فجأة يعود القرار 1559 الى دائرة الضوء ويسحب «اعلاميا» من جوارير الأمم المتحدة ويصبح مشروع مواجهة ديبلوماسية «وهمية» و«مشروع مشكلة سياسية داخلية» لا مبرر لها ولا طائل منها. وأسوأ ما فيها توقيتها المتزامن مع انطلاقة الحكومة الجديدة في أول امتحان لصدقيتها الدولية وقدرتها على الايفاء بالتزاماتها.
أعيد فتح ملف القرار 1559 سياسيا وعمليا منذ أيام، وتحديدا عشية زيارة الرئيس ميشال سليمان الى واشنطن التي تردد قبلها وبعدها ان الرئيس اللبناني سيبلغ الى الرئيس الأميركي الموقف اللبناني الذي يعتبر ان القرار 1559 قد نفذ وأصبح بحكم المنتهي، وتبعا لذلك يجب الغاؤه وشطبه من لائحة القرارات الدولية الخاصة بلبنان، والتي يجب على الحكومة اللبنانية ان تساهم بتنفيذها بالتعاون مع المجتمع الدولي. ولوحظ ان الوزير عدنان السيد حسين المحسوب.
على رئيس الجمهورية كان له وعشية الزيارة موقف يصب في هذا الاتجاه الالغائي للقرار 1559 بعد عودة سليمان من واشنطن طلبت وزارة الخارجية السورية رسميا من السفير اللبناني في دمشق ميشال خوري ان ينقل الى حكومته طلبا بأن يسعى لبنان لدى الأمم المتحدة الى ازالة القرار 1559 وشطبه بعدما بات منفذا.
والجدير ذكره هنا انها ليست المرة الأولى التي تطلب منها دمشق من بيروت ان تدعمها في خفض موازنة هذا القرار تمهيدا لشطبه وانهاء مهمة الموفد الدولي المكلف متابعة تطبيقه «تيري رود لارسن». إثر ذلك، التقى وزير الخارجية د.علي الشامي البعثات العربية والأجنبية في لبنان وأطلعها على توجهات وزارته استنادا الى البيان الوزاري الذي نص على احترام القرارات وتطبيقها لاسيما القرار 1701 الذي لم يشر الى القرار 1559 ولم يأت على ذكره.
وأبلغ الشامي، الذي كان من ضمن الوفد المرافق للرئيس سليمان الى واشنطن، السفراء المعتمدين في بيروت ان القرار الدولي الرقم 1559 «مات وانتهى»، وان لبنان أبلغ الادارة الاميركية بأن موضوع «سلاح حزب الله» متروك للحوار الوطني اللبناني، وان المشكلة هي في الخروق الاسرائيلية المستمرة.
هذه التطورات المفاجئة المتصلة بالقرار 1559 تفاعلت خارجيا وداخليا على النحو التالي:
1- واشنطن تنفي عبر مصادرها الديبلوماسية ان يكون الرئيس سليمان طالب في خلال محادثاته مع الرئيس أوباما والمسؤولين الاميركيين بشطب القرار 1550. ولكنها تتساءل عما اذا كانت الحكومة اللبنانية لاتزال متمسكة بتطبيق هذا القرار وما اذا كانت تصريحات الوزير «السيد حسين» تعكس الموقف اللبناني الرسمي.
2- الموقف الأوروبي (الفرنسي البريطاني) متمسك بالقرار 1559 ولا يعكس أي رغبة أو توجه الى إبطال هذا القرار أو وقف العمل به أو حتى انهاء مهمة لارسن المنقطع عن زيارة لبنان والمنطقة منذ سنتين.
وكان وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير واضحا (في مؤتمر صحافي عقده أمس الأول) في القول والتأكيد ان باريس لا تريد انهاء مهمة لارسن، وهذا أمر غير وارد حاليا، لأن بنود القرار 1559 لم تنفذ كلها.
في وقت أشارت أوساط ديبلوماسية فرنسية الى انه لا يمكن الغاء قرار صادر عن مجلس الأمن خصوصا انه لم ينفذ بكامله الا بقرار آخر يصدر عن مجلس الأمن. ولا يمكن للحكومة اللبنانية التي دعت في بيانها الوزاري الى تطبيق كل القرارات الدولية ان تطالب بإلغاء أي قرار.
3- في لبنان، وبعد حزب الله الذي يعتبر هذا القرار كأنه غير موجود وانه غير معني به، وبعد وليد جنبلاط الذي يعتبر القرار 1559 أصل البلاء وانه هو الذي قتل رفيق الحريري، بدأت أوساط 14 آذار تتعاطى باهتمام وقلق ازاء توجه حزب الله لشطب القرار 1559 واعتباره منفذا، وتطرح هذه الأوساط التساؤلات التالية:
- هل المقصود من التصويب على القرار 1559 اصابة القرارات الأخرى لاسيما 1680 و1701؟
- لماذا تعمد دمشق الى اثارة موضوع القرار 1559 وهي التي كانت اعتبرت بعد خروجها من لبنان انها نفذت ما عليها ولم تعد معنية بهذا القرار؟ هل تهدف الى انهاء مهمة لارسن المنحاز ضدها أم الى أكثر من ذلك؟
- كيف يحق للبنان ان يطالب من جهة بتطبيق القرار 1701، ومن جهة أخرى ان يطالب بشطب القرار 1559 الذي ورد في القرار 1701 ثلاث مرات.
- أليس مجلس الوزراء مجتمعا من يأخذ القرار ويحدد الموقف من القرار 1559 أو أي قرار دولي آخر؟ وهل يمكن للبنان ان يلغي قرارا أو يعتبره ملغيا ومنفذا وهل نفذ القرار 1559 كاملا أم مازالت فيه بنود لم تنفذ؟