قال رئيس محكمة استئناف القاهرة المستشار السيد عبدالعزيز عمر انه تم تحديد جلسة 3 أغسطس المقبل لبدء أولى جلسات محاكمة الرئيس السابق محمد حسني مبارك ونجليه علاء وجمال ورجل الأعمال الهارب حسين سالم.
وأوضح عمر في تصريحات للصحافيين ان المحاكمة ستكون أمام محكمة جنايات شمال القاهرة برئاسة المستشار أحمد رفعت، مشيرا الى ان قراره باختيار الدائرة جاء في أعقاب اعتذار المستشار عادل عبدالسلام جمعة رئيس الدائرة الرابعة بمحكمة جنايات جنوب القاهرة في خطابه الموجه الى رئاسة محكمة استئناف القاهرة عن نظر الدعوى بسبب انشغال الدائرة بنظر قضايا أخرى.
واضاف ان اختياره لدائرة أخرى لنظر القضية جاء في ضوء التفويض الصادر له بهذا الشأن من الجمعية العمومية لمحكمة استئناف القاهرة وإعمالا لقانون السلطة القضائية.
وكانت النيابة العامة قد وجهت الى مبارك ونجليه ورجل الأعمال حسين سالم عددا من الاتهامات المتعلقة بالقتل العمد والشروع في القتل العمد لبعض المشاركين في التظاهرات السلمية في 25 يناير الماضي فضلا عن تهم استغلال النفوذ والإضرار العمد بأموال الدولة والحصول على منافع وأرباح مالية لهم ولغيرهم دون وجه حق.
وذكرت النيابة العامة أن الرئيس السابق حسني مبارك اشترك بطريق الاتفاق مع وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وبعض قيادات الشرطة السابق إحالتهم للمحاكمة الجنائية في ارتكاب جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجرائم القتل والشروع في قتل بعض المشاركين في التظاهرات السلمية بمختلف محافظات الجمهورية والتي بدأت اعتبارا من 25 يناير الماضي.
كما اتهمت الرئيس السابق مبارك بتحريض بعض ضباط وأفراد الشرطة على اطلاق الأعيرة النارية من أسلحتهم على المجني عليهم ودهسهم بالمركبات لقتل بعضهم ترويعا للباقين وحملهم على التفرق واثنائهم عن مطالبهم وحماية قبضته واستمراره في الحكم مما أدى الى سقوط عدد من القتلى والجرحى من بين المتظاهرين. ولفتت النيابة الى أن مبارك بصفته رئيسا للجمهورية قبل وأخذ لنفسه ولنجليه علاء وجمال مبارك عطايا ومنافع عبارة عن قصر على مساحة كبيرة و4 فيلات وملحقاتها بمدينة شرم الشيخ تصل قيمتها الى 40 مليون جنيه بأثمان صورية مقابل استغلال نفوذه الحقيقي لدى السلطات المختصة.
كما مكن مبارك رجل الأعمال الهارب حسين سالم من الحصول على قرارات تخصيص وتملك مساحات من الأراضي بلغت 4 ملايين من الأمتار المملوكة للدولة بمحافظة جنوب سيناء بالمناطق الأكثر تميزا في مدينة شرم الشيخ السياحية.
ونسبت النيابة الى مبارك ايضا الاشتراك مع وزير البترول الأسبق سامح فهمي وبعض قيادات وزارة البترول والمتهم حسين سالم السابق في ارتكاب جريمة تمكين حسين سالم نسبت اليهم الحصول على منافع وأرباح مالية بغير حق تزيد على 2 مليار دولار.
واتهمتهم بأنهم قاموا بإسناد شراء الغاز الطبيعي المصري للشركة التي يمثلها ورفع قيمة أسهمها وتصديره ونقله الى اسرائيل بأسعار متدنية أقل من تكلفة انتاجه وبالمخالفة للقواعد القانونية مما أضر بأموال الدولة بمبلغ 714 مليون دولار تمثل قيمة الفارق بين سعر كميات الغاز التي تم بيعها فعلا لإسرائيل وبين الأسعار العالمية.
كما وجهت النيابة العامة الى المتهم حسين سالم (هارب) تقديمه لمبارك ونجليه علاء وجمال قصرا و4 فيلات وملحقاتها بمدينة شرم الشيخ نظير استغلال نفوذ مبارك في تخصيص مساحات شاسعة من الأراضي المتميزة لشركات سالم.
وأسندت النيابة لعلاء وجمال مبارك تهمة قبولهما وأخذهما 4 فيلات تزيد قيمتها على
14 مليون جنيه بمدينة شرم الشيخ مع علمهما بأنها مقابل استغلال والدهما لنفوذه لدى السلطة المختصة بمحافظة جنوب سيناء لتخصيص مساحات شاسعة من الأراضي لشركات المتهم حسين سالم. يذكر أن محكمة جنايات القاهرة تعقد جلساتها في منطقة القاهرة الجديدة بالتجمع الخامس وهو من الأحياء الجديدة في العاصمة المصرية وعلى ذلك لن يتم نقل المحاكمة الى منتجع شرم الشيخ حيث يعالج الرئيس المصري السابق في المستشفى الدولي.
