هل يسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب تصديقه على الاتفاق النووي مع إيران؟ بانتظار معرفة الإجابة عن هذا السؤال في الساعات القليلة القادمة، دعت طهران الدول الأوروبية لإبقاء دعمها لهذا الاتفاق، وسط معلومات عن ضغوط كبيرة يتعرض لها ترامب لتخفيف موقفه النهائي.
فقد نقلت وكالة الأنباء الإيرانية «ارنا» عن نائب الرئيس ورئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي القول «نحن نعتمد على الأوروبيين، وحتى الآن الدلالات إيجابية». وبالنسبة للكثير من المراقبين في طهران، فإن ردود فعل الشركاء الخمسة الآخرين الموقعين على الاتفاق وهم: الصين وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وروسيا، أكثر أهمية من بيان ترامب المقبل.
من ناحيته، اعتبر علي أكبر صالحي رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، أن فرض الولايات المتحدة عقوبات على الحرس الثوري، هو بمنزلة إعلان حرب على إيران.
ونقل موقع «روسيا اليوم» عن صالحي قوله عقب لقائه وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، «إن اللجنة الإيرانية للإشراف على تطبيق الاتفاق النووي درست جميع الخيارات مقابل قرار ترامب المحتمل، وستتخذ الخيار الأنسب بما يتناسب مع الظروف والتطورات».
وأضاف صالحي: «قلنا إن هناك خيارين لا ثالث لهما، إما أن ينسحب الجميع من الاتفاق، وإما أن يبقى الجميع ملتزمين به.. نرغب في البقاء في الاتفاق النووي لكن ليس بأي ثمن».
من جهته، قال جونسون: «أعلنا للأميركیین بجد أننا نرغب في ديمومة الاتفاق النووي وألا يتم المساس به».
من جهته، حذر مؤسس ورئيس المجلس الوطني للعلاقات «الأميركية - الإيرانية» تريتا بارسي في تصريحات لوكالة «الاناضول»، من انه «قد يبدو مصطلح سحب التصديق وكأنه مصطلح بريء إلا أنه قد ينتهي بالحرب».
واستطرد بارسي قائلا «إن ترامب لن يستطيع السيطرة على ما سيحدث»، موضحا أنه بهذه الخطوة المرتقبة «سيأخذ اتفاقا فاعلا، يحقق الأهداف المرجوة منه ليحوله إلى أزمة».
ولفت الى أن الرئيس الأميركي يعتقد بأنه إذا قام بسحب تصديق الاتفاق النووي «فستتاح له فرصة الخروج منه عن طريق لوم الكونغرس». هذا، وأفادت معلومات بأن ترامب يقاوم ضغوطا هائلة في وقت يبحث فيه الشهادة بعدم التزام إيران بالاتفاق النووي الدولي وهي خطوة تتجاهل تحذيرات من داخل وخارج إدارته من أن هذا من شأنه أن يقوض مصداقية الولايات المتحدة.
ومن المتوقع أن يكشف ترامب اليوم الجمعة على الأرجح، النقاب عن استراتيجية واسعة بخصوص التصدي لإيران، بحسب «رويترز».
ويظل مطروحا دائما احتمال أن يغير موقفه في اللحظات الأخيرة ويشهد بالتزام طهران بالاتفاق الموقع في 2015، والذي وصفه بأنه «محرج» وأسوأ اتفاق جرى التفاوض عليه على الإطلاق.
وأبلغ مسؤولون أميركيون كبار وحلفاء أوروبيون ومشرعون أميركيون بارزون، ترامب بأن رفضه التصديق على الاتفاق سيترك الولايات المتحدة معزولة ويمنح طهران الأفضلية ديبلوماسيا ويجازف في نهاية المطاف بالقضاء على الاتفاق.
وأكد مسؤول كبير بالإدارة الأميركية انه بعدما أوضح ترامب جليا قبل نحو ثلاثة أشهر أنه لن يصدق على التزام إيران بالاتفاق تحرك مستشاروه لتقديم خيارات له لبحثها.
وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه «عرضوا خطة تؤمن الحماية للأمور التي يساورهم القلق بشأنها لكنها لا تشمل تجديد التصديق على الاتفاق..
وهو ما أوضح الرئيس أنه لن يفعله. بدأ تطبيق هذه الخطة».
وذكر المسؤول أن ترامب يبلغ الزعماء الأجانب والمشرعين الأميركيين أن رفضه التصديق على اتفاق إيران لن ينسفه.
وقال المسؤول «إنه لا ينسحب منه. فرص انسحابه منه تتقلص إذا ما تعاونوا معه لتحسينه».
وتوقع مسؤولون آخرون في البيت الأبيض أن يعلن ترامب عن سياسة شاملة أكثر نزوعا إلى المواجهة تجاه إيران وتهدف إلى كبح برامجها النووية والصاروخية الباليستية ودعمها المالي والعسكري لجماعة حزب الله وجماعات متطرفة أخرى.
واستبعد مسؤولون أوروبيون بشكل قاطع إعادة التفاوض على الاتفاق لكنهم قالوا إنهم يشاطرون ترامب مخاوفه إزاء تأثير إيران المثير للاضطرابات في الشرق الأوسط.
وقال عدد من الديبلوماسيين إن أوروبا ستكون مستعدة لبحث فرض عقوبات على تجارب الصواريخ الباليستية الإيرانية وإعداد استراتيجية لكبح النفوذ الإيراني في المنطقة.
وأضاف المسؤولون أيضا أن المجال قد يكون متاحا لفتح مفاوضات جديدة بخصوص ما سيحدث عند بدء انتهاء أجل بعض البنود الأساسية في الاتفاق في العام 2025 برغم عدم وجود ما يدعو للاعتقاد بأن إيران ستكون مستعدة للدخول في مثل هذه المفاوضات.
وعدم تصديق ترامب على الاتفاق لن يسحب الولايات المتحدة تلقائيا منه لكنه سيمهل الكونغرس الأميركي 60 يوما لتقرير ما إذا كان سيعيد فرض عقوبات طهران التي علقت بموجب الاتفاق.
وقال مسؤول أميركي مطلع إن رفض التصديق على امتثال إيران للاتفاق قد يضع كل أطرافه في جانب والولايات المتحدة على الجانب الآخر.
وأضاف المسؤول «هذا يعني أنه رغم أن فرنسا والآخرين مهتمون أيضا بكبح أنشطة إيران المثيرة للاضطرابات فإن احتمال أن يتبعوا (الولايات المتحدة) قد يكون مستبعدا فيما يهدد بنسف الاتفاق».