فيما أعلن مكتب نائب رئيس الجمهورية العراقية إياد علاوي، امس أن رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني رحب بمبادرة علاوي بشأن دعوته للحوار، وأبدى استعداده للتريث لعامين والتواصل عبر الحوار، أعلنت حكومة اقليم كردستان امس رفضها قرارات برلمان وحكومة العراق الأخيرة بشأن الاستفتاء مشيرة إلى أنها «تخالف الدستور والمواثيق الدولية».
وقال مكتب علاوي، في بيان أوردته قناة «السومرية نيوز» العراقية، إن نائب الرئيس العراقي تلقى رسالة تأييد من رئيس إقليم كردستان حول المبادرة الوطنية التي طرحها لإنقاذ العراق من الكارثة والفتنة التي تكاد تعصف به.
وأضاف رئيس إقليم كردستان: «نحن مستعدون للتريث حتى عامين نتواصل فيهما عبر حوار بناء ممتد لمناقشة كل الملفات والقضايا التي تجعل منا شريكين في بناء المستقبل لشعبينا، دون أن نفرض الأمر الواقع على أي منطقة»، مؤكدا أن الاستفتاء لا يعني قيام الدولة مباشرة.
وكـــان نائـــب رئيــس الجمهورية إياد علاوي قد أعلن طرح مبادرة وطنية لمعالجة الأزمة الحالية، تضمنت في أبرز نقاطها مناشدة رئيس الإقليم مسعود بارزاني بتجميد نتائج الاستفتاء خلال مرحلة انتقالية بناءة يجري فيها حوار وطني لمعالجة أوجه الخلاف، وإخضاع مصير كركوك والمناطق المختلف عليها لنصوص المادة 140 من الدستور.
إلى ذلك، قالت حكومة اقليم كردستان في بيان عقب اجتماع لمجلس الوزراء عقد امس برئاسة رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان البارزاني ونائبه قباد الطالبان إن «عملية الاستفتاء لا تخالف الدستور العراقي والقوانين الدولية ومواثيق حقوق الإنسان».
وأضاف البيان أن حكومة إقليم كردستان تؤكد استعدادها للمرحلة المقبلة للحوار من أجل حل جميع المشاكل العالقة.
ووفق البيان، فقد اعرب المجلس عن رفضه التام للقرارات التي اتخذها مجلس النواب والحكومة العراقية ضد إقليم كردستان معتبرا أن «تلك القرارات عقوبة جماعية لشعب كردستان وغير دستورية وغير قانونية».
وأكد أن إقليم كردستان مستعد للتوصل مع العراق إلى اتفاقات عبر الحوار لحل المشاكل بين الجانبين، مشددا أن حكومة إقليم كردستان ستسلك السبل القانونية لوقف تلك القرارات «التي تخالف الدستور والقوانين الدولية».
وحول قرار إغلاق المنافذ الجوية وحركة الطيران على إقليم كردستان، قال البيان ان «ذلك القرار يتنافى مع القانون الدولي ومعاهدة شيكاغو الدولية للطيران والتي تنص على عدم إقحام المطارات المدنية في الصراعات السياسية».
بمـــوازاة ذلك، بــــدأت الاجراءات العقابية التي اتخذتها دول الجوار ضد اقليم كردستان ردا على استفتاء الاستقلال تشتد أكثر وأكثر.
واعلنت الحكومة العراقية تعليق الرحلات الدولية من مطاري الاقليم، اربيل والسليمانية، واليهما اعتبارا من مساء اليوم، وبذلك يصبح الاقليم شبه معزول عن العالم كونه لا يملك منفذا بحريا، وانما معابر حدودية فقط مع تركيا وايران والعراق، وهي الدول التي تداعت لتضييق الخناق عليه.
وامتثالا لقرار بغداد، قالت مديرة مطار أربيل تالار فائق صالح لوكالة فرانس برس ان «جميع الرحلات الدولية، من دون استثناء، من مطار أربيل وإليه، ستعلق» اعتبارا من الساعة السادسة من مساء اليوم.
كما أكد مسؤول في سلطة الطيران المدني العراقي للوكالة الفرنسية «سنغلق الاجواء عند انتهاء المهلة امام جميع الرحلات الى مطاري اربيل والسليمانية، وسنطبق القرار في حال عدم امتثالهم لاوامر الحكومة». واضاف «ابلغنا شركات الطيران وبدأت هذه الشركات بالامتثال».
وبالفعل غادر عدد كبير من الاجانب العاملين في اربيل والمقدرين بالآلاف أمس، خوفا من ان يعلقوا في الاقليم كون تأشيرة دخولهم صادرة عن السلطات الكردية، ولا تعترف بها بغداد.
وقالت مديرة المطار «لدينا جالية أجنبية كبيرة هنا، لذا فان القرار ليس ضد الشعب الكردي وحده، كما لدينا عدد كبير من اللاجئين يستخدمون المطار. وكنا دائما نشكل جسرا ما بين سورية والامم المتحدة لارسال المساعدات».
