عواصم ـ هدى العبود ـ عمر حبنجر
الزائر في دمشق والمرحبون في بيروت.. الحركة السياسية في لبنان اقتصرت على رصد أصداء زيارة رئيس حكومة لبنان سعد الحريري، الأولى الى العاصمة السورية، مع تقييم ما تيسر من معلومات عن نتائج جلسات النقاش الثلاث التي انعقدت بين الزائر والمضيف، رأسا برأس، وبمعزل عن الوزراء والمساعدين.
ففي دمشق، ومن مبنى السفارة اللبنانية، أشاد رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري بالعلاقات بين بلاده وسورية ووصفها بالإيجابية مادامت «السماء زرقاء».
وقال الحريري في مؤتمر صحافي عقده أمس في ختام زيارته، إن «العلاقة بين سورية ولبنان صادقة وودية»، مشيرا إلى أنه بحث والرئيس السوري بشار الأسد «كل ما يهم الشعبين وتطرقنا لكل المواضيع بشكل إيجابي».
وأضاف الحريري «نريد علاقات جديدة بين البلدين ترى الأمور الايجابية.. علاقات تحل الأمور بشكل هادئ وصريح وغير استفزازي».
وأكد الحريري في أكثر من مناسبة خلال المؤتمر على أن مباحثاته مع الأسد كانت «جيدة وممتازة وصريحة» لافتا إلى أن الرهان سيكون «على مستقبل أفضل بين البلدين في كل المجالات».
وأوضح الحريري «نحن نريد علاقات مميزة مع سورية، والعلاقات المميزة تكون قائمة على الصراحة والصدق، ومن هذا المنطلق بحثنا مصلحة البلدين وكيف يمكن لنا أن نقدم العلاقات بشكل إيجابي» مشددا على أن تسجيل النقاط بشكل سلبي لا يفيد البلدين.
وأضاف الحريري «اتفقت والرئيس الأسد على مجموعة خطوات حتى تكون هناك خطوات عملية ليست مبنية فقط على العلاقات الشخصية بل على أسس تفيد البلدين والشعبين».
وردا على سؤال حول الكيفية التي سيتعامل بها مع أطراف 14 آذار بعد هذه الزيارة قال الحريري «أنا رئيس حكومة كل لبنان والرئيس الأسد حريص على أن تكون حكومة الوحدة الوطنية حكومة كل اللبنانيين» وأضاف «عندما دخلت في حكومة الوحدة الوطنية دخلت على أساس أن نجمع كل الناس، وكل وزير في الحكومة هو وزير لكل لبنان وليس لفئة سياسية محددة».
وتابع الحريري «جئت كرئيس حكومة لكل لبنان وليس لتيار المستقبل، ومن هذا المنطلق نحرص على بناء علاقة ودية بين الدولتين والشعبين، وهذا ما أكدناه في البيان الوزاري وعلى أساسه أعطاني مجلس النواب الثقة».
المحكمة الدولية
وفيما يخص المحكمة الدولية أكد رئيس تيار المستقبل أنه لم يتم التطرق للموضوع، مشيرا إلى ما سبق وأكده الأسد من أن «المحكمة في المجتمع الدولي تقوم بعملها وكلنا يريد الحقيقة».
ونفى الحريري التطرق إلى الاستنابات القضائية السورية بحق عدد من الشخصيات اللبنانية لأنها «تخص الجهات القضائية في البلدين».
وحول الدور السعودي في زيارته أوضح أن هذه الزيارة تأتي «ضمن عدة لقاءات في سياق المصالحة العربية العربية التي بدأها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في الكويت ومن ثم في الرياض وقطر وهذه نتائجها «لافتا إلى أن هناك مصالحات لتوحيد الصف العربي لمواجهة التعنت الإسرائيلي بالخروج من الأراضي الفلسطينية واللبنانية ومن الجولان. وأشار إلى أن لبنان مهتم بأن يعود الجولان إلى سورية وأن هناك تشاورا دائما في هذا الموضوع.
ودعا الحريري وسائل الإعلام إلى التعامل بإيجابية مع الزيارة بعيدا عن الكلام بطريقة «تسجيل النقاط على بعضنا». وبهذه الدعوة أنهى الحريري زيارة إلى دمشق استمرت يومين هي الأولى له منذ اغتيال والده رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في العام 2005.
