- 65 % من فصائل «الحشد» تقلد مرجعية خامنئي فيما تقلد 25% مرجعية السيستاني
- صراع قريب بين أتباع السيستاني وأتباع خامنئي لتضمن إيران سيطرة تامة وعلنية على «النجف» بحجة حقن الدماء..لكن السيطرة على مدن الفرات الأوسط والجنوب الشيعية هدفها الخفي
- 41 فصيلاً شيعياً يعتمدون في تسليحهم وتمويلهم على إيران ويتلقون رواتب عالية بالمقارنة مع عناصر من الجيش العراقي تتراوح بين 800 و1400 دولار شهرياً
«الحشد الشعبي» مجموعة من الفصائل المسلحة المختلفة مذهبيا وقوميا وسياسيا وماليا وعسكريا، ويضم أكثرية شيعية ساحقة مع فصائل متنوعة سنية و«أقلوية» في مناطق شمال العراق.
وينقسم «الحشد الشعبي»، إلى 3 فئات: «المقاومة الإسلامية» و«الصحوات الجديدة»، ومتطوعي فتوى «الجهاد الكفائي»، ويقدر عدد مقاتليه بنحو ١٢٠ ألف متطوع يتقاضون رواتب من وزارة المالية العراقية عبر هيئة الحشد الشعبي.
وينص قانون هيئة الحشد الشعبي الذي أقره مجلس النواب العراقي في العام ٢٠١٦ (وسط مقاطعة النواب السنة) على أن قوات «الحشد» ستكون قوة رديفة إلى جانب القوات المسلحة العراقية وترتبط بالقائد العام للقوات المسلحة.
وصدر قانون «الحشد» بضغط سياسي وبصورة مستعجلة غير مدروسة عسكريا وقانونيا، وجاء فارغا من التعليمات التي تحدد طريقة حل أي خلاف يمكن أن ينشأ بين فئات «الحشد»، وبينها وبين القوات النظامية لأسباب يمكن أن تكون مرتبطة بغياب التسلسل الهرمي في التنظيمات الشعبية المسلحة (بعكس الجيش النظامي).
وبحسب القانون الصادر، فإن مجلس النواب ولجنة الأمن والدفاع يشرفان على الحشد، لكن ذلك لم يتم حتى الآن بسبب نفوذ الأحزاب المرتبطة بإيران كمرجعية (٦٥% من فصائل «الحشد» تقلد مرجعية خامنئي (الولي الفقيه) فيما تقلد ٢٥% مرجعية السيستاني). وحسب التقارير فإن ٤١ فصيلا شيعيا يعتمدون في تسليحهم وتمويلهم وإعلامه عليها، ويمتثلون لأوامر قاسم سليماني والولي الفقيه في إيران، ويتلقون رواتب عالية بالمقارنة مع عناصر من الجيش العراقي تتراوح بين ٨٠٠ و١٤٠٠ دولار شهريا.
ويشهد العراق جدلا في شأن مصير فصائل «الحشد» بعد الانتصار على «داعش»، واستكمال بناء الجيش العراقي، وأي سلوك ستختاره لنفسها، خصوصا أن العبادي يواجه صعوبات في تأكيد نفوذه على التنظيمات شبه العسكرية؟ وكيف سيتم التعامل مع هذه القوات وبأي طريقة؟ خصوصا ان هناك الكثير من الأصوات، سواء الداخلية أو الخارجية، التي تنادي علنا بحل هذه القوات، بل تعلن عن عدم موافقتها على مشاركة «الحشد الشعبي» في تحرير المدن العراقية.
وفي هذا الإطار، طرحت عدة سيناريوهات لمستقبل قوات الحشد، أبرزها:
٭ دمج قوات الحشد واستيعابهم في الجيش العراقي الجديد، والاستفادة من خبراتها القتالية في أي مواجهة جديدة، سواء كانت مواجهة داخلية ضد الإرهاب أو مواجهة خارجية ضد دولة أخرى تحاول الاعتداء على العراق. وهذه الخطوة من شأنها أن تزيد قوة الجيش العراقي من جهة، وتجعل من أفراد «الحشد» قوة ضاربة في هذا الجيش من جهة ثانية.
٭ إعادة هيكلة «الحشد» تحت مسمى «الحرس الوطني»، من خلال تشكيل قوات عسكرية نظامية محلية في كل محافظة من أبناء المحافظة ذاتها بما يضمن التمثيل الحقيقي لأبناء جميع المكونات ووفق نسبة تمثيلهم الحقيقي في المحافظة نفسها.
٭ تسريح هذه القوات وإعادتها إلى أعمالها الأصلية، مع توفير وظائف للذين ليس لديهم عمل أو وظيفة، ومنح الآخرين من كبار السن رواتب تقاعدية تحدد بقانون، مع الإبقاء على قوات الحشد كاحتياط يمكن استدعاؤها في حال تعرضت البلاد لأي خطر طارئ.
