كان الرئيس التركي عبدالله غول جالسا أمام اكثر من 20 شابا وشابة من طليعة الثورة المصرية الداعية للديموقراطية حين تلقى رسالة نصية من ابنه الذي يدرس بالولايات المتحدة.
قال غول لمستمعيه في قاعة بالسفارة التركية بالقاهرة قرب نهر النيل إن الرسالة التي بعث بها ابنه تقول «إنهم يرسلون ما تقوله الى موقع تويتر».
وكان غول يقدم المشورة الرصينة للجميع بدءا من القادة العسكريين الذين يشرفون على انتقال مصر الى ديموقراطية دستورية وحتى الرؤساء المحتملين وقيادات الحركات السياسية الرئيسية كلها فضلا عن المثقفين والكتاب كما أسدى قدرا من النصح للشبان الذين شاركوا في الاحتجاجات بميدان التحرير بوسط القاهرة.
وغول هو أول رئيس دولة يزور مصر منذ تنحي الرئيس السابق حسني مبارك في 11 فبراير وقد لقي ما قاله الرئيس التركي صدى في البلاد التي انتمى كل رؤسائها الى الجيش منذ أطاحت حركة الضباط الأحرار بالملكية عام 1952. وحين كان غول يشاهد المظاهرات على شاشة التلفزيون يوم الخميس تذكر نشاطه السياسي حين كان طالبا وكيف أفسد انقلاب عسكري عام 1980 الأسابيع الأولى من زواجه.
وقال وهو يسرد ذكرياته وسط ضحك مستمعيه «قضيت شهر العسل في سجن عسكري».
ويخشى كثيرون في مصر من أن يحجم الجيش الذي يدير شؤون البلاد منذ سقوط مبارك عن ان يتنازل عن كامل صلاحياته حين تجري الانتخابات.
وقال غول متحدثا للصحافيين في طريق عودته الى اسطنبول إن المصريين الذين التقى بهم عبروا عن إعجابهم بما حققه حزب العدالة والتنمية.
وقال غول إنهم قالوا له «تركيا نموذج لنا. أنتم مسلمون وديموقراطيون وعلمانيون واقتصادكم تقدمي وبالتالي هذا نموذج لنا». وكما يرصد بعض المصريين خطرا في فوز الإخوان المسلمين بالانتخابات وإنشاء دولة دينية فإن بعض الأتراك يرون أن حزب العدالة والتنمية يتمتع بنفوذ اكثر من اللازم ولديه جدول أعمال خفي يحاول تنفيذه وينطوي على تطبيق الشريعة الإسلامية في تركيا.
وحين اجتمع غول مع قيادات وشبان الإخوان المسلمين اكبر جماعة معارضة في مصر لاحظ انضمامهم للتيار السياسي السائد تاركين وراءهم العقيدة.
ولدى سؤاله إن كانت الحرية قد تشجع القوى المتشددة؟ أجاب غول «أنا قلت لا تقلقوا بهذا الشأن. الديموقراطية تعيد تشكيل كل الحركات المتشددة، أنا مقتنع بهذا فعلا».
وقال إن الثورة أعادت للمصريين كرامتهم، ويشترك الإخوان المسلمون والليبراليون وغيرهم من المنتمين للتيارات الأخرى في طموحات كثيرة.
وكتب الرئيس التركي على صفحته على موقع «تويتر» الالكتروني أن لقاءه مع «شباب ميدان التحرير» الذين حملوا شعلة ثورة الشعب المصري كان مثيرا وغريبا للغاية، وأنه كان أكثر أهمية من الجانب السياسي في الزيارة.
وقال غول إن الشباب المصري استخدم قوة الميدان الاجتماعي بشكل مؤثر ولم يمنحوا الفرصة للنظام السابق لاتخاذ تدابيره، مشيرا الى أنه لاحظ أثناء اللقاء مع الشباب أن أصابعهم كانت تلعب تحت طاولة الاجتماع حيث كانوا يكتبون رسائل الكترونية.
وأكد الرئيس التركي أن هذا الأمر زاد من قناعته بأنه لا يمكن لنظام مغلق أن يقف على قدميه أو يصمد لفترة طويلة أمام قوة وتقدم تكنولوجيا الاتصالات.