كشف د.أيمن نور بالمستندات خلال برنامج «واحد من الناس» كيف تلاعب أمن الدولة بأمن الدولة، وكيف استخدم هذا الجهاز لتصفية المعارضين للنظام، معنويا وأدبيا وماديا، وكيف يتم تلفيق الاتهامات والمحاكمات وإصدار الأحكام بالسجن والاعتقال. وقال نور: دعاني الى العشاء الصحافي المرحوم ياسر فرحات، كان ذلك عام 2001، عندما وصلت الى مكان الدعوة وجدت في انتظاري اللواء أسعد حمدي وكيل المخابرات العامة آنذاك.
بعد دقائق من اللقاء أخرج اللواء صورة شيك باسمي مسحوب على بنك «كريديه ليونيه» فرنسا، قيمة الشيك 2 مليون جنيه.
سألني اللواء أسعد بصراحة ووضوح: ما قصة هذا الشيك؟ لقد فتشنا في كل حساباتك فلم نجد إلا 14 دولارا في أحد الحسابات، وشوية فلوس مصري في حساب آخر.
فتشنا جيدا، هل صرفت الشيك داخل مصر وخارج مصر، وتأكدنا انك لم تصرف الشيك، أرجوك اكشف لنا سر هذا الشيك لأنه مسألة محيرة للغاية. الأوراق والمستندات التي أبرزها اللواء أسعد أصابتني بالهول والصاعقة، لم أتمالك نفسي إلا بعد فترة طويلة من الزمن.
قلت له: لا أعرف بالضبط، لكن دعني أحاول الوصول الى الحقيقة لأساعدكم وأساعد نفسي. سافرت الى باريس، ورفعت دعوى مستعجلة لكسر سرية حساب الشيك، بمساعدة وزارة الخارجية الفرنسية، وحصلت على حكم بالفعل، وقدم أيمن نور الى عمرو الليثي صورة الحكم وترجمة رسمية باللغة العربية.
تبين ان الشيك صادر من مكتب صرافة متواضع النشاط في أحد أحياء باريس، ولم يصدر من بنك كريديه ليونيه مباشرة، صاحب الشيك اسمه يحيى عبدالجابر.
عرفنا عنوانه، وتوجهنا الى المكان، فتحت لنا سيدة جزائرية فرنسية، ما إن سمعت باسم يحيى عبدالجابر حتى أطلقت علينا سيلا من اللعنات.
اكتشفنا فيما بعد ان السيدة كانت متزوجة من يحيى عبدالجابر وأنجبت بنتين، الرجل خطف البنتين، وسافر بهما الى القاهرة.
السيدة لم تسكت، أقامت باريس عن بكرة أبيها، بكت ورفعت صوتها بالحزن والألم.. ارحموني.. رجل مصري خطف بناتي وحرمني من فلذة كبدي، ونجحت في حشد الرأي العام لقضيتها، فهي جريمة خطف واعتداء على عواطف الأمومة.
وصل الرئيس الفرنسي وأقنع الرئيس مبارك بتسليم الفتاتين واصطحبهما على الطائرة الرئاسية عائدا الى باريس.. استقبلته الجماهير بعاصفة من التصفيق. وسجلت الصحف ومحطات التلفزيون الحدث لحظة بلحظة.. كان الإحساس بالانتصار للمرأة المسكينة طاغيا في كل مكان في فرنسا.
بعد جهد كبير وصلنا الى يحيى عبدالجابر نفسه، سألته ما قصة الشيك الذي أصدرته باسمي. أجاب الرجل: إن مباحث أمن الدولة في مصر اعتقلتني، وعلقتني كما تقولون، وطلبوا مني تسليم البنتين خلال ساعات، وأرغموني على كتابة هذا الشيك لحسابك، حتى يكون ورقة ضغط ضدي، إذا حاولت استرداد البنتين عن طريق القضاء المصري أو الدولي.
وظل الشيك محفوظا لدى جهاز أمن الدولة لاستخدامه عند الحاجة.
وعندما احتاج الرئيس مبارك الى ما يمكن ان يهددني به، تم إبراز الشيك، والإدعاء ان نشاطي السياسي ممول من قوى أجنبية.
وأضاف نور: عندما تكاملت أمامي الصورة والأوراق، سلمتها للسيد عمر سليمان مدير المخابرات آنذاك، وكان الرجل مقتنعا ببراءتي، لكن للسياسة أحكام، وللمصالح منطق مختلف.