بيروت: ترى مصادر سياسية
قريبة من الأمانة العامة لـ 14 آذار ان المرحلة التي تحكم لبنان والمنطقة انتقالية، وتفترض اعتماد أساليب مواجهة جديدة من أجل استمرار التحالف المسيحي ـ الإسلامي داخل 14 آذار وتحصينه، وهذا التحصين هو مهمة مسيحية لجملة أسباب أهمها أن انتقال السنة من موقع إلى آخر على غرار ما حصل مع وليد جنبلاط غير ممكن، نظرا الى ارتباطهم بتوازنات سنية ـ شيعية وعربية ـ ايرانية، وبالتالي العمل على فرط 14 آذار سيتركز على الجانب المسيحي في الانتفاضة بغية إضعافه وضرب فكرة اللقاء بين اللبنانيين. فالمطروح اليوم هو البحث في تقطيع هذه المرحلة الانتقالية من دون أن تترك أي انعكاسات على تحالف 14 آذار. وتكشف المصادر عن نقاش سياسي هادئ وعميق داخل 14 آذار في شأن كيفية التعاطي مع هذه المرحلة، وثمة وجهتا نظر تتجاذبان أوساط «14 آذار المسيحي»:
الأولى تدعو إلى قيام لقاء مسيحي على غرار لقاء قرنة شهوان يضم أركان مسيحيي 14 آذار. أما الأسباب الموجبة فأهمها:
1 ـ ترتكز انتفاضة الاستقلال على 3 قوى هي تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي ولقاء قرنة شهوان. وفي الوقت الذي حافظ كل من المستقبل والاشتراكي على شخصيته وحضوره، انفرط عقد لقاء قرنة شهوان وبات الكلام عن مسيحيي 14 آذار، في حين أن إحياء اللقاء لا يعني إعادة الفرز بين مسيحيي الأكثرية ومسلميها، لأن اللقاء الديموقراطي قبل تموضعه الجديد بعد 2 أغسطس وتيار المستقبل يضمان في صفوفهما مسلمين ومسيحيين، بينما فلسفة لقاء القرنة قامت على أساس لقاء مسيحي بخطاب وطني من أجل الالتقاء على مساحة مشتركة مع الشريك الوطني.
2 ـ فشل قوى 14 آذار لأسباب ذاتية وأخرى موضوعية طبيعية في تحويل تجمعها جبهة سياسية واحدة، كما خروج المكون الدرزي من صفوفها، يستدعيان تعزيز الوضع المسيحي داخل 14 آذار وتمتينه، لأن التحديات التي تواجه استمرار هذا اللقاء باتت أكبر، لاسيما أن المسؤولية الكبرى في هذا المجال تقع على عاتق مسيحيي هذا التجمع.
3 ـ اللحظة السياسية الإقليمية التي فرضت على تيار المستقبل تعديلا في خطابه لا في مساره، تتطلب توزيعا للأدوار مدروسا بين تكتل «لبنان أولا» ومسيحيي 14 آذار، وهذا التوزيع يفترض قيام لقاء مسيحي يؤدي المهمة نفسها التي قام بها لقاء قرنة شهوان عبر التمسك بالشراكة.
4 ـ إن سلسلة الأحداث التي شهدها لبنان بين 2005 و2009 من فشل الرهان على الديموقراطية بعد الفوز في استحقاقين انتخابيين، وصولا إلى إعادة تموضع وليد جنبلاط وتماهي تيار المستقبل بالتوجه السعودي. إن كل هذه الأحداث وغيرها تفترض قيام لقاء مسيحي لسببين على الأقل: الدفاع عن التوجه المسيحي (من موقع القوة التمثيلية) المتمسك بالشراكة المسيحية-الإسلامية التي من دونها يعني فتح الساحة اللبنانية مجددا أمام الوصايات الخارجية، والدفاع عن هذا التوجه المسيحي الأكثري الذي استطاع بين دورتين انتخابيتين إعادة إثبات وجوده وحضوره، وهو يثبت يوما بعد يوم قدرته على تعزيز مكانته مقابل تراجع شعبية الطرف المسيحي الآخر.
ولكل هذه الأسباب وغيرها، تدعو وجهة النظر هذه إلى قيام لقاء مسيحي يحمل أهداف 14 آذار ويعكس الاطمئنان لدى هذه الشريحة المسيحية ويضع حدا نهائيا للتخويف بالعزل، ويحول دون اللجوء إلى خيارات سياسية أقل ما يقال فيها انها انتحارية، ومردها إلى اللحظة السياسية الانتقالية التي تعيشها المنطقة ومن ضمنها لبنان. أما وجهة النظر الأخرى، فترى أن أي إطار سياسي مدني أو مسيحي لا يخدم أهداف 14 آذار وتطلعاتها، سواء من زاوية تجاوز الخصوصيات أو لجهة أن أي أطار سيتحول مع الوقت رديفا لتجمع 14 آذار، مما قد يؤدي إلى زيادة التناقضات وتعميقها.