يستعيد ملايين المصريين اليوم الموافق الخامس من يونيو ذكرى مرور 35 عاما على إعادة افتتاح قناة السويس عام 1975، وقد أغلقت القناة 8 أعوام بسبب العدوان الإسرائيلي الذي تعرضت له مصر في نفس هذا اليوم عام 1967، وقد اختار الرئيس الراحل أنور السادات هذا اليوم ليكون يوما للنصر بعد أن كان ذكرى للهزيمة وسيظل هذا اليوم تاريخا لا ينسى في ذاكرة الأمة.
فقناة السويس تعتبر من أعظم المشروعات التي سجلها التاريخ بأحرف من نور وهى أطول ممر ملاحي صناعي في العالم وذات أهمية كبرى ليس فقط بالنسبة لمصر ولكن على المستوى الدولي حيث توفر 66% من المسافة بين الشرق والغرب وتنقل 14% من حجم التجارة العالمية ويمر خلالها 22% من البضائع إلى موانئ جنوب آسيا.
وقد تأثرت أسعار النقل البحري خلال السنوات الثماني لإغلاقها وخسر العالم نحو 13.6 مليار دولار، كما خسر ما كان يحققه من وفر في المسافة بين الشرق والغرب بسبب اتجاه السفن للمرور حول طريق رأس الرجاء الصالح.
وتأثرت أسعار النقل البحري أيضا نتيجة لغلق القناة بسبب الدمار الذي حدث بالمنشآت والسفن وامتلاء قاع القناة وضفافها بآلاف من الآليات العسكرية والطائرات التي سقطت أثناء العمليات العسكرية، بل الأشد خطورة كان ما خلفته الحرب من ألغام بحرية وهى الألغام التي تجاوز عددها المليون، وبفضل صمود وإرادة المصريين فقد قاموا بأكبر عملية لتطهير المجرى الملاحي وضفافه من الألغام خلال 20 شهرا فقط عقب انتصار اكتوبر، ونجحت مصر في إزالة آثار العدوان عن القناة ومحافظات الإقليم.
ويأتي الاحتفال بذكرى إعادة افتتاح قناة السويس، وقد أصبحت قادرة على استقبال السفن حتى حمولة 270 ألف طن بكامل حمولتها، وحمولات جزئية تصل إلى 350 ألف طن بعد أن تم الانتهاء من مشروع تطوير غاطس القناة إلى عمق 66 قدما، وهذه المرحلة من التطوير هي استمرار لمشروعات ومراحل التطوير الملاحي التي بدأت بعد عودة الملاحة في 5 يونيو 1975.
وأوضح رئيس هيئة قناة السويس الفريق أحمد فاضل أن هذه المرحلة ستساهم في تحسين اقتصادات السفن العابرة للقناة خاصة السفن ذات الأحجام الكبيرة.
وأصبحت القناة قادرة على استيعاب النسب التالية من حمولات سفن الأسطول العالمي وهي 66% من حجم أسطول ناقلات البترول العالمي و99% من حجم أسطول ناقلات بضائع الصب و100% من باقي نوعيات السفن وذلك في حالات عبور السفن بحمولاتها القصوى وكل سفن الأسطول العالمي مهما بلغت أعماق غواطسها في حالات العبور بحمولات جزئية أو فارغة.
كما شملت أعمال التطوير الخدمات التي تقدم للسفن العابرة من خلال نظم المتابعة الالكترونية منذ وصولها إلى ميناء الدخول وحتى خروجها عن طريق شبكة رادارية متطورة ونظام كاميرات تلفزيونية تتابع السفن لحظة بلحظة، وهذه المتابعة الالكترونية تواكب التطور التكنولوجي في مجال الملاحة الالكترونية العالمية وتحقق تعليمات الأمان الدولية.
ويرى المراقبون أن عمليات التطوير الحالية سواء في تعميق المجرى الملاحي أو توسيعه أو إنشاء تفريعات جديدة تعتبر أكبر من عملية إنشاء القناة القديمة حتى يوم التأميم، وتعتبر قناة السويس مصدرا رئيسيا للعملات الأجنبية بجانب السياحة وتحويلات المصريين العاملين بالخارج.
وبفضل مشروعات التطوير تشير الإحصاءات إلى تحقيق إيراد قياسي بنهاية العام المالي 2010/2009 في نهاية شهر يونيو الجاري بما يقارب 4 مليارات و800 مليون دولار بزيادة متوقعة تبلغ 100 مليون دولار عن إيرادات العام المالي 2009/2008.
وتحكم حركة الملاحة في القناة اتفاقية القسطنطينية الدولية، وتتعامل إدارة القناة مع جميع السفن ولا تمنع أي سفينة من العبور إلا السفن التابعة لدولة تكون في حالة حرب مع مصر. وتعد قناة السويس قناة مائية تقع في الغرب من شبه جزيرة سيناء، وهى عبارة عن ممر ملاحي بطول 163 كم بين بورسعيد على البحر المتوسط والسويس على البحر الأحمر، وتنقسم القناة إلى قسمين شمال وجنوب البحيرات المرة.
.. و8 مرات تعطلت الملاحة في قناة السويس
تعد قناة السويس جزءا من تاريخ مصر وقد تأثرت بالتقلبات السياسية والحروب على مر العصور وتعرضت للاغلاق 8 مرات ليس بالضرورة بسبب الحروب أو الأزمات السياسية فقط بل بسبب جنوح سفينة أو ناقلة أو بسبب العوامل الجوية مثل الشبورة والعواصف ولكن بعد مشروعات التطوير ازدادت السيطرة على القناة وأصبح المرور أكثر أمانا.
وكانت المرة الأولى التي تعطلت فيها الملاحة عام 1882 لمدة يومين بسبب الاحتلال البريطاني لمصر.
والمرة الثانية في 10 يونيو 1885 عندما اصطدمت كراكة مع سفينة وأدى ذلك إلى غرق الكراكة وتعطلت الملاحة 11 يوما.
والمرة الثالثة في 2 سبتمبر 1905 عند الكيلو 18، حيث كانت السفينة «جاتام» محملة بشحنة تزن 80 طنا من المفرقعات وفحم كوك وسوبر فوسفات اصطدمت بسفينة آخرى قادمة من الجنوب مما أدى إلى اشتعال النار في السفينة جوتام وغرقها وتسبب هذا الحادث في تعطيل الملاحة لمدة 10 أيام.
والمرة الرابعة في فبراير عام 1915 حيث توقفت الملاحة في القناة عندما قامت الحرب العالمية الأولى وغرق عدد من السفن في بوغاز بورسعيد بواسطة الغواصات، والمرة الخامسة أثناء الحرب العالمية الثانية في الفترة من 28 أغسطس 1940 إلى 27 يوليو 1942، وبعد انتهاء الحرب توقفت الملاحة لمدة 76 يوما.
أما المرة السادسة عندمــا غرقــت إحــدى السفــن عند الكيلــو 8.5 فــي القطــاع الشمالــي بالقــرب مــن مدينــة بورسعيــد فــي سبتمبــر 1952، والمــرة السابعة بسبب العدوان الثلاثي على مصر في أكتوبر 1956 حين أغرق داخلهــا 48 سفينة وقاطرة وقطعــة بحرية، وأصيــب كوبري الفردان إضافة إلى وجود 16 سفينة دخلت مجــرى القناة ولم تستطع الخروج منها وبانتهاء العدوان وانسحاب القــوات المعتديــة تــم تطهيــر القناة، أما المرة الثامنة والأخيرة فكانت بسبب حرب يونيو 1967.