يبدو أن السنوات الثماني الماضية لم تكن كافية لحسم الجدل حول لغز اختفاء الصحافي رضا هلال في ظروف غامضة ولا حتى لمحوه من الذاكرة، حيث تجدد الحديث عن ملابسات اختفائه مما دفع دوائر التحقيق في مصر لإعادة فتح ملف القضية برمتها بعد نشر أدلة جديدة ربما تفضي لمعرفة المتورط في القضية.
فحسب شبكة الإعلام العربية «محيط» استمع المستشار هشام جعفر بالمكتب الفني للنائب العام وتحت إشراف المستشار د.عبدالمجيد محمود النائب العام لأقوال الصحافي محمد الباز الكاتب بجريدة «الفجر» بخصوص ما قام بنشره بالجريدة بالعدد 305 بتاريخ 23/5/2011 حول قيام رجال وزير الداخلية السابق حبيب العادلي باختطاف الصحافي رضا هلال وتعذيبه الأمر الذي ترتب عليه وفاته في أيديهم مما حدا بهم للتخلص من جثته بإحدى مقابر البساتين أو تحت مبنى هيئة الاستثمار. كما استمع أيضا لأقوال عماد فواز الصحافي بجريدة «الكرامة» والتي أكد فيها أن رجال التنظيم السري لضباط وزير الداخلية والذي كان يشرف عليه حبيب العادلي بنفسه شخصيا قد قاموا باختطاف الصحافي رضا هلال وإيداعه بمستشفى الأمراض العقلية بالعباسية عنبر الخطرين تحت اسم مستعار بتاريخ 25/9/2003. وتم سماع الأقوال في حضور سيد أبوزيد سليمان المستشار القانوني لنقابة الصحافيين بناء على طلب حاتم زكريا السكرتير العام لنقابة الصحافيين استنادا للبلاغ الذي تلقاه من سيد هلال شقيق الصحافي رضا هلال. وأكد سيد هلال أنه يعتزم رفع قضية الاختفاء الى المحكمة الجنائية الدولية، خاصة أن عناصر النظام السابق تم التحقيق معهم في العديد من القضايا عدا قضية شقيقي، برغم تقديمنا لأكثر من عشرة بلاغات منذ قيام الثورة، ولم يتم استدعاؤنا الا في بلاغ واحد تم التحفظ خلاله على التسجيل الصوتي لآخر مكالمة تلقاها شقيقي على الانسر ماشين من احدى السيدات وتقوم بتهديده حينها. وأشار الى أن هناك أكثر من محام عرض علينا رفع القضية الى المحكمة الجنائية الدولية، ولكن مازال يحدونا الأمل في القضاء المصري وعدله في أن ينصفنا ولكن بعد مضي كل هذه الفترة فإن الانتظار صار صعبا وقاسيا، وليس أمامنا إلا السير في اتجاه رفع القضية. وناشد هلال القيادات الصحافية السابقة ممن كانت لهم علاقات وثيقة برضا بأن ينفضوا غبار الصمت وأن يتقدموا بما لديهم من معلومات عن قصة اختفاء زميلهم وصديقهم وكذلك قيادات الداخلية السابقون فمنهم من يعلم التفاصيل الدقيقة عن ملف الاختفاء.
قبل الاختفاء
تأثر رضا هلال بالفكر الماركسي أثناء دراسته بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة في سبعينيات القرن الماضي، وهي الفترة التي كان لايزال فيها للتيار اليساري الكثير من النفوذ في الحركة الطلابية المصرية، ولكن سرعان ما تحول الى الليبرالية ذات التوجه العلماني بعد التحاقه بالعمل في جريدة الأهرام، وسفره إلى الولايات المتحدة الأميركية، ولكن توجهاته الليبرالية لم تحل دون أن يوجه سهام النقد لليمين الأميركي المسيحي والمحافظين الجدد.
ولم يظهر هلال تعاطفا مع عقيدة المحافظين الجدد الخاصة بالإطاحة بالنظم الديكتاتورية العربية واستبدالها بحكومات ديموقراطية تمثل الحل السحري لكل مشكلات الشرق الأوسط.
فكثيرا ما شدد رضا هلال على أن الديموقراطية ليست مجرد انتخابات واقتراع بل هي ثقافة قائمة على احترام الآخر وصيانة حقوق الأقلية لحمايتها من طغيان الأغلبية.
وأثارت سلسة مقالات كان ينشرها «هلال» في صحيفة الأهرام، أثناء الغزو الأميركي للعراق، عام 2003 لغطا في الحياة السياسية في مصر ودول عربية أخرى، لهجومه على ما كان يصفه بالنظم الديكتاتورية الشبيهة بالنظام العراقي (الصدامي) في العالم العربي، وما فهم منه حينذاك أنه دعوة للغرب للتخلص من النظم العربية المستبدة، وإحلال الديموقراطية التي كانت إدارة جورج بوش الابن تبشر بها لمنطقة الشرق الأوسط.
وأثناء ذلك أظهر هلال تأييده للغزو الأميركي للعراق وحمّل المقبور صدام حسين المسؤولية، ووصف المتعاطفين معه بـ «أرامل صدام» زاعما أن النظام العراقي كان يقدم الأموال للمثقفين والصحافيين في مصر كما في العالم العربي ليكيلوا له الثناء.