لو عايز نذيع قول ذيع، لعل هذه هي الملاحظة الأبرز فيما تشهده مصر هذه الأيام في أعقاب نجاح ثورة 25 يناير وتغيير نظام الحكم في مصر وملاحقة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وما ترتب عليه من حرق أكثر من 12 مقرا لمباحث أمن الدولة بمحافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية بأيدي الضباط.
الأمر الذي يطرح مائة سؤال حول طبيعة الوثائق المراد حرقها وطبيعة الملفات التي من مصلحة مسؤولي الداخلية وأمن الدولة حجبها عن الرأي العام خصوصا بعد تسريب عدد منها يحمل اتهامات خطيرة ضد أصحابها بمن فيهم وزير الداخلية السابق نفسه.
فعلى طريقة الوثائق الفضائحية التي اعتاد موقع «ويكليكس» نشرها مؤخرا، بتنا نستيقظ كل يوم على وقع وثيقة تحمل اتهامات ضد مسؤول هنا أو هناك، بل ويبيع أشخاص على أرصفة شوارع القاهرة وثائق أمن الدولة وتتضمن أسماء لمشاهير من إعلاميين وصحافيين وغيرهم بسعر جنيهين مصريين للوثيقة الواحدة، أي أقل من نصف دولار.
ونتيجة لإحراق أو محاولات إتلاف هذه الوثائق الخطيرة في مقار أجهزة أمن الدولة على مستوى الجمهورية قام آلاف الثوار باقتحام مقرات جهاز مباحث أمن الدولة بمحافظات أكتوبر، والقاهرة، والجيزة، والإسكندرية، وجنوب سيناء، وقنا، ومرسى علم وشلا تين والعديد من محافظات صعيد مصر ولقد حرص المقتحمون أولا على تأمين الملفات الخاصة بالجهاز، والتي فضحت النظام وأوضحت كيفية إدارة الأمور في البلاد.
وفي المقر الرئيسي لجهاز أمن الدولة بمدينة نصر بالقاهرة، عثر المتظاهرون بعد اقتحامهم له، على غرفة نوم وحمام فاخر وجاكوزي و«برنس» نسائي وشاشة تلفزيون 42 بوصة وثلاجة في مكتب وزير الداخلية السابق حبيب العادلي بمقر مباحث أمن الدولة الرئيسي بمدينة نصر في العاصمة المصرية، عثر عليها المتظاهرون الذين اقتحموا المقر.
أثار وجود غرفة النوم المجهزة كاملا بجوار غرفة للاجتماعات، دهشة الشباب الذين قاموا بتفقدها وتصويرها، خصوصا أنها ملحقة بمكتبه في مقر جهاز مرعب يتناقل عنه المصريون قصصا مرعبة من التعذيب والملاحقات والتجسس على غرف النوم.
وقد بث متظاهرون شريط فيديو على الانترنت بعد اقتحامهم هذا المقر تتضح من خلاله مشاهداتهم داخل المبنى، حيث أظهرت الكاميرا سريرا لشخصين مفروشا جيدا، و«برنس» رجالي يخص العادلي بجوار «البرنس» النسائي الذي علق عليه احد الثوار بأنه «لزوم الفرفشة» وكانا معلقين داخل خزانة ملابس كبيرة.
وكانت آخر هذه الوثائق تلك التي نشرتها صحيفة «اليوم السابع» الإلكترونية وتتعلق بالحياة الخاصة للدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية والتي تزعم ارتباط د.جمعة بالعديد من العلاقات النسائية، وادعت أنه يتردد عنه في نطاق ضيق تعدد زيجاته بصورة سرية.
وزعمت الوثيقة أن جهاز مباحث أمن الدولة عقد لقاء مع إحدى السيدات التي سبق لها الزواج من جمعة وهي حفيدة المرحوم الشيخ شلتوت، وتدعى مها عبدالفتاح شلتوت، حيث نقل عنها أن المفتي تربطه بأسرتها صلة صداقة قديمة مما دفعها للاتصال به أوائل عام 2003 نظرا لمرورها بظروف نفسية سيئة نتيجة طلاقها من زوجها الثاني ووفاة شقيقها.
وادعى التقرير أن حفيدة شلتوت عقدت قرانها على جمعة بمسكنها الكائن بجاردن سيتي وشهد عليه كل من خالها وعمها دون أن يطلع المأذون الذي كان برفقة المفتي على وثيقة طلاقها الثاني قبل العقد بحسب زعم الوثيقة.
ونسبت الوثيقة إلى حفيدة شلتوت قولها لأمن الدولة إنها علمت من المفتي خلال فترة زواجهما تكرار زواجه من سيدات أخريات (عدد 10 زيجات) إلا أنها رفضت ذكر أي من تلك الحالات، كما نفت مرافقتها للمفتي في أي جولات خارج البلاد.
من جانبه، ناشد المجلس الأعلى للقوات المسلحة في بيان له جميع المواطنين بتسليم ما بحوزتهم من وثائق تخص أمن الدولة إلى القوات المسلحة فورا، وذلك لاتخاذ ما يناسبها من إجراءات وعدم تداولها في وسائل الإعلام، وذلك في نطاق المسؤولية الوطنية ومنعا للمساءلة القانونية، حيث ان هذه الوثائق قد تحتوي على بعض القضايا التي قد تعرض أمن الوطن وأفراده للخطر.
الى ذلك، كلف عصام شرف رئيس الوزراء المصري اللواء منصور العيسوي بتولي حقيبة وزارة الداخلية في الحكومة التي يقوم بتشكيلها حاليا.
في نفس السياق، ذكر موقع إلكتروني، يوصف بأنه مقرب من الاستخبارات الإسرائيلية امس، أن الرئيس الأميركي باراك أوباما أوفد وزير دفاعه روبرت غيتس في مهمة طارئة للقاهرة، إثر اقتحام مئات المحتجين لمقرات جهاز مباحث أمن الدولة بالقاهرة واستيلائهم على ملفات سرية للغاية.
وقال موقع «ديبكا فايل» الإلكتروني ان سقوط مقرات أمن الدولة في محافظة الاسكندرية شمال القاهرة ومحافظة السادس من أكتوبر والمقر الرئيسي بمدينة نصر أتاح اطلاع عناصر وصفت بأنها «مناهضة للولايات المتحدة على ملفات سرية لكل القادة السياسيين والعسكريين في مصر».
وذكر التقرير أن تلك الملفات لم تكن متاحة في الماضي إلا لرئيس الاستخبارات المصري السابق عمر سليمان وذلك قبل اندلاع «ثورة 25 يناير».