بيروت ـ عمر حبنجر
افتتح مجلس النواب اللبناني «مهرجان» الثقة بالحكومة عبر مناقشة البيان الوزاري لرئيس الحكومة سعد الحريري، بتلاوة الاخير للبيان المؤلف من 28 صفحة فولسكاب، والذي استغرقت تلاوته ساعة ونصف الساعة.
الجلسة استهلها رئيس المجلس نبيه بري واطلع النواب على نتيجة الطعون النيابية التي رفضها المجلس الدستوري، ثم طلب تلاوة مراسيم تشكيل الحكومة.
الحريري وقف ولاول مرة على منصة الخطابة في قاعة المجلس بصفته رئيسا لمجلس الوزراء استبق تلاوة البيان، بالقول صحيح ان الحكومة حكومة ائتلاف، وقد تحصل على ثقة كل الكتل أو 99% من المجلس، لكنها لم تشكل كي تغلق بعدها الحياة الديموقراطية.
واضاف نحن امام امتحان ثقة المواطن بالدولة ورهاني كبيرة جدا اننا سنفوز بالامتحان بجدارة.
البيان الوزاري عرض لبرنامج الحكومة مشددا على احترام القرارات الدولية ولفت في بنده السادس المثير للجدل الى حق لبنان بشعبه وجيشه ومقاومته باسترجاع مزارع شبعا وتلال كفر شوبا، كما لفت في بنده التاسع الى العلاقات الاخوية اللبنانية ـ السورية وترسيم الحدود.
وكان الرئيس الحريري هيأ الاجواء لجلسات النقاش بالدعوة الى عدم اضاعة فرصة حكومة الوحدة الوطنية، وفرصة التقارب العربي والفرص الاقتصادية المتاحة.
وفي البيان الوزاري عرض الحريري الى المبادئ العامة، والاهداف، وتناول في الباب الثاني الثوابت السياسية للحكومة بينما اسهب في الباب الثالث في الاصلاحات التي تنويها الحكومة.
وركز الحريري على هيبة الدولة واحترام القانون وعلى دعم القوى الأمنية الشرعية بالعتاد والتجهيز، والتشدد في مكافحة انواع الجرائم كافة، واصلاح القضاء وتسريع البت في الدعاوى.
كما اكد على موقع لبنان ودوره في تعزيز النشاط الديبلوماسي على الصعيدين الاقليمي والدولي والاضطلاع بشكل فاعل بالدور المترتب على عضوية لبنان في مجلس الأمن الدولي.
67 نائباً على لائحة الكلام
وبلغ عدد طالبي الكلام 67 نائبا، اي أكثر من نصف اعضاء المجلس، ما سيبدو معه ان مجلس النواب يناقش نفسه بنفسه، وسط تفاهم ضمني يؤول الى عدم ترك المناقشات، حول اي شأن سياسي او اقتصادي، تخرج من عقالها، حفاظا على المناخ السياسي السائد، والمرتبط بالطبيعة الإقليمية الراهنة.
وغداة بدء المناقشات أبدى نائبان عزمهما حجب الثقة عن الحكومة الجديدة، هما النائب دوري شمعون رئيس حزب الوطنيين الاحرار، بسبب البيان الوزاري والبند السادس منه الذي يعطي حزب الله وسلاحه صفة معنوية من خلال الإشارة الى حقه في المقاومة مع الجيش والشعب، ونائب زحلة نقولا فتوش، احتجاجا على عدم وجود وزير زحلاوي في الحكومة.
وكانت الكلمة الأولى في مناقشة البيان الوزاري للعماد ميشال عون، بوصفه رئيس وزراء سابق، تلاه رئيس الوزراء السابق أيضا نجيب ميقاتي، ثم كرّت سبحة النواب الذين تعاقبوا على الكلام في جلسة الأمس، حيث تمحورت كلماتهم حول العناوين إياها المطروحة على بساط المناقشة منذ تشكيل الحكومة، التي تشمل المقاومة وسلاح حزب الله، وستكون محط رحال نواب 14 آذار وخاصة المسيحيين منهم، مقابل تركيز نواب 8 آذار على الإصلاحات الاقتصادية والخصخصة، فيما يتمترس نواب كتلة التحرير والتنمية، برئاسة الرئيس بري خلف مطالبته بتشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، تطبيقا لأحد البنود المنسية من وثيقة الطائف.
وكان رئيس المجلس النيابي لاحظ ان البيان الوزاري لم يتضمن اقتراحه بتشكيل هذه الهيئة، ولذلك طلب من نواب كتلته اثارة هذا الموضوع خلال مناقشة البيان الوزاري.
وفي مداخلة مرتجلة، طمأن العماد عون اللبنانيين الى عبور المرحلة من دون منفعة أو خلل كما قال، مؤكدا ان الأحداث لن تتكرر في لبنان، ودعا الى اعداد الشعب اللبناني لمرحلة الغاء الطائفية السياسية.
التجربة التركية
كما تطرق إلى موضوع الغاء الطائفية السياسية مستشهدا بالتجربة التركية قائلا ان الغاءها من قبل اتاتورك جعل الجيش يتدخل لحمايتها لأنها لم تكن مبنية على قناعة شعبية.
وقد رد بري موضحا بالقول هناك خطأ في فهم طرح آلية الغاء الطائفية السياسية وما قلته انه يجب تشكيل هيئة لإعداد الدراسات والآليات.
لقطات من الجلسة
الحريري ارتبك وشرب قنينة ماء: ملاحظات عديدة رصدت في جلسة مناقشة البيان الوزاري أثناء تلاوة رئيس الحكومة سعد الحريري للبيان بصورة رسمية علما أن الحريري شرب قنينة ماء خلال تلاوته للبيان، وهي العملية التي استغرقت ساعة وثلث الساعة. الحريري ارتبك أكثر من مرة خلال قراءته بعض المفردات كما حصل معه عند عبارة «تعاونهما» التي لم يستطع قراءتها فتوجه للنواب قائلا: «فهمتوها» ما دفع رئيس المجلس النيابي نبيه بري للقول له: «بدك حدا يكمل عنك؟».
مرسال المراسيل: أثناء تلاوة الحريري للبيان الوزاري، أرسل بري ورقة له فقال له رئيس الحكومة: لا أستطيع أن أضيفها للبيان الوزاري.
كتب ومجلدات: لوحظ في المجلس أن بعض النواب انصرفوا إلى كتابة أو تنقيح كلماتهم أثناء تلاوة الحريري للبيان. وقد نال الحريري تصفيقا حارا من النواب بعد الانتهاء من تلاوة البيان الوزاري فيما شوهد النائب نضال طعمة وقد وضع البيان الوزاري على شكل «مجلد» وهو قد يكون الوحيد بين النواب الذي فعل ذلك.