بقلم د.كيم هاولز ـ وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية
الهيروين لا يعنيه من أي بلد أنت، أو لون بشرتك، أو الديانة التي تدين بها. قمت منذ وقت ليس ببعيد بزيارة مركز لتأهيل مدمني المخدرات في هيرات بأفغانستان، حيث تساعد المملكة المتحدة في تمويل هذا المركز.
وشاهدت في الوجوه الهزيلة التي لقيتها هناك مرآة للحياة المحطمة التي يعيشها مدمنو المخدرات من الشباب في بلدي.
كان ذلك المركز يؤدي عملا جيدا، لكنه يواجه صعوبات بمعالجة الاعداد الهائلة من الساعين للحصول على علاج، وغالبيتهم من الشباب.
ولا أحد يعلم على وجه التحديد عدد مدمني المخدرات على الجانب الآخر من الحدود في ايران، والتي يمر عبر أراضيها حوالي ثلثي كمية الهيروين القادم من أفغانستان ربما يكون تقدير عدد من يستخدمون المخدرات هناك ما بين مليونين وثلاثة ملايين ايراني تقديرا معقولا، أو بعبارة أخرى واحد من بين كل ثلاثين ايرانيا يستخدمون الافيون.
وبكل تأكيد، هذه النسبة أعلى من ذلك بكثير فيما بين الشباب.
وفي باكستان هناك ربما نصف مليون مستخدم للهيروين. أحد العوامل وراء هذه المشكلة المتنامية بعظمها هو أن مهربي المخدرات في يومنا هذا لا يدفعون أموالا نقدية لمن يوزعون المخدرات، بل انهم عوضا عن ذلك يمنحونهم حصة من هذه المادة المخدرة. الهيروين يدمر الحياة، بل ان بإمكانه كذلك أن يدمر دولا بأكملها.
ويمكن أن تكون تجارة الهيروين بالنسبة لأقلية ضئيلة من الناس مريحة جدا بكل تأكيد، لكن شعب افغانستان ـ حيث تتم زراعة الغالبية العظمى من الافيون في العالم ـ لا يحصل سوى على النذر اليسير فقط من الارباح، فغالبية الأموال يجنيها مهربو ومروجو المخدرات خارج حدود أفغانستان، بينما ما يبقى في أفغانستان هو الجريمة المنظمة، واقتصاد أسود مهلك، وتجارة أسلحة مزدهرة، ويمكن لتجارة المخدرات، في أسوأ الاحوال، ان تكون عونا قويا لمافيا المخدرات ممن يتصرفون وكأنهم بديل للدولة، يعملون على تغذية حالة انعدام الاستقرار والأمن، ويحولون دون اضطلاع حكومة افغانستان بمهام اعادة إعمار البلاد وإحلال سيادة القانون وتوفير الفرص الاقتصادية لمواطنيها. ويمكن مشاهدة الظاهرة نفسها، بدرجة أكبر أو أقل، في دول اخرى تقع على خط تجارة المخدرات، دول كالعراق والصومال والمناطق القبلية في باكستان. وفي ايران المخدرات هي السبب بحبس نصف من في السجون هناك، وربما ليس من المستغرب كثيرا ان الكلمة التي يستخدمها الصينيون للاشارة الى المخدرات هي نفس الكلمة المستخدمة للاشارة للسم: فالمخدرات تترك أثرها على كل من يلمسها.
الحقيقة هي ان تجارة المخدرات ليست مشكلة أفغانية فحسب، وهي ليست مشكلة تنحصر بالدول التي يمر عبرها الهيروين، كما أنها ليست مشكلة يواجهها فقط العالم النامي، حيث ينتهي بها المطاف عادة، بل ان تجارة المخدرات تمثل مشكلة بالنسبة لنا جميعا، ويتعين أن تتضافر جهودنا معا على المستويات الوطنية والاقليمية والعالمية، لمعالجة كل من مشكلتي الامداد والطلب ـ ان كنا نريد التغلب عليها. المملكة المتحدة هي الشريك الدولي الاساسي بدعم الحكومة الافغانية في كل من معالجة مشكلة تجارة المخدرات ضمن حدودها وفي بناء روابط تعاونها مع حكومات أخرى في المنطقة.
تفاصيل المقالة في ملف ( pdf )