ليلى نور
خبر تناقلته الصحف المصرية موثقا بمستندات تفيد بأن الحكومة سمحت لاحدى عشرة شركة باستيراد لحوم من الهند مجمدة، وبفحصها اكتشفت انها مصابة بديدان السايكوسينست الخطيرة والمسببة لعدة امراض خطيرة. القاتل في الخبر ان الحكومة قامت بطرحها في المجمعات الاستهلاكية والاسواق بسعر 52 جنيها للكيلو، وبلغت كميات اللحوم المصابة 816452 طنا، التهمها المواطنون طبعا بالهناء، ولكن بالتأكيد ليس بالشفاء!
المعامل المركزية للحجر البيطري اثبتت الاصابة، فأقالت المسؤول عن هيئة الخدمات البيطرية، لكن هل هذا يكفي لفك رموز اللحمة في مصر؟ قد يتذكر الناس غضب الشارع في اواخر السبعينيات حين خرجوا يهتفون ضد وزير الزراعة سيد مرعي: سيد بيه.. سيد بيه.. كيلو اللحمة بقى بجنيه، آنذاك كان كيلو اللحمة بجنيه واحد، وعلى الرغم من ذلك احتج الشارع واليوم كيلو اللحمة قارب الـ 80 جنيها، ولم نسمع او نر اي تبرم سوى عزوف عن شراء اللحم، ومع ذلك يواصل الجزارون تعنتهم، والطريف انهم انضموا لقائمة الشاكين المتضررين من ارتفاع الاسعار حتى بات اكل اللحمة في مصر من الاحلام المستحيلة، حيث بلغ في الاحياء الشعبية 55 جنيها و85 جنيها في الاحياء الراقية ولذلك بات من الضروري ان تفكر اي اسرة مصرية الف مرة قبل ان تقرر شراء اللحمة.
«شؤون مصرية» جالت على بعض محلات الجزارة واستطلعت آراء عدد منهم:
يقول ابو علاء ان السبب في عزوف الناس عن الشراء هو قلة دخولهم وارتفاع اسعار العجول، ولا يمكن استمرار الحال كما هو، فأنا اذبح كل يوم عجلا واحدا ولا ابيعه كله، علما انه قبل الازمة كنت ابيع ثلاثة عجول في اليوم ولن اخفض السعر لأنني في كلتا الحالتين خسران.
ويقول عبدالرحمن حسين، جزار شهير في منطقة الجيزة، انه اضطر الى غلق محله ثلاثة ايام في الاسبوع والايام الباقية يبيع فيها اللحوم لزبائنه المحدودين، وقال ان السبب في هذه الازمة هو تهريب العجول والخراف الى غزة ويتم ذبحها هناك، وتباع بسعر عال جدا، وقال انه يشتري العجل بـ 2500 جنيه، لهذا ارتفع السعر وانخفض البيع.
ويقترح عبدالسلام الناجي، جزار في احد احياء مصر الجديدة، ضرورة وقف تصدير الماشية والحد من تهريبها، المشكلة ـ بحسب عبدالسلام ـ ان الحكومة واقفة تتفرج.
«شؤون مصرية» سألت رئيس لجنة التموين في مجلس الشعب المحلي احمد مصطفى عن اسباب الازمة والحلول المطروحة، فقال انه رغم انخفاض سعر مكونات الاعلاف عالميا بنسبة 40%، الا ان الاسعار تواصل الارتفاع بسبب جشع التجار حتى عندما قامت الحكومة باستيراد لحوم جيدة من اثيوبيا واعلنت بيعها للمواطنين بسعر 27 جنيها للكيلو الواحد، الا ان الجمعيات الاستهلاكية طرحتها بـ 35 جنيها، وطالب احمد مصطفى بضرورة وضع سياسة تسعيرية لمحلات الجزارة وعدم ترك الاسعار على هوى تجار اللحوم حسب العرض والطلب، ودعا المواطنين لمقاطعة اللحوم لإجبار التجار على العودة للاسعار القديمة، كما دعا الى ضرورة فتح اسواق جديدة لاستيراد اللحوم من افريقيا نظرا لجودة لحوم الماشية فيها ورخص ثمنها.
من جانبه، طالب رئيس شعبة الجزارين ضرورة تطوير المجازر ووضع معايير صحية وطبية عند بيع اللحوم المجمدة واحكام الرقابة التموينية على اسواق اللحوم.
عدد من المواطنين ابدوا استياءهم من جشع التجار وغدر الحكومة ـ بحسب وصف المحامي نادر زين الدين ـ الذي قال: الناس تقبل اليوم على شراء كيس كناسة اللحمة وثمنه ثلاثة جنيهات من الجزارين وبداخله جلود وشحوم وفضلات وجلافة بل ويتزاحمون على شرائه، خاصة في المناطق الشعبية، وكذلك مخلفات السلخ من دهون وعظام وجلود وامعاء وغيرها.
يبقى السؤال: هل ستحسم الحكومة قضية ارتفاع اسعار الحلوم ام يبقى لغز اللحوم المصرية بلا حل؟!