توالت انسحابات قوات البيشمركة الكردية من مواقعها في محافظة كركوك ومحيطها، مفسحة المجال للقوات العراقية والحشد الشعبي توسيع رقعة سيطرتها، وسط انقسام كردي - كردي عميق ونفي ايراني أن يكون لقائد فيلق القدس قاسم سليماني اي دور في التطورات الأخيرة.
فقد أكد علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الأعلى، أن إيران لا تلعب أي دور في عمليات كركوك.
وأفادت وكالة أنباء الطلبة الايرانية (إسنا) بأن ولايتي نفى أي دور للحرس الثوري في عمليات كركوك، قائلا: إن «غالبية الاكراد يرفضون الأعمال الطموحة للسيد (رئيس إقليم كردستان مسعود) بارزاني».
ومن المواقع التي انسحبت منها البيشمركة أمس، بلدة بطنايا المسيحية التابعة لقضاء تلكيف شمال مدينة الموصل. وقال الملازم أول سعد ناصر، الضابط في قيادة عمليات نينوى، للأناضول ان «كتائب بابليون التابعة للحشد الشعبي، تتحضر في قضاء تلكيف شمال الموصل، وتنتظر الأوامر للدخول إلى بلدة باطنايا بعد انسحاب البيشمركة منها».
وفي أول كلمة له بعد أن سيطرت قوات الحكومة العراقية، أمس الأول على مدينة كركوك الغنية بالنفط، قال رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني إن «الشعب الكردي دافع عن هويته وتعرض لمجزرة»، متعهدا بالحفاظ على إنجازات الأكراد على الرغم من انتكاسة كركوك.
وقال إن شعب كردستان سيصل لمبتغاه وإرادته ومطالبه عاجلا أم آجلا في إشارة إلى نتائج الاستفتاء ومكاسب الأكراد.
وأوضح بارزاني أن «ما حدث في كركوك كان بسبب قرارات فردية من سياسيين كرد»، مضيفا: «نطمئن الأكراد أننا سنحافظ على مكتسباتهم».
وشدد رئيس إقليم كردستان على أن «القوات الكردية ستعيد انتشارها إلى المناطق التي كانت فيها قبل أكتوبر2016».
كما اعتبر أن الاستفتاء على انفصال كردستان هو السبب وراء سيطرة القوات العراقية على كركوك، وأن «استفتاء الاستقلال لن يضيع هباء».
أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أن الاستفتاء الذي قامت به سلطات إقليم كردستان الشهر الماضي أصبح من الماضي.
وقال العبادي خلال المؤتمر الأسبوعي الذي يعقده بمكتبه في بغداد، إنه أبلغ القادة الأكراد بأن الاستفتاء سيضر بمصالح الكرد في المقام الأول، مؤكدا أن بغداد لن تدخل في حرب داخلية.
وأكد أن العلم العراقي لكل العراقيين ويجب أن يرفع في جميع أنحاء البلاد، نافيا أي اتفاق لتشكيل 3 أقاليم في كردستان، ومحذرا في الوقت ذاته من القيام بأعمال تخريبية في كركوك والمناطق المتنازع عليها.
وأكد العبادي أن العراق سيعلن تحرير جميع الأراضي والسيطرة على الحدود مع سورية قريبا.
وتابع أن «أي اعتداء على أي مواطن في كركوك هو اعتداء علينا»، معتبرا أن «حرق الاعلام قضية مغرضة»، ومؤكدا على التزامه ببسط سلطة الدولة في كل أنحاء العراق.
أما الرئيس العراقي فؤاد معصوم فدعا مواطني محافظة كركوك الى «احترام سلطة القانون والدولة» وداعيا في الوقت نفسه الأطراف كافة الى حوار عاجل لإنهاء الأزمة بين الإقليم والحكومة الاتحادية.
وقال معصوم في كلمة متلفزة ان اجراء الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان عن العراق أثار خلافات خطيرة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم وبين القوى السياسية الكردستانية ذاتها وأفضت الى عودة القوات الأمنية الاتحادية الى السيطرة المباشرة على كركوك.
ووجه القوات الأمنية كافة الى عدم المساس بحقوق وكرامة أي من أفراد قوات البيشمركة والموظفين والسكان الكرد أو سواهم في كركوك والعمل على منع أي تجاوزات في هذا الشأن وملاحقة مرتكبيها أيا كانوا والإسراع بتوفير ضمانات عودة سريعة وكريمة وآمنة لمواطني كركوك ممن اضطروا الى مغادرة بيوتهم بسبب الاعمال العسكرية.
