بيروت ـ زينة طبّارة
رأى النائب والوزير السابق الخبير الدستوري د.حسن الرفاعي اثر استشارة «الأنباء» له حيال دستورية طرح «إلغاء الطائفية السياسية» وتطبيقها وفقا لما جاء في وثيقة الوفاق الوطني «اتفاق الطائف»، رأى ان الأخطاء في الاتفاق المذكور كثيرة إن لم يكن كل بند فيه يشمل أخطاء عديدة ما عدا بند واحد ألا وهو البند القائل بالمناصفة بين المسلمين والمسيحيين، معتبرا ان الخطأ الكبير وقع في الأساس يوم تطرق النواب اللبنانيون في الطائف الى المادة 95 من الدستور وقالوا فيها: «على المجلس النيابي المنتخب على اساس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين إنجاز الإجراءات الملائمة لتحقيق إلغاء الطائفية السياسية وفق خطة مرحلية، وتشكل هيئة وطنية برئاسة رئيس الجمهورية تضم بالإضافة الى رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء شخصيات سياسية وفكرية واجتماعية»، وأشار د.الرفاعي الى انه من مراجعة المادة 95 من الدستور يتبين ان على مجلس النواب وليس على رئيسه ان يتلمس ما يجب عمله للوصول الى إلغاء الطائفية وتشكيل الهيئة المقصودة، ما يعني بناء على ما سبق انه ليس لرئيس المجلس النيابي ان يقرر أمر تشكيل الهيئة.
ولفت د.الرفاعي في تصريح لـ «الأنباء» الى ان هذه المادة بهذا الموضوع تضمنت أخطاء كبيرة في الصياغة وفي المضمون من الناحية الدستورية، فالمبدأ في النظام الجمهوري الديموقراطي البرلماني يُدخل قضية إلغاء الطائفية في سياسة الدولة، وسياسة الدولة تقررها السلطة التنفيذية المتمثلة بمجلس الوزراء مجتمعا وليس برئيس مجلس الوزراء منفردا، وقول رئيس مجلس النواب، والحالة ما ذكر، أنه أخذ موافقة رئيس الجمهورية ليس كافيا، وذلك لاعتبار د.الرفاعي بموجب احكام الدستور ان رئيس الجمهورية لا يملك حق الموافقة او عدمها في مثل هذا الموضوع، مستنتجا من ذلك ان رئيس مجلس النواب تسرّع في موقفه قبل التمعن فيما نصت عليه المادة 95 من الدستور على عيوبها، بمعنى آخر يرى د.الرفاعي ان تأليف الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية وفقا للمادة المشار اليها اعلاه هو من ضمن صلاحيات السلطة التنفيذية وحدها، وهي الجهة الوحيدة الصالحة لتأليفها.
وألمح د.الرفاعي الى ان ما يطرح حاليا حيال إلغاء الطائفية السياسية يُعتبر مخالفا لأبسط مبادئ العلم الديموقراطي ألا وهو مبدأ فصل السلطات، لافتا الى ان الدستور يُعطي المجلس النيابي ورئيسه مجتمعين صلاحية تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية على ان يكون رئيسها رئيس الجمهورية وأعضاؤها الوزراء والسياسيين، هذا في الشكل، اما في الاساس، فيؤكد د.الرفاعي ان المواد القانونية عامة والدستورية خاصة لا تفسر بذاتها، بمعنى ان اي اقتطاع لمادة دستورية ام قانونية دون اخذ مشتملات القانون بكامله بعين الاعتبار هو الوقوع بالخطأ الجسيم لأن المواد مترابطة ومتسلسلة.
واشار د.الرفاعي الى ان تطبيق بند إلغاء الطائفية السياسية يتطلب مرحلة طويلة من التحضيرات لتهيئة الارضية القانونية والدستورية الملائمة، مذكرا بأن الدستور اللبناني الحديث «الطائف» نص على ان التمثيل النيابي يكون مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، ما يعني ان الدستور نفسه اعتمد الطائفية السياسية، مذكرا ايضا بإعطاء الدستور رؤساء الطوائف الدينية صلاحيات الاعتراض على عدم دستورية القوانين المتعلقة بالاحوال الشخصية وبالأمور الدينية ككل، الأمر الذي أدخل الطائفية من بابها العريض في صلب الدستور اللبناني، وايضا يعتبر د.الرفاعي ان العيش المشترك الذي يحميه الدستور في عدة مواد منه مبني على اساس طائفي وإلا لما كان سمي أساسا بـ «العيش المشترك» بين المسلمين والمسيحيين، فمعنى ما سبق ان مادة إلغاء الطائفية السياسية لا يمكن بحسب د.الرفاعي التطرق اليها ما لم تُعرب السلطة التنفيذية عن نيتها بقبول تعديل المواد الدستورية المتعلقة بالطائفية والمبنية على اساس التوزيع الطائفي.
وخلص د.الرفاعي الى القول ان هناك استحالة لإلغاء الطائفية السياسية ما لم يتم اولا فصل الدين عن الدولة وإلغاء المواد الدستورية التي تكرس الطائفية، وايجاد أحزاب سياسية غير طائفية ينتمي اليها مسلمون ومسيحيون من كافة المذاهب الموجودة في لبنان بحيث يعملون على مشروع سياسي موحد، على ان يجري الاقدام بعد كل ما ذكر على تطبيق بند إلغاء الطائفية السياسية، وألا يكون الأمر كمن يضع العربة قبل الحصان.