بدأت التداعيات الاقتصادية للاحتجاجات الشعبية في مصر بالظهور في وتيرة سريعة، فبعد أن فقدت البورصة المصرية نحو 70 مليار جنيه (12 مليار دولار) في آخر جلستين، سرت معلومات عن تهريب رجال أعمال أموالهم إلى الخارج، من جهة ثانية، أكد مصرفيون زيادة حجم سحوبات في حجم الودائع من جميع البنوك في مصر منذ بدايات الاعتصامات، محذرين في الوقت نفسه من التعرض إلى أزمة تعثر مصرفية في حال استمرار الاحتجاجات.
وقال الإعلامي المصري عماد أديب إن عددا من رجال الأعمال هربوا أموالهم خارج البلاد، عقب المظاهرات التي اندلعت الثلاثاء الماضي.
وأضاف أن التنمية الاقتصادية في مصر قامت على يد 72% من القطاع الخاص، مشيرا إلى أنه في حال تطور الموقف فإن بعض رجال الأعمال سيهربون إلى الخارج.
وأكد أديب، في حوار تلفزيوني بثته قناة «دريم»، أن المقال الذي كتبه أحمد عز، وقال فيه، حسب أرقامه وإحصاءاته، إن الشعب تحسنت أوضاعه، مشكوك في صحته، إذ لا تعكس الأرقام أوضاع الطبقات الشعبية، 40% من المصريين يمثلون الطبقة الدنيا، وهنا نحتاج إلى تمحيص ونظر لكيفية وصول عائد تحسن الاقتصاد على الجماهير.
من جهة ثانية، حذر مصرفيون من تداعيات الأحداث الجارية على أداء الاقتصاد المصري والبنوك في مصر، مؤكدين أن استمرار الأوضاع كما هي من شأنه أن يؤدي إلى تراجع حجم الاستثمار الأجنبي في مصر، وزيادة الدين العام الداخلي، وتعرض السوق في مصر لحالة من الكساد، وارتفاع حجم التضخم.
وأكد المصرفيون زيادة حجم سحوبات في حجم الودائع من جميع البنوك في مصر خلال الثلاثة الأيام الماضية ومع بدايات الاعتصامات، وأن البنوك تبحث الآن عن آلية تجنبها التأثر بالأوضاع الحالية.
وتوقع المصرفيون، في تصريحات نشرتها صحيفة «الشعب» المصرية، ظهور حالة جديدة من التعثر داخل البنوك إذا استمرت حالة الاحتقان الحالية، حيث سيدفع استمرار تلك الأحداث إلى تباطؤ النمو، وتراجع نسب الاستثمار.
وتباينت آراء المصرفيين حول شائعات هروب رجال الأعمال بودائعهم داخل البنوك المصرية، حيث رأى البعض أن استمرار الأوضاع من شأنه تحويل بعض رجال الأعمال لأموالهم من البنوك المصرية إلى بنوك خارجية في مناطق أكثر استقرارا، واتجاه بعض المودعين الصغار إلى سحب ودائعهم من البنوك، بما يؤثر على أداء البنوك في مصر، وعلى ربحيتها.
بينما استند الفريق الآخر إلى أن ودائع العملاء مضمونة من قبل البنك المركزي المصري، وأن البنوك لن تتأثر، وأن تحويل رجال الأعمال لأموالهم للبنوك الخارجية، ليس بجديد، خاصة أن ما يزيد على عمليات التشغيل لدى رجال الأعمال يحولونه إلى بنوك خارجية، ودائما ما يستثمرون الأموال التي يقترضونها من البنوك.
من جانبه، قال الخبير المصرفي بأحد البنوك الأجنبية في مصر هشام إبراهيم إن جزء كبيرا من رجال الأعمال ربما يستعدون للرحيل، وتحريك جزء كبير من ودائعهم للبنوك في الخارج، أما العملاء العاديون فإن جزءا يمكن أن يسحب وآخر يحتفظ بودائعه لدى البنوك.
وأكد إبراهيم أن البنوك لا تمتلك أي حلول توجيها من التأثر بما يحدث، متوقعا أن يشهد الاقتصاد حالة من الانكماش بما يؤثر على أداء البنوك ويدفع بمزيد من التعثر داخلها، ويؤثر بشكل ملحوظ على ربحية البنوك، وزيادة حجم السحوبات من البنوك، مطالبا الدولة بضرورة تهدئة الشارع والاستجابة لمطالب الجماهير. فيما رأى الخبير المصرفي بأحد البنوك الحكومية نزيه أبو محمد، أن البنوك في مصر تعد محركا أساسيا للاقتصاد الدولة، وأن الأحداث الجارية من شأنها اهتزاز قوى العرض والطلب، بما يؤثر على زيادة معدلات التضخم.
