بيروت ـ عمر حبنجر
اعتمد مجلس الوزراء اللبناني في ثاني جلسة له مسودة البيان الوزاري المثير للجدل، بما عليه من تحفظات تسجيلية لوزراء مسيحيين من قوى الأكثرية، مفسحا المجال أمام تقدم الحكومة الى مجلس النواب، طالبة الثقة على أساس ذلك البيان.
وترأس الرئيس ميشال سليمان الجلسة بحضور الرئيس سعد الحريري والوزراء كافة، وسبقتها خلوة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة الذين أجمعوا على اعتماد التوافق لحل الأزمات الداخلية بمعزل عن التحفظات التي على البند المتعلق بالمقاومة وسلاح حزب الله.
اجتماع مجلس المطارنة
في غضون ذلك، شارك العماد ميشال عون مجلس المطارنة الموارنة في اجتماعهم الشهري في بكركي امس، برئاسة البطريرك الماروني نصرالله صفير، في خطوة غير مسبوقة، وصفها العماد عون بالتاريخية.
واستمر الاجتماع نحو ساعتين، قال عون بعده ان الزيارة مهمة وتاريخية، وتم فيها عرض للأوضاع السياسية وتخللتها أسئلة وإيضاحات حول السياسة الراهنة، وقال انها كانت ضرورية لتوضيح المواقف، خاصة لجهة سلاح حزب الله.
وأكد عون ان ما حصل ليس مصالحة بل توضيحات، وستكون نتائجها ممتازة على العلاقات بين البطريركية المارونية التي هي مرجعية تاريخية لها دورها في إنشاء لبنان الكبير.
وسلم عون بوجود تباين في وجهات النظر حول سلاح حزب الله، لكنه سعيد جدا بهذا اللقاء التقاربي الذي تخلله الوضوح وإيجابياته ستكون لمصلحة اللبنانيين، خصوصا المسيحيين، وستتبلور هذه الإيجابيات قريبا.
وشارك عون البطريرك الماروني والمطارنة غداءهم بناء لطلب بكركي.
عودة بري والحريري من الخارج
وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري عادا من إجازة عيد الأضحى امس، بالتزامن مع اتصالات أجراها الرئيس ميشال سليمان مع رئيس مجلس النواب حول تحديد الجلسة النيابية العامة لمناقشة البيان الوزاري للحكومة والتصويت على الثقة في ضوء ما سيقرره مجلس الوزراء، الذي صادق لاحقا على مشروع البيان الوزاري مرفقا بالتحفظات المعروفة.
ويقول الرئيس بري انه يتعين إبلاغ نص البيان الوزاري المصادق عليه الى مجلس النواب اليوم، كي يتسنى توزيعه على النواب قبل 48 ساعة من الموعد المفترض لجلسة مناقشته الاثنين او الثلاثاء المقبلين، على ان تستمر 3 ايام، وستنقل وقائعها مباشرة عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة.
تعديل البند السادس أو حذفه
وقال وزير العدل المتحفظ على الفقرة السادسة من البيان المتعلق بالمقاومة وسلاحها إبراهيم النجار انه حضر جلسة مجلس الوزراء امس التزاما بالبيان الصادر عن اجتماع القوات اللبنانية في معراب السبت الماضي والذي اعتبر ان إيراد فقرة المقاومة في البيان الوزاري مناقض لوثيقة الطائف ويشكل التفافا على طاولة الحوار الوطني. وعلم ان نجار طرح أيضا تعديل البند السادس او حذفه، بداعي الحفاظ على هيبة الحكومة ومصداقيتها، التزاما بمضمون بيان نواب «القوات».
تجاوز الطائف
بدوره حزب الكتائب رأى في دعوة النائب وليد جنبلاط الى «المداورة في الرئاسات»، تجاوزا للطائف، وقد أثار الوزير الكتائبي سليم الصايغ هذا الموضوع في جلسة مجلس الوزراء امس، ضمن اطار المطالبة باستحداث فقرة في البيان الوزاري تتناول صلاحيات رئيس الجمهورية، بيد ان الصايغ والوزراء الآخرين المتحفظين على البيان الوزاري: بطرس حرب وابراهيم نجار وسليم وردة، اكدوا سلفا الالتزام بالبيان الوزاري وبالتضامن الحكومي.
