عمد الرئيس الاميركي باراك أوباما الى تغيير نهج ديبلوماسية بلاده بشكل جذري منذ بدء عامه الاول في البيت الابيض والذي أوشك على الانتهاء، وهو تحرك وجد ترحيبا على نطاق واسع لكنه لم يتمخض إلا عن بضع نتائج ملموسة. فلقد نال أوباما قدرا من الاشادة في الخارج بحديثه عن تأييد نهج متعدد الاطراف بعد 8 سنوات من النهج الاحادي الذي اتبعه سلفه جورج بوش. هذا النهج جعله يفوز بجائزة نوبل للسلام لكن لم يتحقق سوى القليل من أهداف السياسة الخارجية. وفي هذا الصدد قال جون بايك، وهو محلل سياسي في موقع غلوبال سيكيورتي دوت أورغ، «لا أظن أن في جعبتهم الكثير جدا مما يمكنهم الاستعراض به». فلايزال يتعين على الاسرائيليين والفلسطينيين الجلوس معا لبدء مفاوضات حول التوصل إلى تسوية كما رفضت إيران نهج التقارب الرامي إلى حل المأزق الناجم عن طموحاتها النووية وحتى مؤخرا لم يضمن أوباما الحصول حتى على أكثر الاسهامات تواضعا من الأوروبيين في مسعاه الرامي إلى زيادة حجم قواته في أفغانستان.
إغلاق غوانتانامو
لكن الحق يقال ان أوباما اتخذ بعض الخطوات الكبرى لاعادة بناء صورة أميركا في الخارج فقد أعلن إغلاق مركز الاعتقال في خليج غوانتانامو وفي خطوة تمثل تنازلا كبيرا للروس قرر إلغاء خطط بوش المثيرة للجدل والخاصة بإنشاء نظام للدفاع الصاروخي طويل المدى في شرق أوروبا.
وفي هذا الصدد قال المحلل بايك «كل ما في الامر أن الروس وضعوا (هذا التنازل) في جيبهم وقالوا شكرا عظيما لكم دعونا ننتقل إلى البند التالي». يتضح ذلك من خلال عدم تزحزح الروس ومعهم الصينيون قيد أنملة عن رفضهم تأييد اقتراح تشديد عقوبات مجلس الامن الدولي على إيران. أوباما تحرك بعد يومين من توليه سدة الحكم من أجل الوفاء بوعد كان قد قطعه على نفسه إبان حملته الانتخابية وهو إغلاق غوانتانامو الذي يضم بين جنباته المشتبه بهم في الحرب على الارهاب. وكان معسكر السجون هو أحد الاسباب الرئيسية التي ساهمت في تراجع صورة الولايات المتحدة ولذا استقبلت مختلف عواصم العالم قراره بإغلاق المعسكر بالترحاب الشديد. لكن لم يتقدم سوى حفنة من الدول لتسلم بعض المعتقلين من أصل 215 معتقلا لايزالون محتجزين بالقاعدة البحرية الاميركية في كوبا وهو ما يزيد احتمال انتهاء المهلة النهائية التي حددها أوباما لاغلاق مركز الاعتقال وهي الثاني والعشرين من الشهر المقبل. وفي الثالث من الشهر الحالي صرح وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس بأن هناك 116 نزيلا تنطبق عليهم شروط النقل إلى دولة أخرى.
بيد أن سعي أوباما لتحسين صورة الولايات المتحدة في العالم واستعداده لبدء حقبة جديدة من العلاقات مع أعداء تقليديين مثل كوبا وإيران وكوريا الشمالية كان كافيا في نظر مؤسسة نوبل لكي تمنحه أرفع جائزة في العالم. ويعتقد المراقبون أن اللهجة الجديدة التي يتبناها أوباما هي في حد ذاتها بمثابة إنجاز.
إرسال قوات إلى أفغانستان
وكتب جاكوب فايسينبرغ مؤخرا في مجلة نيوزويك قائلا «لا، فالنتائج حتى الآن لا تجعله يستحق جائزة نوبل. لكن ليس هناك رئيس جديد منذ ريغان استطاع أن يعيد صياغة الدور العالمي لأميركا بسرعة وعزم». في أول ديسمبر الحالي أعلن أوباما عن خططه تصعيد الحرب في أفغانستان بارسال 30 ألف جندي إضافي وتمكن من إقناع الحلفاء في منظمة حلف شمال الاطلسي (الناتو) بالمساهمة في هذا الجهد. لقد بذل بوش جهودا مستميتة ومستمرة من أجل إقناع الشركاء في الناتو بالاسهام بالمزيد من الجهد لكن أوباما تمكن من إقناعهم بارسال 7 آلاف جندي إضافي لاستكمال الحشد العسكري الاميركي. والكثير من الحلفاء في الناتو يحظرون إرسال قواتهم إلى مناطق القتال. وسيتحدد ما إذا كان هذا الدفع غير الاميركي الجديد بالقوات سيشمل أيضا تلك القيود. وقال المحلل بايك «مسألة أن هناك مجموعة من جنود حفظ السلام لا يصرف لهم رصاص لن تمثل أي فارق».