ارتبط شهر رمضان لدى البعض بموائد الرحمن، فهي من أبرز مظاهر الخير التي تميز الشهر الكريم، وتساهم في زيادة التلاحم والتكافل الاجتماعي بين المصريين.
ويتسابق دائما أهل الخير لتقديم أفضل الأطعمة للصائمين للفوز بالأجر والثواب العظيم الذي يمنحه المولى عز وجل لكل من فطر صائما ولكن هذا العام تحالف الثلاثي «سوء الاحوال الاقتصادية، الاوضاع المادية المتدنية، وارتفاع الاسعار» ليحرموا المواطنين من الأجر والثواب والفقراء من الافطار «الشهي» المعتاد كل عام.
فأثر الغلاء الفاحش الذي اصاب جميع السلع الغذائية على موائد الرحمن من حيث الكم والكيف، فلم تعد الاعداد الكبيرة من الموائد التي تقام في الشوارع والميادين وعلى الطرق السريعة، ولم تعد الاطعمة الفاخرة العامرة بكل ما لذ وطاب هي وجبات ضيوف الرحمن على الموائد.
فكانت المائدة العام الماضي ـ بحسب ما جاء في موقع مصراوي ـ تحوي «الارز والخضار وقطع اللحوم أو الدواجن» طوال ايام الشهر ولكن هذا العام لم تشهد هذه الأمور فقد تم خفض كميات اللحوم والدواجن وقصرها على 4 أيام فقط في الأسبوع وباقي الأيام تكون وجبات «قرديحي»، كما تم تقليل الكميات من الأرز والخضروات نظرا للارتفاع الجنوني الذي شهدته الخضروات والأرز والمعكرونة، وغيرها من المكونات التي تدخل في إعداد موائد الرحمن، ولجأ البعض الى حيلة جديدة لترشيد الاستهلاك فبدلا من طرح جميع انواع الطعام بكميات كبيرة امام المواطنين الذين يجلسون على مائدة طويلة تم عمل وجبات جاهزة عبارة عن «عبوة» او «سيرفيس» او «صينية» صغيرة مقسمة إلى 3 أجزاء يتم فيها وضع كمية لا تتجاوز بضع ملاعق صغيرة من الارز وكذلك الخضار ووضع قطعة من اللحوم لا يتعدى وزنها 30 غراما ولم يعد للعصائر والمشروبات الرمضانية مكان على أغلب الموائد واستبدلها البعض بالمياه.
ووفقا لآخر الاحصائيات عن أعداد موائد الرحمن العام الماضي فقد كشف مركز المعلومات بمجلس الوزراء في دراسة مسحية، بلغ 13 ألفا و555 مائدة طبقا لعدد التصاريح الرسمية لإقامة الموائد وبلغت التكلفة التقديرية لها نحو 516 مليون جنيه، وأن عدد المترددين على تلك الموائد في الحضر يتراوح يوميا ما بين 18 و19 مليون مواطن ويبلغ متوسط التكلفة اليومية للمائدة الواحدة 1269 جنيها ومتوسط تكلفة الوجبة الواحدة للفرد 9 جنيهات.
وأوضحت الدراسة أن 87% من موائد الرحمن ينظمها أفراد مقابل 13% فقط للجمعيات الخيرية والشرعية وأن 88% من الجمعيات يعتمدون على التبرعات الخيرية في تمويلها وتليها وزارة التضامن الاجتماعي.
وأوضحت الدراسة أن 885 من رواد موائد الرحمن يعتقدون أن كمية الوجبة المقدمة كافية، وأن97% من الوجبات المقدمة تحتوي على لحوم أو دواجن أو كبدة و76% تحتوي على أرز أو معكرونة و31% تحتوي على خضار مما يدل على اهتمام القائمين على اعداد هذه الموائد بنوعية الطعام المقدمة إلى الصائمين.
هذا بالنسبة للعام الماضي ولكن هذا العام لم تشهد معظم الموائد المنتشرة على مستوى القاهرة الكبرى هذه الاشياء التي شهدتها العام الماضي، كما ان اعداد الموائد لم يكن بأي حال من الأحوال مثل العام الماضي، لظروف الغلاء الذي اصاب كل شيء وبسبب الازمة الاقتصادية التي القت بظلالها على كل شيء ومنعت الكثير من المواطنين من اقامة موائد الرحمن هذا ما يؤكده الخبير الاقتصادي د.احمد عبده موضحا ان هذا العام لم يشهد ارتفاعا كبيرا في اعداد موائد الرحمن وذلك بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها نسبة كبيرة من المواطنين هذا بخلاف موجة الغلاء وارتفاع الاسعار التي اجتاحت البلاد ووصلت الى ذروتها في شهر رمضان الكريم.
ونظرا للظروف الاقتصادية السيئة لجأ البعض إلى توزيع شنط رمضان بدلا من اقامة الموائد التي تتكلف مبالغ باهظة مع الارتفاع الرهيب في الاسعار، كما ان اشتراك اصحاب المحلات في بعض الاماكن مع بعضهم لتقديم مائدة للفقراء هو خير دليل على التكافل الاجتماعي بين المواطنين.
وهناك موائد مازالت صامدة وتتسم بالبساطة سواء في طابعها او في الطعام المقدم خلالها تنتشر في المناطق الشعبية، وهناك ايضا موائد فاخرة يعدها بعض كبار الساسة وكبار رجال الاعمال وبعض المشاهير مثل مائدة فيفي عبده ودينا وشيريهان وهذه الموائد تحظى بشهرة واسعة لما تقدمه من طعام فاخر إضافة إلى مبلغ مالي يتم تقديمه لكل مواطن على المائدة وقد انضمت مؤخرا روبي وشيرين والراقصة بوسي سمير إلى قائمة الفنانات اللاتي يقدمن أفخر أنواع الطعام على الموائد التي يقيمنها، هذا بخلاف التي يقيمها د.فتحي سرور ورامي لكح وكذلك مائدة المحبة التي يقيمها د.يوسف بطرس غالي، وزير المالية، لأبناء دائرته الانتخابية بحي شبرا لتدعيم أواصر الوحدة الوطنية وجميع هذه الموائد لم تتأثر بالظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها افراد الشعب.