وتابعت «كما اننا نستضيف قوات التحالف الدولي هنا، لذا المطار يستخدم لكل شي».
وقالت صالح انها وجهت سؤالا الى وزير النقل العراقي عما يعني طلب «تسليم المطارات»، وانه رد قائلا «هذا يعني استبدال كل موظفي الامن والهجرة والجمارك، بأشخاص من بغداد»، متسائلة «هل هذا منطقي، وممكن التطبيق؟».
ولم تكتف بغداد بالحظر الجوي، ولجأت الى سلاح النفط وهو شريان حياة الإقليم.
فقد اورد بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء العراقي ان الحكومة التركية تعهدت بحصر التعامل مع الحكومة الاتحادية في بغداد في موضوع تصدير النفط.
وأورد البيان ان رئيس وزراء تركيا بن علي يلدريم أكد خلال اتصال هاتفي مع نظيره العراقي حيدر العبادي «التزام بلاده بالتعاون والتنسيق الكامل مع الحكومة العراقية لتنفيذ كل الخطوات الضرورية لبسط السلطات الاتحادية في المنافذ البرية والجوية وتوفير الوسائل المطلوبة لذلك».
واكد «دعم بلاده لجميع القرارات الاخرى ومنها المتعلقة بحصر تصدير النفط بالسلطات الاتحادية». وشدد يلدريم بحسب البيان على «الموقف التركي الداعم لكل القرارات التي اتخذها مجلسا الوزراء والنواب في العراق لحفظ وحدة البلد».
وأكد العبادي من جهته بحسب البيان أن «الخطوات القانونية التي تم اتخاذها ضرورية لمنع خطر التقسيم والتشظي ولتعزيز وحدة العراق وسلامة ابنائه واستقراره». كما صعدت تركيا من جهتها الاجراءات العقابية.
وبعد تسليم المنفذين البريين مع الاقليم للسلطات العراقية، قال بكر بوزداج نائب رئيس وزراء تركيا: إن القوات المسلحة التركية أنهت برنامج تدريب مقاتلي البيشمركة الكردية العراقية، وإنها ستتخذ خطوات أخرى ردا على استفتاء الاستقلال.
وقال بوزداج وهو أيضا المتحدث باسم الحكومة في مقابلة مع قناة (تي.جي.ار.تي) إن تركيا عازمة على إجراء تعاملاتها مع الحكومة المركزية في بغداد بعد استفتاء كردستان العراق على الاستقلال.
تضارب في المواقف الأميركية الرسمية من استفتاء أكراد العراق
واشنطن ـ أحمد عبدالله
وجهت واشنطن نقدا شديد اللهجة لبغداد بسبب الإنذار الذي وجهته الحكومة العراقية لحكومة اقليم كردستان في شمال العراق والمتعلق بضرورة تسليم الاشراف على مطار اربيل والمعابر الحدودية بين الاقليم وبقية الأراضي العراقية.
وقالت الناطقة بلسان الخارجية الأميركية هيذر نوريت ان مثل هذه الانذارات لن تفيد وأضافت «نحن نريد من الطرفين ان يلتقيا وان يبحثا الأمور المعلقة عبر التفاوض أي ان يشتبكا معا على نحو بناء ومفيد لهما معا».
وتشهد وزارتا الخارجية والدفاع الأميركيتين نقاشات ساخنة بين من يسمون «انصار العراق الواحد» من جهة والداعين إلى قبول تقسيم البلاد من الوجهة العملية من الجهة الأخرى. ويبدو هذا الحوار مما يظهر على السطح من تصريحات بين وقت وآخر.
فقد قالت نوريت ردا على سؤال حول تباين المواقف بين الدعوة للاستقلال في اقليم كتالونيا الاسباني وكردستان العراق، ان واشنطن رفضت الدعوة للاستفتاء في كتالونيا «لأن اسبانيا لا تواجه خطر داعش».
وتبع ذلك تصريح من مسؤول آخر في الوزارة لصحيفة «واشنطن بوست» قال فيه «لقد صرح مساعد الوزير ديڤيد ساترفيلد قبل ثلاثة أيام بأن داعش يندحر بسرعة. هناك محاولة لاستخدام داعش كذريعة لرفض حق تقرير المصير للاكراد في العراق».
وقالت مصادر في وزارة الدفاع الأميركية لشبكة «فوكس نيوز» ان الاستفتاء الكردي يمكن ان يسبب أزمة «متعددة الاطراف» في الشرق الأوسط.
وقالت مصادر في «الخارجية» لم تسمها شبكة «فوكس نيوز» قالت ان احتمال اندلاع حرب محدودة بين البيشمركة الكردية والقوات الإيرانية والعراقية «يعد قريبا من الصفر» حسب قولها.