بيروت ـ عمر حبنجر
جدل مستجد قبل اقرار البيان الوزاري اليوم، على خلفية وثيقة حزب الله التي حملت رؤيا الحزب ازاء القضايا الساخنة في لبنان والمنطقة، ومنها المزاوجة بين المقاومة والجيش مادام التهديد الاسرائيلي قائما.
اسئلة اضافية طرحتها وثيقة حزب الله الثانية منذ تأسيسه، والتي تلاها وأجاب عن الاسئلة حولها الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله في مؤتمره الصحافي امس الأول.
ومن هذه الاسئلة التي تداولتها الاوساط السياسية والاعلامية، سؤال بصيغة الاستفهام عما اذا كان حزب الله قد انضم الى النادي السياسي اللبناني وبأي معايير؟
وهل تقدم موضوع الانضمام الى الداخل السياسي اللبناني على الدور الاقليمي المسلح، او السياسي لحزب المقاومة في لبنان؟
فقد اعتبر نصرالله ان الوثيقة تعبير عن الاطار الفكري والسياسي لرؤيته ومواقفه تجاه التحديات المطروحة، والراهن انها اي الوثيقة، توقفت عند الوضع اللبناني مطولا وطرحت معادلتين تتعلقان بالمقاومة التي ربطها باستمرار التهديدات الاسرائيلية وبقيام الدولة القوية القادرة.
بعض الاكثرية اعتبر في وثيقة الحزب مادة خلافية مع اللبنانيين ومشروعا تصادميا معهم، سيما لجهة عدم اعتبار لبنان وطنا نهائيا لجميع ابنائه، ووضعت شروطا لهذا الوطن بقيام الدولة القادرة والنظام السياسي الذي يمثل الجميع.
تعطيل الحوار
ولاحظ هؤلاء ان الوثيقة حددت مفهوم السيادة بالعداء لأميركا واسرائيل، في حين رفضت مفهوم الدولة السيدة في الداخل، وتحدثت عن الدولة بمفهوم الأفق المنظور، مستعملا صيغة «إلى ان تقوم الدولة»، وان نصرالله عطل في مكان ما طاولة الحوار بحديثه عن مفهوم الثنائية بين المقاومة والجيش وكأنه بذلك حدد مفهومه للاستراتيجية الدفاعية، معتبرا هذه الثنائية أمرا واقعا، الى جانب تمسكه بالديموقراطية التوافقية.
الوزير عدنان السيد حسين له رأي مغاير ففي المبدأ العام وجد ان وثيقة حزب الله فيها توجه لبناني واضح، فثمة من قال ان حزب الله طرح منذ عشرين سنة فكرة الجمهورية الاسلامية، اليوم وبعد الوثيقة يتبين ان هذا الأمر لم يعد مطروحا.
ولاحظ ان الاتجاه للبننة واضح وان الرؤية واضحة ايضا وصريحة، يمكن ان نوافق على بعضها أو لا نوافق، لكن المهم ان تكون الامور مطروحة من وجهة نظر كل طرف من القوى السياسية اللبنانية، وتحاول طاولة الحوار الوطني ان توفق في اطار السيادة اللبنانية بين مجمل هذه الرؤى بحيث لا يكون لبنان، معبرا الى العدوان الاسرائيلي او ممرا لإسرائيل ساعة تشاء. واضاف الوزير حسين: لابد من سياسة دفاعية مبنية على استراتيجية واضحة، والخبراء العسكريون هم الأدرى بما نستفيده من المقاومة الآن، والمقصود خبراء الجيش اللبناني، واسرائيل هي عدو حتى الآن، لاننا ملتزمون باتفاق الهدنة الذي لم ينه حالة الحرب، وهناك اشكالات مع الفلسطينيين في المخيمات وهناك موضوع التوطين، وهناك التزامات عربية من خلال الجامعة العربية.
مادة قابلة للنقاش
وفي اعتقاد الوزير حسين المحسوب على خط رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء، ان حزب الله قدم مادة للنقاش، يمكن ان ترفض لا بأس، لكن في اطار المناقشة الموضوعية على طاولة الحوار الوطني، لكن لفتتني نقطة في وثيقة حزب الله تقول: متى قامت دولة قادرة وعادلة يمكن النظر بدور المقاومة، وهذا معناه ان المسألة مرتبطة بقوة الدولة اللبنانية.