وشدد على ضرورة مضاعفة الجهود من اجل عودة أطراف الخلاف الى حوار وصفه بـ «العاجل والمخلص» لحل المشاكل السياسية والإدارية المترتبة على هذه التطورات على أساس التمسك بالدستور والقانون وبما يحفظ حقوق الجميع.
وفي وقت سابق، قال عبد الكريم نجم الألوسي، العميد في قوات الرد السريع التابعة لوزارة الداخلية للأناضول، إن «150 عربة عسكرية مدرعة تابعة للجيش، بدأت تتمركز على حدود ناحية زمار التابعة لقضاء تلعفر غرب الموصل، وذلك بهدف استعادة السيطرة عليها من البيشمركة».
وأعلنت القوات العراقية أيضا استعادة السيطرة على قضاء سنجار ذي الغالبية الايزيدية والواقع على بعد مئات الكيلومترات من كركوك، وعلى مقربة من الحدود مع سورية، بعد انسحاب قوات البيشمركة منه أيضا.
ولم تقتصر الانسحابات على القرى والبلدات المحيطة بكركوك، بل امتدت لتشمل أكبر حقول النفط التي تشكل المورد الرئيس لإقليم كردستان.
ويقول الجغرافي الفرنسي سيريل روسل «بفقدان هذه الحقول، محفظة (نقود) الاكراد انقسمت الى اثنين»، مضيفا «انها نهاية للاستقلال الاقتصادي لكردستان ولحلم الاستقلال».
على صعيد ردود الفعل على تطورات كركوك، وصف رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، سيطرة الحكومة المركزية العراقية على مدينة كركوك مجددا أمس، بـ «التطور الإيجابي».
أما داخليا، فقد أدخلت خسارة كركوك، أبرز حزبين كرديين في حرب مفتوحة. واتهم مسؤولون في الاتحاد الوطني الكردستاني أحد الحزبين الاكثر نفوذا في كردستان، رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني بـ «سرقة» النفط من أجل تعزيز نفوذه.
تسريبات حول محاولة انقلاب على بارزاني وإقامة إقليم جديد في السليمانية وكركوك وحلبجة
سربت مصادر كردية نصا لاتفاق غير معلن يهدف للانقلاب على حكومة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، واستفتاء الاستقلال الذي أجري في 25 من سبتمبر الماضي.
ونقلت مواقع الكترونية عن وكالة «رووداو» الكردية أن اتفاقا كشف عنه مسعود حيدر عضو برلمان العراق، من كتلة التغيير، وقال إنه أبرم بين بافل الطالباني نجل الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني، وهادي العامري قائد ميليشيا الحشد الشعبي الشيعي.
وأوضح أن الاتفاق تم عقب إجراء استفتاء استقلال كردستان نهاية الشهر الماضي، وكان بإشراف رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ويتكون من تسع نقاط.
وينص الاتفاق المسرب على تمركز القوات العراقية في المناطق الكردستانية الواقعة خارج إدارة إقليم كردستان، وسحب قوات البيشمركة من تلك المناطق، وتسليم 17 وحدة إدارية من أقضية ونواحي كركوك للسلطة الاتحادية، والتي تديرها حكومة إقليم كردستان منذ عام 2014.
وفي حال عدم تسليمها فستطالب بغداد بـ 11 وحدة إدارية أخرى من التي تديرها حكومة الإقليم منذ عام 2003، ليصبح عدد الوحدات الإدارية 28 وحدة إدارية.
كما ينص على تشكيل إدارة مشتركة لمركز محافظة كركوك، بحيث يخصص 15 حيا للكرد، و25 حيا للمكونات الأخرى، وذلك لمدة 6 أشهر. وأن تكون المناطق الاستراتيجية في كركوك خاضعة لإدارة الحكومة العراقية، مثل قاعدة كي وان، المطار، وآبار النفط.
وبحسب الاتفاق فسيتم إنشاء إقليم يضم كلا من السليمانية وكركوك وحلبجة، كما سيتم تشكيل حكومة جديدة للإقليم الجديد.
وستتكفل الحكومة العراقية بدفع رواتب موظفي السليمانية وكركوك.
أما بالنسبة للحركة الملاحية، والتي كانت قد توقفت فينص الاتفاق على إعادة حركة الملاحة الجوية إلى مطار السليمانية.
وفي نفس السياق، قال المحلل الأمني والسياسي هشام الهاشمي، المقرب من مراكز القرار في الحكومة العراقية، لوكالة رووداو الكردية إن التطورات الأخيرة في مدينة كركوك حدثت نتيجة تنسيق بين بافل الطالباني، وقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني.
وكتب الهاشمي، على صفحته بموقع «فيسبوك» كركوك تحت إدارة الحكومة الاتحادية ومركزها تحت إدارة مشتركة دون أي مواجهات عسكرية وبضوء أخضر من أميركا.