- لم نكن خصوماً لأنظمة حاكمة ولا نتردد في الكشف عن الفساد
أعلنت جماعة الاخوان المسلمين في مصر رسميا امس اختيار د. محمد بديع ليكون المرشد العام الثامن للجماعة خلفا للمرشد السابق محمد مهدى عاكف.
وقال المرشد بديع في مؤتمر صحافي ان الإخوان «يؤمنون بالتدرج في الإصلاح، وأن ذلك لا يتم إلا بأسلوب سلمي ونضال دستوري قائم على الإقناع والحوار وعدم الإكراه».
وأكد أن الإخوان لم يكونوا في يوم من الأيام «خصـــوما للأنظمة الحاكمة»، وإن كان بعضها «دائم التضـــييق علـــيهم والمصادرة لأمـــــوالهم وأرزاقهم والاعتقال المستمر لأفرادهم».
واردف قائلا: لكن الإخوان لا يترددون أبدا في الكشف عن الفساد في كل المجالات، ولا يتأخرون في توجيه النصائح وتقديم المقترحات للخروج من الأزمات المتلاحقة التي تتعرض لها بلادنا، ويربون أبناء وبنات الأمة على الأخلاق والفضائل والنفع للغير، وهذا كله يصب في مصلحة الوطن والمواطنين ومؤسسات الدولة».
وبديع (66 عاما) عضو في مكتب الإرشاد منذ عام 1993 وينتمي للجناح المتشدد في الجماعة الذي يسمى جناح القطبيين نسبة إلى المفكر الإخواني البارز سيد قطب الذي أعدم شنقا عام 1966.
وكان قبل اختياره للمنصب محاضرا في كلية الطب البيطري بجامعة بني سويف بمدينة بني سويف جنوبي القاهرة.
وأعلن عن اختيار بديع للمنصب الأول في الجماعة بعد شهور من الصراع بين الجناح المتشدد فيها وجناح معتدل انتهى باستقالة الرجل الثاني في الجماعة محمد حبيب من جميع مناصــــبه قبل نحو أسبوعين وهـــو أبــــرز الأعضاء القياديين في الجناح المعتدل.
وانتهت ولاية عاكف يوم الأربعاء الماضي وكان قد استقال آواخر العام الماضي.
وقال المرشد السابق عاكف في كلمة ألقاها خلال المؤتمر الصحافي إن للإخوان المسلمين «منهاجا واضحا للإصلاح ومراجعة مستمرة لمناهجهم ولوائحهم ومواقفهم لتطوير آرائهم حسب الجديد الذي يواجهونه من المواقــــف والأفكار، في مرونة لا تناقض الثوابت ولا تنقض المبادئ التي اقتنعوا بها، وهم يدركون أنهم لن يزالوا بخير ما قبلوا النصيحة».
ودعا عاكف الإخوان إلى التمسك بدعوتهم ومبادئهم، والعض عليها بالنواجذ، وعدم التردد أو التراجع أمام هذا «الاستهتار الظالم بحرياتهم، والحرب الظالمة عليهم، والتضييق الباغي على أرزاقهم، والتشويه الظالم لدعوتهم ورموزهم».
إقرار بوجود خلافات
وقالت مصادر في جماعة الإخوان إن حبيب كان طامحا لشغل منصب المرشد العام الذي كان الأقرب إليه بحكم منصبه، وإنه رأى أن عدم إعادة انتخابه لعضوية مكتب الإرشاد نتج عن ضغوط الجناح المحافظ الذي يقوده الأمين العام للجماعة محمود عزت.
وقال حبيب إن الانتخابات بمختلف مراحلها أجريت بالمخالفة للوائح المعمول بها في الجماعة.
ومع ذلك تحدث عاكف في كلمته عن وحدة الصف في الجماعة «على الرغم من كل ما يشاع عن وجود خلافات حول اختيار المرشد العام».
لكن بديع كان أكثر إقرارا بالــخلافات وقــــال في كلمة قبول المنصب «إن الذيـــن يعملون لربهم ولديــنهم ولأوطانــهم يأبــون إلا أن يكــونوا صفا واحدا وإن تنوعت آراؤهـــم وتفاوتت بعض اجتهاداتهم».
ومن المقرر أن يرأس بديع أول اجتماع لمكتب الارشاد الاربعاء المقبل، والذي يعلن خلاله اسمي نائبيه، اللذين يتوقع ان يكونا د. رشاد بيومي، وخيرت الشاطر.
نبذة تاريخية
بديع، المرشد الثامن للاخوان المسلمين هو احد ممثلي الجناح المحافظ في الجماعة الذي يعطي الأولوية للعمل الدعوي والتربوي كوسيلة لترسيخ وجود الحركة في المجتمع على العمل السياسي في مواجهة النظام القائم.
ويبلغ د.محمد بديع من العمر 67 عــاما وهو غيــر معروف لدى الرأي العام ولكنه وقف امــس بلحيته الرمادية الصغيرة مرتـــديا حلة داكنة أمام الكاميرات ليكرر «تعريف الناس بنا وبمبادئنا وثوابتنا ومواقفنا من القضايا المطروحة».
تحدث د.بديع بصوت قوي وبنبرة حرص على ان تكون حماسية، داعــيا إلى الديموقراطية وفصل السلطات ومدينا العنف وخصوصا العنف الطائفي.
وقال ان «النصارى يمثلون مع المسلمين نسيجا اجتماعيا وثقافيا وحــضاريا واحدا تداخلت خيوطه وتآلفت ألوانه وتماسكت عناصره عبر القرون».
ولد د.محمد بديع في مدينة المحلة بدلتا النيل عام 1943، وحصل على بكالوريوس الطب البيطري من جامعة القاهرة قبل ان يصبح أستاذا جامعيا في هذا الفرع من الطب. وهو متزوج وله ثلاثة ابناء، ولدان وبنت.
تتلمذ على يد قطب
تتلمذ د.بديع في الاخوان على يد سيد قطب، القيادي التاريخي للجماعة الذي كان يدعو الى الجهاد لإقامة الدولة الإسلامية، وكان عضوا في التنظيم السري للجماعة الذي اتهم في العام 1965 بتدبير محاولة لقلب نظام الحكم آنذاك.
ويقول الخبير في مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ضياء رشوان ان «بديع ينتمي الى هذا التيار ولكنه ليس من العناصر المتشددة فيه».
ألقي القبض على بديع عدة مرات وحوكم مرتين الأولى في العام 1964 وامضى بعدها تسع سنوات في السجن، والثانية عام 1999 حيث حكم عليه بالسجن 5 سنوات لكنه خرج من السجن بعد ان أمضى ثلاثة أرباع المدة.
وكان بديع، حتى الآن، مسؤولا عن التربـية الايديولوجية في جماعة الاخـــوان وهو بذلك يميل الى العمل الاجتماعي للحث على الالتزام الصارم بتعاليم الإسلام في المجتمع أكثر منه إلى العمل السياسي التقليدي.
اما موقفه من نظام الرئيس المصري حسني مبارك، فعبر عنه امس، موضحا انه من منتقديه وان لم يكن من المعارضين على طول الخط.