لبنانيا، المعارضة كانت الأكثر حماسة للزيارة الحريرية تليها كتلة المستقبل، وفيما رحب حزب الكتائب ببروده انطلاقا من اعتبار الزيارة طبيعية، لم يصدر عن الطرف المسيحي الأكثري الآخر وهو القوات اللبنانية أي رد فعل، ومثلها للنائب وليد جنبلاط المرحب سلفا، في حين اعرب البطريرك الماروني نصرالله صفير عن ارتياحه للأجواء، دون اشارة مباشرة لزيارة رئيس الحكومة الى دمشق، بينما وصف الشيخ عبدالأمير قبلان نائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى، زيارة الحريري الى دمشق بالخطوة الشجاعة والكبيرة، واثقا من قدرة رئيس الحكومة على معالجة الامور بحكمة وبفتح باب الحوار مع دمشق التي باتت طريقها سالكة وآمنة ومطمئنة لمن يرغب بسلوكها.
بعض أوساط 14 آذار، قالت لـ «الأنباء» ما أكده الحريري لاحقا من دمشق، وهو أنه قام بزيارة العاصمة السورية في نطاق مسؤوليته
كرئيس حكومة لبنان، الذي على عاتقه اقامة العلاقات الجيدة مع سورية والدول العربية.
وقد اقتصر الوفد المرافق على مدير مكتبه نادر الحريري.
واكدت المصادر ان كل مكونات 14 آذار دعمت الزيارة لما فيه مصلحة لبنان. وردت المصادر زيارة الحريري هذه الى قمة المصالحة العربية في الكويت التي اطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وتفاعلت على المستوى السوري واللبناني حتى الوصول الى استضافة الرئيس الاسد لرئيس وزراء لبنان في قصر تشرين الرئاسي المخصص لاستضافة الملوك والرؤساء.
وكشفت المصادر عن مساهمة الرئيس ميشال سليمان في تحقيق هذا اللقاء بين الرئيس بشار الاسد والحريري، وهو كان فتح الحديث اثناء زيارة التعزية التي قام بها الى دمشق قبل ايام.
حزب الله: زيارة تاريخية
اوساط قيادية في حزب الله وصفت الزيارة بالمهمة والتاريخية، وقالت ان الحزب تابعها دقيقة بدقيقة كونها ستنعكس استقرارا على الوضع الداخلي في لبنان، كما ستساهم في اعادة تطبيع العلاقات بين البلدين، وتوقعت ان تساهم الزيارة في تحاشي اي فتنة مذهبية.
الجميل: زيارة طبيعية
من جانبه، اعتبر الرئيس امين الجميل رئيس حزب الكتائب ان زيارة الحريري الى دمشق طبيعية من اجل تطبيع العلاقات التي ينبغي ان تستقر بمعزل عن الظروف التي مرت بها العلاقات الثنائية.
واضاف الجميل: كنا منذ البدء مؤيدين لزيارة رئيس الحكومة الى دمشق، واذا اراد الرئيسان ان تأخذ الزيارة الطابع الشخصي فربما يكونان في ذلك على حق، مما يسهل في المستقبل المعالجات العملية لكل الامور العالقة بالطرق الرسمية.وكان رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة وصف زيارة الحريري الى دمشق بالمهمة، وامل منها كل الخير، وان تضع العلاقة بين البلدين على اسس سليمة.
من جهته، رأى رئيس الحكومة الاسبق سليم الحص ان رئيس الحكومة سعد الحريري كان شجاعا في تناسي ما كان يقوله في حق الرئيس السوري بشار الاسد، مقدما مصلحة لبنان العليا على اي اعتبار آخر، اما الرئيس الاسد فقد اظهر الكثير من الترفع، اذ تجاوز ما كان يقوله الرئيس الحريري في حق سورية مقدما سلامة العلاقة بين البلدين الشقيقين على اي حساب آخر، وهو يستحق كل الشكر والتقدير على ذلك، وتمنى في تصريح ان تكون زيارة الرئيس الحريري الى الرئيس الاسد فاتحة مرحلة جديدة تكون فيها العلاقات مميزة حقا وتصب في مصلحة البلدين الشقيقين.