ولاحظت مصادر متابعة ان اهمية البيان الوزاري تتمثل في تأكيده على ثلاث نقاط اساسية، تتناول المقاومة واعتبار سلاحها خارج النقاش وطي الصفحة السابقة مع سورية، أما البند الثالث فهو حفظ استقرار لبنان وعدم اخذ البلد الى أزمة عند كل خلاف سياسي يحصل.
سفر الحريري وسليمان
كما ستكون زيارة سليمان الى واشنطن هي الاولى للخارج بعد نيل الحكومة الثقة، قد تكون زيارة الحريري الى كوبنهاغن، الزيارة الخارجية له بعد تسلمه «درع الثقة» من مجلس النواب، في وقت تنشط التحضيرات لزيارته المزمعة الى العاصمة السورية.
الرئيس ميشال سليمان جدد امام زواره امس التأكيد على ان الوفاق الداخلي اساس لمقاربة ملفات لا تناقض البند «ياء» من الدستور، كاشفا عن ان الغاء الطائفية السياسية يجب ان يحافظ على التنوع والمناصفة والعيش المشترك.
وثيقة حزب الله تحت المجهر
في هذا الوقت بقيت الوثيقة السياسية لحزب الله في واجهة ردود الفعل السياسية المؤيدة، أو المتحفظة، على مستوى الداخل اللبناني. وانفرد رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط بقراءة متميزة للوثيقة عن فريق الاكثرية اللبنانية داعيا قيادة حزبه التقدمي الاشتراكي الى درس الوثيقة جيدا تمهيدا لوضع الاسس والعناوين المشتركة بين الحزبين في مرحلة لاحقة.
وقال جنبلاط في تصريح له امس: نحن نلتقي ونشارك حزب الله في عناوين عديدة من هذه الوثيقة ان لم يكن في غالبية تلك العناوين.
واضاف جنبلاط: في الموضوع اللبناني نحن نوافق حزب الله على التوصيف الذي وصفه، وهو ان علة النظام اللبناني، هي في الطائفية السياسية.
واستبعدت مصادر نيابية اكثرية ان يكون للوثيقة السياسية التي اعلنها حزب الله امس الاول، أي تأثير سلبي على عمل الحكومة، على اعتبار ان الوثيقة مجرد برنامج عمل سياسي غير مرتبط بتوجهات الحكومة أو برنامج عملها. واشارت المصادر الى ان الفريقين، متوافقان على ضرورة عزل العمل الحكومي عن الخلافات السياسية، التي تم ترحيلها الى طاولة الحوار.
غير ان المصادر عينها متخوفة من ألا تجري الرياح الاقليمية حسب مشتهى سفن الوفاق اللبناني، مما قد يعيدها الى بحر العواصف والاعاصير.
وثيقة حزب الله، ناقشتها الامانة العامة لقوى 14 آذار وسجلت تحفظاتها الكثيرة عليها.
كما كانت موضع تداول مجلس المطارنة الموارنة في اجتماعه الشهري في بكركي امس برئاسة البطريرك الماروني نطرالله صفير العائد من الڤاتيكان، وحضور العماد ميشال عون، لأول مرة.
وزير حزب الله محمد فنيش، وردا على سؤال لصحيفة «المستقبل» قال: ان حزب الله اطلق وثيقته وليس من واجبنا نحن تقييمها، بل نترك للاطراف الاخرى ان تعطي رأيها فيها. بينما قال النائب السابق مصطفى علوش للصحيفة عينها ان الوثيقة لا تقدم اي جديد في سياسة حزب الله سوى بعض المحسنات اللفظية، تشكل اعادة تلخيص لسياسة الحزب في السنوات الاخيرة.
من جهة أخرى، بحث الرئيس السوري بشار الاسد امس الاربعاء والامين العام للمجلس الاعلى السوري ـ اللبناني نصري خوري العلاقات الثنائية وآفاقها المستقبلية في ضوء تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة. ونقل بيان رئاسي سوري ان الجانبين بحثا ايضا «دور المجلس الاعلى السوري اللبناني في توطيد العلاقات التاريخية التي تربط الشعبين الشقيقين».