توفي اربعة مراقبين ـ حتى الآن ـ في امتحانات الثانوية العامة في ثلاثة أيام متتالية في محافظات الصعيد التي يراقبون فيها، وذلك بعد أن تعرض كل منهم للتعب أثناء المراقبة، ولم يتم إسعافهم سريعا لأن المستشفيات العامة لا تستقبلهم حسب قرار من «بدر» وهو ما يدعو للتساؤل فعلا هل القضاء والقدر وحدهما المسؤولان عن وفاتهم أم وزير التربية والتعليم المصري «أحمد زكي بدر» أم «الحرارة» أم «ضغط جدول الامتحانات»؟
اجابت عن هذا التساؤل جريدة الدستور المصرية المستقلة قائلة: كل ما سبق فقرارات د. أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم المتعسفة ضد المدرسين كانت السبب في ذهابهم إلى الامتحانات رغم خطورة حالاتهم الصحية بل إنه منعهم من اللجوء للمستشفيات العامة ورفضه للاعتذارات، هذا بجانب ارتفاع درجة الحرارة خلال الأيام الماضية خاصة في محافظات الصعيد، علاوة على جدول الامتحانات المضغوط الذي يجعل المدرس يراقب على اللجان من الساعة التاسعة صباحا حتى الرابعة عصرا في «عز» حرارة الشمس.
ربما تتصور أن هذا الكلام مبالغ فيه لكن ليست صدفة أن يتوفى 4 مراقبين في محافظات الصعيد في ثلاثة أيام متتالية لأول مرة في تاريخ الثانوية العامة ولم تقرر الوزارة شيئا سوى صرف 5 آلاف جنيه لأسرة كل واحد منهم لكنها لم تعترف بالخطأ ـ لا أقول الجريمة ـ الذي وقعت فيه وأن قرارات الوزير لم تكن مدروسة بل كان الهدف منها إثبات الوجود فقط.
في غضون ذلك تلقى المستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام، بلاغا من أعضاء اللجنة التأسيسية للنقابة المستقلة للمعلمين، ضد الدكتور أحمد نظيف، رئيس الوزراء، والدكتور حاتم الجبلى، وزير الصحة، والدكتور أحمد زكى بدر، وزير التربية والتعليم، بتهمة «التقاعس» عن التدابير اللازمة لحماية المنتدبين لأعمال الامتحانات مما أدى لوفاة ٤ منهم
«ما حدث يشبه القتل».. هكذا وصف عبدالحفيظ طايل ـ مدير المركز المصري للحق في التعليم ـ موت أربعة مراقبين في امتحانات الثانوية العامة، وقال: سنتقدم ببلاغ للنائب العام من خلال «معلمون بلا حقوق» ونقابة المعلمين المستقلة ونقابة معلمي الجيزة وذلك ضد رئيس الوزراء ووزيري التعليم والصحة، وذلك لأنه تم إصدار قرار بمنع المستشفيات العامة من استقبال مراقبي الامتحانات ـ في حالة مرضهم ـ واستقبالهم فقط في مستشفيات التأمين الصحي من خلال بطاقات التأمين فقط، دون أن يتم إخبار المدرسين بحمل بطاقات التأمين الصحي معهم وهو ما حدث مع المراقب الذي توفي في سوهاج.
مصدر بالوزارة وصف أيضا ما حدث بـ «الإرهاب المعنوي» لأن الضبط الذي يؤكده الوزير بعيد تماما عن ذلك، وقال المصدر: هناك حالة نفسية سيئة وعامة لدى العاملين بالتعليم بسبب قرارات الوزير الذي لم يوافق على الاعتذارات رغم أن هناك 1.6 مليون شخص يعمل بالتعليم ويمكن الاستعانة بهم وتعويض النقص الناتج عن الاعتذار، وكان يجب أن تكون هناك مرونة من الوزير في التعامل مع الأمر حتى لا تحدث كل هذه المشاكل.
