إعداد: محمد البدري
مع تولي الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة دونالد ترامب، مهام منصبه رسميا، تتزايد التساؤلات حول مستقبل السياسة الخارجية الأميركية خلال فترة رئاسته التي ستمتد 4 سنوات، لاسيما تجاه منطقة الشرق الأوسط عموما والعالم العربي على وجه الخصوص، وطبيعة العلاقات التي ستديرها أميركا ترامب مع الدول المحورية في المنطقة وفي مقدمتها، مصر.
وتبدو وجاهة هذه التساؤلات في ضوء المخاوف العالمية من أن يترجم الرئيس الأميركي الجديد وعوده الانتخابية إلى سياسات عملية وممارسات واقعية ينتهجها أركان إدارته، وهو الأمر الذي ينذر- في حال حدوثه - بتحولات دراماتيكية من شأنها أن تقلب ثوابت الديبلوماسية الأميركية الممتدة منذ عقود رأسا على عقب، وبخاصة فيما يتصل بالصراع العربي الإسرائيلي.
«الانباء» تستشرف في هذا التقرير الإخباري الموجز الملامح العامة لمستقبل العلاقات بين القاهرة وواشنطن تحت قيادة ترامب.
بداية، يرى د.محمد السعيد إدريس مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن هناك عدة ملفات ستحدد طبيعة العلاقات المصرية الأميركية خلال الفترة المقبلة، بعض هذه الملفات يخص الداخل المصري، والبعض الآخر يتصل بالملفات الإقليمية الشائكة المطروحة حاليا.
ويقول د.إدريس إن موقف إدارة الرئيس ترامب من جماعة الإخوان المسلمين سيكون محددا مركزيا في تحسين العلاقات المستقبلية بين واشنطن والقاهرة، مبينا أن المضي قدما في تمرير تشريع داخل الكونغرس بشأن تصنيف «الإخوان» كجماعة إرهابية يمثل الشغل الشاغل للقاهرة في هذا الشأن ومحدد حاكم لجعل العلاقات مع إدارة ترامب أكثر دفئا مما كانت عليه في عهد إدارة باراك أوباما.
ومن جهته، يتفق مع هذا الطرح، د.طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية وجامعة القاهرة، ويرى أن هذه الخطوة وإن كانت ستستغرق وقتا لإنجازها، إلا أنها تعد أساسا مهما يمكن البناء عليه لجهة تخطي مرحلة المماحكات والمكايدات السياسية التي اتسمت بها سياسات الإدارة السابقة تجاه القاهرة، من قبيل: تجميد تسليم مصر صفقات طائرات الأباتشي لبعض الوقت.
ويشير د.فهمي إلى أن القاهرة تريد استثمار «الكيمياء السياسية» بين الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظيره الأميركي دونالد ترامب، ومن ثم ترجمتها في صورة سياسات تصب في صالح البلدين، مبينا أن القاهرة ربما تسعى إلى تطوير آليات التعاون والشراكة المصرية الامريكية وإعادة هيكلتها بعدما أصابها التعطل خلال السنوات الأخيرة.
ولكن في المقابل، قد يكون لدى إدارة ترامب بعض المطالب من مصر، نظير تطوير الشراكة الاستراتيجية الثنائية، بحسب د.فهمي، مبينا أنه يمكن أن تطلب واشنطن من القاهرة القيام بدور أكبر في ملفات إقليمية، من قبيل: إرسال قوات مصرية تحت مظلة عربية إلى سورية في حال نجحت محادثات الأستانا المقررة في 23 يناير الجاري في تثبيت الهدنة والتمهيد لحلول أكثر ديمومة، غير أن مسألة إرسال قوات مصرية إلى خارج الحدود تخضع لضوابط دستورية صارمة.
كذلك قد تدفع إدارة ترامب باتجاه إنشاء «ناتو عربي» تلعب فيه مصر دورا محوريا، كما قد تطلب واشنطن تدخلا عسكريا مصريا بشكل ما في ليبيا، وهذه جميعها ملفات شائكة سوف تتريث القاهرة قبل اتخاذ قرار حاسم بشأنها.
ويتفق د.إدريس ود.فهمي على أن الإشكالية الكبرى التي قد تواجه ليس فقط العلاقات الأميركية المصرية بل وحتى الأميركية العربية عموما، هي إقدام الرئيس ترامب على نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس.
وبوجه عام، يتوقع د.طارق فهمي ألا تشهد العلاقات بين مصر والولايات المتحدة صدامات خلال بدايات عهد ترامب بل سيكون هناك تقارب يمكن ان تستثمره القاهرة لخدمة القضايا العربية.
ولكن في الوقت ذاته، من الوارد حدوث خلافات مستقبلا في حال تباين وجهات النظر بين الجانبين بخصوص بعض الملفات المذكورة أعلاه.