تحت شعار «راجع للتحرير، علشان ما فيش تغيير»، نزل عشرات الآلاف من المصريين امس الى ميدان التحرير في «جمعة غضب» جديدة احتجاجا على بطء التغيير ورغم الحر الشديد تجمع عشرات الآلاف بعد صلاة الجمعة وقد رفعوا لافتات تقول «الشعب يريد محافظين وطنيين ولاؤهم للشعب مش للنظام»، و«الشعب يريد تطهير القضاء» و«دستور قبل الانتخابات وعدالة لكل التيارات» و«الشعب يريد إلغاء المحاكم العسكرية».
وقد دعت الى هذه التظاهرة خاصة الحركات الشبابية الناشطة على الانترنت التي كانت المساهم الأكبر في الانتفاضة الشعبية ضد الحكم في يناير وفبراير الماضيين وذلك من اجل «جمعة غضب ثانية» استكمالا لثورة 25 يناير التي أسقطت نظام مبارك.
وفي شرم الشيخ، على البحر الأحمر، تجمع المئات امام المستشفى الذي يوجد فيه مبارك منذ منتصف ابريل الماضي للمطالبة بنقله الى السجن كما أفاد مصور لـ «فرانس برس».
وكان القضاء المصري اعلن الثلاثاء احالة مبارك ونجليه، علاء وجمال، الى المحاكمة، الا انه لم يتم بعد تحديد موعد لهذه المحاكمة.
ويطالب المتظاهرون بإسناد الحكم الى مجلس رئاسي مدني وإقالة مسؤولي النظام السابق الذين مازالوا يعملون في العديد من قطاعات الادارة واتخاذ اجراءات قضائية صارمة ضد المتهمين بالفساد واعمال العنف. كما يطالبون بمحاكمة علنية للرئيس السابق حسني مبارك مشككين في صدق الاعلان الثلاثاء الماضي عن محاكمة مبارك ونجليه علاء وجمال.
وتقول راندا جوهر (33 سنة) «نريد وضع الدستور الجديد قبل الانتخابات. فالتعديلات غير كافية»، في اشارة الى التعديلات المحدودة للدستور السابق التي تمت الموافقة عليها في استفتاء في مارس الماضي.
وقال مهند جلال (27 سنة): ان قادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة «كانوا مع مبارك لسنوات. نحن الذين أسقطناه وليس هم».
في المقابل أعلنت جماعة الاخوان المسلمين، الحركة التي تعتبر الأكبر والأفضل تنظيما في مصر، رفضها هذه المبادرة معربة عن قلقها من ان تحدث هذه التظاهرات وقيعة بين الشعب والجيش تهدد نجاح العملية الانتقالية.
من جانبه، أعلن الجيش امس الأول انه لن يتواجد في مكان التظاهرة لتجنب اي احتكاك مع المتظاهرين.
وحذر في الوقت نفسه في بيان نشر في صفحته على الـ «فيس بوك» من بعض العناصر المشبوهة التي تسعى الى «إحداث الفتنة والوقيعة بين الجيش والشعب».
وقال المجلس العسكري للقوات المسلحة «ان هذه العناصر المشبوهة تقوم بتوجيه أتباعها من الخارجين عن القانون وتنظيم تحركاتهم في كل التظاهرات الحرة للثورة بغرض الاندساس بين المتظاهرين للتحرش واستفزاز رجال القوات المسلحة والشرطة بغرض حدوث انفلات أمني يؤدي لمواجهات بين الطرفين». وأهاب المجلس «بأبناء مصر العظيمة من جميع الطوائف لمراعاة الحيطة والحذر من هذه العناصر الهدامة والتي تهدف الى إضعاف مصر وعدم استقرارها تحقيقا لأهدافها المشبوهة». وألقي القبض في القاهرة امس الأول على اربعة أشخاص كانوا يضعون ملصقات تدعو الى التظاهر قبل الافراج عنهم بعد قليل. ومن المقرر اجراء الانتخابات التشريعية لانتخاب اعضاء جدد لمجلس الشعب الجديد بعد حل المجلس السابق في سبتمبر المقبل الا ان موعد الاستحقاقات السياسية الأخرى مثل وضع الدستور الجديد والانتخابات الرئاسية لايزال غير واضح.
وتخشى القوى الليبرالية والمدنية من سيطرة جماعة الاخوان على مجلس الشعب الجديد الذي سيقوم بتشكيل جمعية تأسيسية لوضع الدستور الجديد الذي يمكن نظرا لذلك ان يأتي أكثر اتفاقا مع فكر الجماعة ومصلحتها.
في المقابل، تظاهر بضعة مئات امام ساحة الحسين والجامع الأزهر الشريف وأمام المنصة بمدينة نصر احتجاجا على مظاهرات «جمعة الغضب الثانية»، مطالبين باستمرار المجلس العسكري في إدارة شؤون البلاد حتى تسليمها إلى رئيس منتخب من قبل الشعب المصري.
وأكد المتظاهرون ان تلك المظاهرات تؤدي الى توقف عجلة العمل والانتاج في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة من مستقبل البلاد وتعمل على اشاعة الفوضى في الوقت الذي تحتاج الثورة الى الاستقرار، مطالبين بإتاحة الفرصة لحكومة د.عصام شرف والمجلس العسكري لتنفيذ مطالب الثورة ودفع مصر الى طريق الديموقراطية ووضعها على خريطة الدول المتقدمة. ورفض المتظاهرون التشكيك في قدرة المجلس العسكري على قيادة المرحلة الانتقالية، مشيرين الى ان الجيش الذي حمى الثورة منذ مهدها وقام بتأمين نجاحها هو الوحيد القادر على ادارة دفة الحكم بالبلاد في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها الوطن وسط محاولات فلول النظام السابق لإجهاض الثورة.
وأكدوا رفضهم التام لتجاوز الاستفتاء على التعديلات الدستورية الذي جرى في 19 مارس الماضي وأفضى الى اجراء الانتخابات البرلمانية ثم انشاء أو انتخاب لجنة تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد وذلك بعد مطالبة بعض القوى السياسية المؤيدة والداعية لمظاهرات «جمعة الغضب الثانية» بوضع دستور جديد للبلاد وإرجاء الانتخابات البرلمانية الى ما بعد الانتهاء من وضع الدستور الجديد.
كما طالب المتظاهرون المجلس العسكري والنائب العام بالإسراع في محاكمة رموز النظام السابق وتقديمهم للعدالة في أسرع وقت ممكن ومصادرة جميع أموالهم لصالح الشعب وكذلك محاكمة جميع المسؤولين عن قتل شهداء الثورة.