وكان التقرير الطبي الذي استعرضه النائب العام أكد ان حالة مبارك الصحية سيئة لدرجة يصعب معها نقله الى مستشفى السجن اضافة الى انه لا يوجد عناية مركزة بمستشفى السجن.
ومن المعروف قانونا انه لا تنقل جلسات المحاكمة الا اذا طلب ذلك المحامي عن المتهم بناء على اعتذار طبي ووافق عليه وزير العدل وطبقا لذلك سيتم تأجيل جلسات المحاكمة حتى يمثل مبارك امام هيئة المحكمة.
هل ممكن مبارك يطلع براءة؟
في السياق نفسه قلق كبير أثاره إعلان المستشار هشام جنينة نائب رئيس محكمة النقض عن وجود ثغرة بجهاز الكسب غير المشروع قد تمكن الرئيس السابق مبارك وأعوانه من الطعن في عدم دستورية الأحكام وبالتالي تمكنهم من الخروج مما وجه إليهم من تهم عن تضخم ثرواتهم. وحسب كلام جنينة فإن المتهمين يمكنهم الطعن على تقارير الاجهزة الرقابية والتي تخضع للخطأ والصواب..كما انها ليست دليل اتهام لأنها تخضع لأهواء المتحري. وعن المخاوف التي تنتاب البعض من امكانية حصول مبارك وأعوانه على البراءة في التهم الموجهة إليهم بتضخم الثروة.. يقول د.عاطف البنا استاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق جامعة القاهرة: مبارك وأعوانه يواجهون عدة اتهامات بجانب الكسب غير المشروع.. فهناك قائمة بالاتهامات المالية تتمثل في استغلال النفوذ والاستيلاء على المال العام والرشوة وكل جريمة لها أركان وأفعال محددة ستتم الإدانة فيها، كما ان هناك قضايا متعلقة بقتل المتظاهرين او الاشتراك بالتحريض أو الأمر أو حتى العلم بها وعدم منعها، فالاتهامات الموجهة الى الرئيس السابق وحاشيته كثيرة ولها أركان عديدة مثل جمع أموال مصدرها غير مشروع، والمحكمة هي صاحبة السلطة لان ثروته تضخمت في فترة وجيزة وفي صورة لا تتناسب مع دخله.. والمفترض انها تضخمت بموجب أدلة او قرائن.. وإذا أراد البعض فليطعن بعدم دستورية نص القانون والمحكمة صاحبة القرار في دفع القضية الى المحكمة الدستورية العليا وقد لا تستجيب المحكمة بعدم الدفع لعدم دستوريته وهنا قد تحدث البراءة، فالنيابة العامة تحقق، وبراءة الرئيس السابق وأعوانه واردة ومتروكة للقضاء. من جانبه، قال الكاتب الصحافي إبراهيم عيسى في برنامج «في الميدان» الذي يقدمه على قناة التحرير إنه وفقا للتقرير الطبي الذي أعدته اللجنة الطبية المكلفة من النائب العام بالكشف على الرئيس السابق حسني مبارك في مستشفى شرم الشيخ فإن حالته الصحية متدهورة ولابد من الثقة في تقرير اللجنة لأنهم أساتذة كبار، وليست لهم مصلحة في تضليل الرأي العام. وأضاف: لابد من تنحية فكرة المؤامرات وإعطاء الثقة في سلطات التحقيق والمجلس العسكري، وأكد أن هذا التقرير الذي خرج من مكتب النائب العام كان والصحافيون العاملون معه قد نشروا تفاصيله في صحيفة الدستور قبل عامين، وأكدوا أن حالة الرئيس متدهورة وتصيبه بفقدان الوعي إلا أن النظام الحاكم سارع بنفي الأمر وتمت محاكمة عيسى بشأن هذه المعلومات بتهمة نشر معلومات مضللة عن صحة الرئيس، إلا أن تقرير اللجنة الطبية المعلن من قبل النائب العام أكد صحة ما تم نشره في جريدة الدستور وقت ان كان يرأس عيسى تحريرها. وأضاف ـ مناشدا المشاهدين والرأي العام ـ انه من العدالة مادامت صحة مبارك متدهورة وتقريبا «حيموت» أن يبقى في مستشفى شرم الشيخ ويحاكم هناك إذا قررت المحكمة ذلك وفقا لتلك التقارير الطبية، وانه ليس الغرض إذلال الرئيس السابق، بل احتجازه وتقييد حريته وتحقيق العدالة، التي ينشدها الشعب، ومن ثم فاحتجازه في المستشفى يحقق تلك العدالة.