اللبنانية.
وردا على سؤال حول تعذر لقاء النائب فرنجية ورئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، قال الدويهي: سبق ان دعينا لعدة لقاءات في موضوع المصالحة المسيحية تحت سقف بكركي، لكن للاسف لم تقم بكركي بدورها الوطني الجامع.
وعلى خط المصالحات ايضا، كشف النائب الكتائبي ايلي ماروني عن سعي حزبه لتنظيم لقاء ماروني ـ ماروني في المقر البطريركي في بكركي بمناسبة الاعياد من اجل خلق تعارف بين هذه القيادات.
وما بين اجتماع الامس في بعبدا ولقاء بكركي المرتقب، تصاعدت آمال كثيرة ان تكون جولة اليوم النقاشية حول البيان الوزاري مسك الختام، فيحال الى مجلس الوزراء لاقراره قبل الاحد موعد الاحتفال الرسمي السنوي بعيد الاستقلال.
وزير الاتصالات شربل نحاس لاحظ انه على الرغم من النقاشات المتسارعة والايجابيات الواضحة، فإن رؤية مشتركة واحدة لازالت بعيدة المنال.
من جهته، تحدث وزير الدولة وائل ابوفاعور عن نقاط مشتركة تم التفاهم عليها بما في ذلك البند المتعلق بالمقاومة المتفق على ترحيله الى مؤتمر الحوار الوطني.
ولوحظ حرص رئيس الوزراء سعد الحريري على الاجتماع بكل من الوزيرين شربل نحاس وغازي العريضي كل على انفراد، في محاولة للوصول معهما الى رؤية مشتركة بينه وبين ممثلي التيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي بشأن موضوع الخصخصة التي يرفضها الاول ويتحفظ عليها الثاني.
واكد الحريري امس تجانس الحكومة بكامل اعضائها والعمل بأسرع ما يمكن لاقرار المواضيع القابلة للتنفيذ.
وكانت نقاشات علمية اكاديمية دارت حول الشق الاقتصادي في البيان الوزاري، خصوصا بين وزير الاتصالات الخبير الاقتصادي شربل نحاس ووزيرة المال الخبيرة المالية ريا الحسن.
وتناولت النقاشات الدين العام والخصخصة ومقررات واصلاحات مؤتمر باريس 3.
وردت الوزيرة الحسن على طروحات زميلها ممثل الكتلة العونية في الحكومة المعارض للخصخصة ولمختلف المناهج الاقتصادية والمالية المعتمدة، واعتبرت ان مثل هذه الطروحات لا تنسجم مع السياسات الاقتصادية المعمول بها والتي هي حمت لبنان من آثار الازمة المالية العالمية، بل تكاد تمس مرتكزات النظام الاقتصادي الحر.
الحريري يرغب في التفاهم
وقالت مصادر متابعة ان رئيس الحكومة سعد الحريري يرغب من خلال الصياغات المطروحة للبيان الوزاري في الوصول الى تفاهم على البيان الوزاري من اول الطريق، خصوصا ان المضمون يدل على النيات الطيبة لرئيس الحكومة في تجنيب مجلس الوزراء اي اشكالات لاحقة تضع مجلس الوزراء تحت وطأة الخلافات السياسية والاقتصادية.
اما عن مشاريع القوانين التي وضعتها حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الاولى خلال اعتصام المعارضة في الوسط التجاري لبيروت وتعطيل الجلسات النيابية، فتؤكد المصادر ان هذه الملفات تدرس بعناية وصمت بين رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء، خصوصا ان معظمها يتعلق بالمصادقة على اتفاقات دولية.
ويبلغ عدد هذه المشاريع 65 مشروعا، كان رئيس المجلس نبيه بري اعتبرها غير شرعية لأنها صدرت عن حكومة غير شرعية وغير ميثاقية بغياب وزراء امل وحزب الله.
ورغم محاولات تسريع اقرار البيان الوزاري بمضامينه السياسية والاقتصادية والاجتماعية في اقرب وقت ممكن، فإن اللجنة الوزارية المكلفة صياغة هذا البيان لم تتوصل بعد الى تحديد موعد معين للانتهاء من اعداده.
4 مواضيع
وتركزت المناقشات حتى الامس على اربعة مواضيع اساسية ومترابطة بدءا بمقررات مؤتمر باريس 3 وانتهاء بموضوع الخصخصة الذي تمحور حوله معظم وقت الجلسة التي انعقدت مساء الثلاثاء الماضي من دون ان تبت في هذا الموضوع.
وقال وزير الاعلام طارق متري الناطق بلسان اللجنة ان تلك الجلسة كانت مثمرة، ولم تكن هناك افكار مسبقة او اي مواقف يمكن ان نسميها عقائدية باعدت بين المشاركين «لقد كان هناك اخذ ورد حول العديد من المواضيع، ونحن بصدد اعداد مسودة ثانية للشق الاقتصادي».
من جهته، امل رئيس حزب الكتائب امين الجميل ان يتوصل المتناقشون في بنود البيان الوزاري للحكومة الى نتيجة، داعيا الى متابعة المناقشات بروية، متسائلا: كيف يمكننا التوفيق بين المقاومة والعودة الى الهدنة واحترام القرار 1701 والخط الازرق؟