وكانت الوثيقة السياسية للحزب التي اذاعها السيد نصرالله، تناولت محاور تعكس مواقف حزب الله من العناوين الساخنة في المنطقة، ولاسيما الصراع مع اسرائيل الا ان الوثيقة حملت محورا اساسيا حول الوضع في لبنان، اعتبرت فيه ان الديموقراطية التوافقية هي البديل ريثما يتم الاتفاق على الغاء الطائفية السياسية.
النائب نبيل دو فريج عن تيار المستقبل اعتبر من جهته ان السيد نصرالله لم يقفل الطريق انما ترك بابا للأمل بالتوصل الى اتفاق، فالاستراتيجية الدفاعية التي يراها مناسبة هي تلك التي اعلنها على طاولة الحوار الاول، قبل عدوان يوليو 2006، لكن العناوين الكبرى لاستراتيجيته هي نفسها المزاوجة بين الجيش والمقاومة كما هي اليوم، ولا اظن ان فكرته تغيرت، انما هناك مرونة ظاهرة في وثيقة اليوم ضد التقسيم والفيدرالية مع الغاء الطائفية السياسية، ورغم ان حزب الله حزب طائفي نراه ينادي بالغاء الطائفية السياسية.
بيد أن النائب عقاب صقر «عن المستقبل» اعتبر ان وثيقة حزب الله الجديدة جاءت مختلفة عن الوثيقة السابقة وان الحزب استخلص العبر فجاءت الوثيقة اكثر «دولنية» وان كان موضوع السلاح بقي نقطة ملتبسة من خلال الحديث عن دور للمقاومة الى جانب الجيش، واصفا اياه بالقفزة الكبيرة ولو انها تحتاج الى بعض التطهير، لكن منسق الامانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد، رأى في ضوء الوثيقة الجديدة ان حزب الله مصاب بداء «الانتفاخ السياسي» ولاحظ سعيد ان نصرالله لم يلفظ خلال اعلانه وثيقة الحزب ـ ولا مرة ـ نهائيا الكيان اللبناني، ولو انه قال ان لبنان ارض الاجداد والاحفاد، كما ان اتفاق الطائف الذي هو دستور لبنان لم تتناوله الوثيقة التي اعتبر انها «نسفت طاولة الحوار» وجهود اللبنانيين من اجل بناء استراتيجية دفاعية موحدة، من خلال محاولة فرض وجهة نظره بمفهوم تزاوج المقاومة مع الجيش.
المكتب السياسي لحزب الكتائب جدد الاعلان عن رفضه المساواة بين سلاح الجيش والمقاومة وتقاسم السيادة بما يتناقض مع المصلحة الوطنية العليا.
وأعلن الحزب في الوقت ذاته عن دعمه التام لحكومة الرئيس سعد الحريري، لافتا الى اهمية اعتماد معايير جديدة في اختيار من سيجلس الى طاولة الحوار كي لا تتحول الى منتدى سياسي او الى برج بابل. الوزير بطرس حرب اعلن من جهته ان خيار الوزراء المسيحيين في الاكثرية هو التمسك بالتحفظ على ما لا يتوافق مع قناعاتهم في نص البيان الوزاري.
يوم البيان الوزاري
وسيقر مجلس الوزراء في اجتماعه اليوم، البيان الوزاري بصيغته النهائية، مشوبا بتحفظ اربعة وزراء، هم الوزير بطرس حرب ووزيرا «القوات اللبنانية» ابراهيم نجار وسليم وردة ووزير الكتائب سليم الصايغ.
وكان الوزراء المسيحيون من 14 آذار اجتمعوا للتشاور في منزل الوزير ميشال فرعون لكنهم لم يتوصلوا الى بيان مشترك، بعدما تعذر على فرعون الانضمام الى تحفظاتهم، الا ان هؤلاء التقوا على دعم حكومة الحريري. وعلى هذا فإن البيان سيحظى بموافقة الوزراء المحسوبين على الرئيس ميشال سليمان وعلى وزراء كتلة لبنان أولا، وتكتل الاصلاح والتغيير بالاضافة الى وزراء امل وحزب الله واللقاء النيابي الديموقراطي.