يذكر ان آخر المراقبين الذين سقطوا هو وجيه محمد السمان 48 سنة مدير مدرسة السلام الاعدادية بشوشة بسمالوط المنيا وذلك اثناء قيامه بأعمال المراقبة بلجنة مدرسة النهضة الثانوية بأسيوط لتعرضه لضربة شمس. وفي نفس السياق، استمرت ردود الأفعال من قبل زملاء المدرس الثالث والمنياوي ايضا المتوفى داخل احدى استراحات المراقبين على الامتحانات في سوهاج خاصة بعدما شاهدوا مدى التقصير الشديد خلال تعامل الوزارة مع أزمة زميلهم الصحية.
زملاء المراقب المتوفى أكدوا جميعا أن زميلهم أحمد محمد عاكف الذي بدأت أزمته الصحية يوم الجمعة الماضي توجه إلى مستشفى طهطا العام لتلقي العلاج إلا أن المستشفى رفض دخوله بحجة أن هناك تعليمات من الوزير في حالة إصابة أحد المراقبين بأي مرض فإن عليه التوجه إلى مستشفى الهلال للتأمين الصحي بسوهاج وليس للمستشفيات العامة وبعدها قام المراقب المتوفى بالتوجه إلى المستشفى المذكور فطلبوا منه كراسة التأمين الصحي التي لم تكن بحوزته وانما بمحل إقامته بالمنيا فطالبه مستشفى الهلال بسداد مبلغ مالي قدره 1000 جنيه لكي يتلقى العلاج وعندما أخبرهم بأن المبلغ غير متوافر معه رفضوا علاجه فعاد إلى الاستراحة مرة أخرى وبين الساعة الخامسة والسادسة شعر بالألم مرة أخرى فتوجه إلى المستشفى العام بطهطا وتم تعليق محاليل له لكن أزمته الصحية زادت وعاد إلى الاستراحة وطلب من رئيس اللجنة الخاصة بالامتحان أن يصرح له بالعودة وعدم استكمال الامتحان إلا أنه رفض بشدة واستمر إلى أن وافته المنية.
من جانبه، طالب اتحاد معلمي الجيزة بضرورة استقالة وزير التربية والتعليم، والتحقيق مع مسؤولي مستشفى التأمين الصحي، كما طالب الاتحاد في بيان له الثلاثاء الماضي، بإلغاء كافة القرارات العنيفة التي تمنع المعلمين من الاعتذار عن امتحانات الثانوية العامة أو الاعتذار عن استكمالها لأسباب صحية، وتوفير رعاية صحية لمراقبي الثانوية العامة وكذلك توفير أماكن آدمية للمبيت.
وقال البيان إن وفاة المعلم أحمد عاكف تثبت مدى حالة الإهمال التي تدار بها وزارة التربية والتعليم الآن، بداية من رفض أي اعتذار للمعلم عن امتحانات الثانوية العامة ولأي سبب من الأسباب، ومرورا بتوزيع المعلمين على محافظات بعيدة عن محافظاتهم الأصلية، ووضعهم في استراحات غير آدمية تفتقر إلى الحد الأدنى من التجهيزات اللازمة للإنسان.
وأضاف البيان أن عدم توفير الحد الأدنى من الرعاية الصحية في المحافظات النائية، والتشديد على التأمين الصحي بعدم إعطاء إجازات للمعلمين أثناء الامتحانات، كل هذا يجعل موت المعلم في كهوف الوزارة وحجرات العزل أمرا واردا، وبحكم الوزارة، فالوزير يوفر كل شيء لاهانة المعلم وإرهابه.
وتمنى المعلمون في بيانهم من الوزير أن يترك مكتبه ويبيت جوار المعلمين في استراحاتهم على نفس الفراش، ويدخل نفس الحمامات غير الآدمية، ويعانى عدم توفر أي طعام للمعلمين.