وقال أبومحمد إن ما يشاع حول هروب رجال الأعمال بودائعهم من البنوك في مصر لبنوك خارجية ليست بجديدة، حيث إن ما يزيد على حجم تشغيل رجال الأعمال يتوجهون به للخارج، حتى في أوضاع الاستقرار السياسي تحسبا لأي أحداث طارئة.
انقطاع خدمات الإنترنت والرسائل النصية القصيرة
نشطاء الإنترنت في مصر.. قوة لا يستهان بها
في سياق قريب كان نشطاء الإنترنت نقادا لاذعين لحكم الرئيس المصري حسني مبارك من خلال الشبكة العنكبوتية لكن الاحتجاجات التي لم يسبق لها مثيل التي شهدتها مصر هذا الأسبوع أظهرت أنهم أصبحوا معارضين لا يستهان بهم على أرض الواقع ايضا.
استخدم النشطاء موقعي فيسبوك وتويتر وغيرهما من مواقع التواصل الاجتماعي لحشد المؤيدين على الإنترنت وتنسيق الاحتجاجات وتبادل الخبرات بشأن كيفية تفادي الاعتقال والتعامل مع الغاز المسيل للدموع.
وتعطلت خدمات الإنترنت والرسائل القصيرة في انحاء البلاد بعد منتصف ليل امس الاول. وقال مشتركون في خدمات شبكات التليفون المحمول إن الخدمة توقفت تماما تقريبا امس. وتنفي الحكومة انها عطلت شبكات الاتصالات.
وفي ظل إحباط الكثيرين لضعف دور الأحزاب المعارضة لجأ الكثير من الشبان الى الفضاء الإلكتروني بوصفه واحدا من القنوات القليلة المتاحة للتنفيس عن غضبهم.
وقال المحلل السياسي نبيل عبد الفتاح إن النظام لم يستجب للدعوات المتكررة للإصلاح لكن الأجيال الجديدة استطاعت من خلال الفضاء الافتراضي كسر هذا الصمت والتحرك الى الشوارع.
وقال أحمد ماهر احد نشطاء حركة 6 ابريل التي تنشط على الانترنت منذ بضع سنوات «بالتأكيد نجح نشطاء الفيس بوك في نقل دعوتهم من العالم الافتراضي إلى أرض الواقع. أصبحت المظاهرات في كل مكان دون اي تنظيم من جماعات بعينها».
وقال المحلل السياسي ضياء رشوان لرويترز «هذا نجاح منقطع النظير بدون ادنى شك. هذا نجاح لشباب مصر. اختاروا وسيلة للتواصل فيما بينهم وهي الانترنت. ويحاولون منذ اربع سنوات تحويل الدعوات الى ارض الواقع... ونجحوا».
والنشطاء ليسوا منتقدي الحكومة التقليديين الذين يظهرون انتماءات دينية او اي اتجاهات أخرى سوى الدعوة الى التغيير السياسي. فقد ظلت جماعة الاخوان المسلمين ذات القاعدة الشعبية العريضة على هامش المظاهرات في العديد من المناطق ولم تقر بها. كما أن أحزاب المعارضة المصرية المسجلة ضعيفة. وقال عمرو حمزاوي المحلل في معهد كارنيغي للسلام بالشرق الأوسط «كان هذا مزيجا جديدا من الشبان الذين احتشدوا أساسا باستخدام تكنولوجيا الإنترنت».
وقال صلاح عبد المقصود وكيل نقابة الصحافيين المصريين وعضو جماعة الاخوان المسلمين «تجاوب النشطاء من خلال هذا الوسيط (الانترنت) في وقت قياسي بدون تضييق أمني مثلما كان يحدث مع الوسائل الاخرى.. وهذا جعل مهمة الأجهزة الأمنية صعبة وأضعف قدرتها على السيطرة».
واقرأ ايضاً:
تواجد أمني بمحيط السفارة المصرية ومطالبة بتأمين عودة طلبتنا بمصر وأوضاع الكويتيين مطمئنة.. و"الكويتية" تنفي تعليق رحلاتها
مصر.. أمام لحظة مصيرية
«جمعة الغضب».. مظاهرات واشتباكات وحظر تجول
شخصيات وجماعات في عين الحدث
مشروع قرار في الكونغرس لإدانة الهجوم على كنيسة القديسين
مصطفى الفقي: أطالب الحكومة بالاستقالة والاستجابة للمحتجين