٭ حل هذه التشكيلات بشكل نهائي، إذ إن تشكيل هذه القوات جاء محددا بالدفاع عن العراق والمقدسات، وإنهاء «داعش» وزوال الخطر عن العراق، كما أنها محددة باستكمال جاهزية القوات المسلحة.
تتضارب الآراء حول مصير «الحشد»:
البعض يقول إنه باق للهيمنة على القرار السياسي في العراق، والبعض يتوقع أنه سيذوب في المجتمع العراقي ويتلاشى من المشهد السياسي والعسكري، والبعض الآخر يرجح انه سيتحول إلى حزب سياسي فاعل في العملية السياسية العراقية محاولا صنع بصمة وجود سياسي تتماشى مع خطه العسكري الحالي، القادة السابقون هم السياسيون الجدد، والمقاتلون الحاليون هم المواطنون المستقبليون الذين ستكون عليهم مهمة اختراق صناديق الاقتراع في مختلف مناطق العراق.
ويقول بعض ثالث إن «الحشد الشعبي» سيبقى كما هو: قوة مسلحة تلقي بظلالها على كل التحولات العراقية المقبلة. فهو وجد ليبقى، لن يتقدم ليختطف الدولة العراقية بالكامل، ولن يتراجع ليذوب في الحياة المدنية، بل سيبقى طيفا عراقيا كبيرا يملك السلاح ليؤثر في القرار السياسي، سيظل قوة مسلحة من جانب وتيارا سياسيا من جانب آخر، ينازع السلطة المركزية في امتلاك الشارع بالسلاح، ويدخل معها في شراكة غالبة في مجلس الوزراء، فضلا عن أنه ركيزة من ركائز الأمن الوطني. إيران تقول: العراق يعني الحشد والحشد يعني العراق، وأبعد من ذلك، إيران تطمح لتقول إن الحشد هو التاريخ والحاضر والمستقبل، وتكاد أن تقول إن «الحشد هو إيران».
إيران في الوقت الراهن تبذل أموالا هائلة من أجل ترويج «الحشد» وتمهيد طريقه لكسب المراكز السياسية اللازمة في المستقبل القريب، ومن أهمها الفوز في الانتخابات البرلمانية القادمة (في ٢٠١٨).
ويرى محللون إقليميون أن مصير قوات «الحشد الشعبي» والميليشيات المدعومة من إيران يعد أحد أبرز التحديات السياسية التي ستواجه الحكومة العراقية وشركاءها في التحالف الدولي خلال المرحلة المقبلة، ويتوقعون أن يندلع صراع قوي بين أتباع المرجع السيستاني من جهة، وبين أتباع خامنئي من جهة ثانية، وسيحاول الطرف الإيراني عرقلة السيد السيستاني بشتى الوسائل والطرق، حتى لا يصدر فتوى تلغي شرعية «الحشد الشعبي»، ما يفتح صفحة اقتتال شيعي (عراقي) وشيعي (إيراني). مثل هذا الاقتتال إذا ما وقع، فإن المستفيد الأكبر منه سيكون إيران التي ستضمن سيطرة تامة وعلنية على حوزة النجف ومرجعيتها، بحجة حقن دماء أبناء المذهب، لكن الهدف الخفي هو السيطرة على مدن الفرات الأوسط والجنوب الشيعية.
في تقدير الأوساط الإقليمية أن إيران لن ترضخ لما يريده السيستاني كونه يضر بمصالحها ونفوذها في المنطقة، وإذا كانت قد رضخت لقراره بمنع المالكي من الحصول على الولاية الثالثة، فإن الأمر الآن مختلف جدا.
من سينتصر في تحقيق أهدافه في العراق السيستاني أم خامنئي؟ الجواب غير واضح في الوقت الراهن، ولكن المؤكد أن الصراع بينهما، وهو في الأصل صراع قديم بين مرجعيات النجف ومرجعيات قم، مازال مستمرا وهو اليوم أوضح من أي وقت مضى وأخطر بوجود ميليشيات «الحشد الشعبي» المسلحة والتي تنقسم بين جماعات موالية للسيد علي السيستاني وأخرى موالية لآية الله علي خامنئي.
ما يقلق إيران ويثيرها أن يدعو البعض إلى حل «الحشد الشعبي»، في حين تعمل جاهدة على تثبيته جزءا من منظومة الحكم، على غرار «الحرس الثوري». وهي تعده لمعركة الانتخابات من أجل ترجيح كفة قياداته الموالية ودعم فريق المالكي.
لذلك يخشى العراقيون، مع تصاعد موجة انفتاح بغداد على جيرانها العرب وطرح مستقبل «الحشد»، أن يعمد وكلاء إيران بمساعدة «حرسها» إلى التمرد أو التهديد بقلب الطاولة على الجميع.٤١ فصيلاً شيعياً يعتمدون في تسليحهم وتمويلهم على إيران ويتلقون رواتب عالية بالمقارنة مع عناصر من الجيش العراقي تتراوح بين ٨٠٠ و١٤٠٠ دولار شهرياً