أشبه ما تكون بحرب عصابات، تلك الاشتباكات التي شهدتها العاصمة الافغانية كابول أمس، بين قوات الأمن الافغانية ونحو من عشرين مسلحا وانتحاريا من طالبان، نفذوا سلسلة هجمات منسقة بدقة على مقار حكومية ومراكز تجارية وحتى القصر الجمهوري. وقد أدت الى وقوع عدد من القتلى والجرحى.
وفي وقت لم تستطع المصادر الامنية تحديد عدد منفذي الهجوم النوعي على مرافق العاصمة، اعلنت حركة طالبان في بيان نشرته على موقعها الالكتروني أن ما يقرب من 20 مسلحا تابعا لها بينهم 10 انتحاريين دخلوا العاصمة الافغانية كابول لاستهداف المباني الحكومية. وتطلبت شدة الاشتباكات وحساسية المراكز التي استهدفتها توجه قوات تابعة لحلف شمال الاطلسي في افغانستان «ايساف» إلى مواقع الاشتباكات لدعم القوات الافغانية واستعادة الأمن في المنطقة. وتمحورت الاشتباكات قرب القصر الرئاسي وفندق سيرينا الذي ينزل فيه نزلاء غربيون عادة.
الفوضى التي سادت العاصمة الافغانية واستدعت اغلاق عدة طرق رئيسية مؤدية الى مواقع الاشتباكات كانت متعمدة من قبل عناصر الحركة بغية تشتيت انتباه وجهود قوى الأمن عن التفجيرات الانتحارية التي قام بها بعض العناصر واستهدف احدها بوابة القصر الرئاسي، حيث فجر انتحاريا نفسه.
كما قام عدد من المسلحين باحتلال مبنى حكومي بوسط كابول قريبا من القصر الرئاسي وسط سماع دوي لإطلاق الأعيرة النارية وانفجارات.
وذكرت قناة «تولو» التلفزيونية الخاصة أن انتحاريا استهدف مبنى قريبا من وزارة الخارجية ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى.
واستمر القتال في وسط العاصمة كابول، التي بدت خالية من السكان لعدة ساعات. وأعلنت قوات الناتو في بيان لها أنها قدمت المساعدة للقوات الأفغانية للسيطرة على المسلحين، وأن مروحيات الحلف حلقت فوق المنطقة التي سيطر عليها المسلحون.
وقبل ان يعلن الرئيس الافغاني حامد كرزاي استعادة الهدوء في العاصمة، قال المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجــاهد لـ «د.ب.أ» إن نحو 20 من مقاتلي الحركة بينهم انتحاريون دخلوا المدينة لاستهداف مبان حكومية بينها القصر الرئاسي.
كرزاي واثر اعلانه استعادة الهدوء بعد نحو خمس ساعات من المعارك والقصف المتبادل، امر أجهزة الأمن بتشديد إجراءاتها في كابول والتحرك بسرعة لاعتقال المسؤولين عن الهجمات، وقال ان العمليات استهدفت حكومته الجديدة التي ادت اليمين الدستورية أمس. من جانبه، قال المتحدث باسم الداخلية الأفغانية زلمار بشاري، إن معظم المباني التي سيطر عليها المسلحون تم تحريرها، وان فرق الإطفاء تحركت بسرعة لإخماد النيران التي اندلعت في تلك المباني.
وتوقعت مصادر طبية وأمنية أن يتجاوز حصيلة ضحايا الانفجارات والاشتباكات العنيفة الـ 9 قتلى وأكثر من 38 مصابا.
وقال مسؤول أمني في المنطقة لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن المسلحين أطلقوا النار باتجاه البوابة الجنوبية للقصر الرئاسي ووزارتي المالية والعدل من مجمع «فورشجاه بوزيرج أفغان» التجاري الذي تحصنوا فيه. قبل ان تسيطر قوات الأمن الأفغانية على المركز التجاري.
كما سقط صاروخ واحد على الأقل في حديقة فندق سيرينا الفندق الوحيد ذو الخمس نجوم في كابول، بحسب أحد الضيوف الأجانب الذي أوضح أن النزلاء لجأوا إلى الدور السفلي من المبنى. ويقع الفندق بالقرب من المبنى الذي احتلته طالبان.
من جهتها، ذكرت قناة «الجزيرة» الفضائية أن انفجارا وقع قرب دار للسينما وآخر بالقرب من أحد المتاجر، وأسفرا عن قتلى في صفوف قوات الأمن والاستخبارات الأفغانية. وذكرت القناة ان المسلحين استخدموا عربات وسيارات مصفحة تعود للجيش الافغاني في تنفيذ هجماتهم.
واشنطن ومعظم العواصم الغربية ادانت الهجمات، «اليائسة» و«القاسية» وحذرت من المزيد من تلك الهجمات حسبما قال ريتشارد هولبروك المبعوث الأميركي الخاص لأفغانستان وباكستان.
وقال هولبروك «إنه ليس من قبيل المفاجأة أن تقوم طالبان بهذا النوع من الهجمات». وأضاف «إنهم أشخاص يائسون وعديمو الرحمة».
وقال «إن الأشخاص الذين يقومون بذلك بالتأكيد لن ينجوا من الهجوم أو ينجحوا فيه ولكن يمكن أن نتوقع هذا النوع من الأشياء على أساس منتظم».
من جهته، أدان رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون «الهجوم العشوائي على أماكن عامة» بالعاصمة الأفغانية كابول، متعهدا بدعم المجتمع الدولي للرئيس الأفغاني حامد كرزاي. وقال براون في بيان صادر عن مكتبه: «ندين تلك الهجمات بأشد لهجة ممكنة إنه هجوم عشوائي على أماكن عامة في كابول، يعكس استخفافا متعمدا بحياة الموطنين الأفغان العاديين».