حذرت دراسة أجراها مركز الاستشعار عن بعد في جامعة بوسطن، بتكليف من المنتدى العربي للبيئة والتنمية، من أن مصر ستكون أكثر الدول العربية تأثرا بسبب التغيرات المناخية.
وأظهرت الدراسة التي تحلل سيناريوهات متنوعة لتأثيرات تغير المناخ، بشكل خاص على المناطق الساحلية، بناء على صور فضائية للمنطقة، أن مصر ستكون الدولة العربية «الأكثر تأثرا»، بسبب ارتفاع مستوى البحر، وجاء فيها: «مالا يقل عن 12 مليون مصري سيهاجرون من مناطق إقامتهم في أجزاء من الدلتا وغيرها مع ارتفاع منسوب مياه البحر 5 أمتار، وفى الواقع فإن قرابة ثلث مجموع السكان العرب المتأثرين سيكون من مصر وحدها».
أعدت الدراسة أستاذة باحثة في مركز الاستشعار عن بعد، التابع لجامعة بوسطن الأميركية، د.إيمان غنيم، وأفردت جزءا كبيرا حول تأثير ارتفاع مستويات البحار على دلتا النيل، وقالت الدراسة: «بموجب سيناريوهات ارتفاع مستويات البحار، سيفقد المزيد من دلتا النيل إلى الأبد، ويصنف تحليل الاستشعار عن بعد ونظام المعلومات الجغرافية بعض المناطق في دلتا النيل المعرضة لخطر ارتفاع مستويات البحار مترا واحدا وللحالة القصوى لسيناريو ارتفاع مستويات البحار 5 أمتار، وبناء على هذه الصورة، يقدر أن ارتفاع متر واحد فقط سيغمر كثيرا من دلتا النيل، مغرقا نحو ثلث أرضها (34%)، جاعلا مدنا ساحلية مهمة مثل الإسكندرية وإدكو ودمياط وبورسعيد في خطر كبير، وفى هذه الحالة، يقدر أن نحو 8.5% من سكان البلاد (7 ملايين نسمة) سيهاجرون من مناطقهم». وأضافت: «وفي الحالة القصوى لسيناريو ارتفاع مستويات البحار 5 أمتار، فإن أكثر من نصف دلتا النيل (58%) سوف يواجه تأثيرات مدمرة، من شأنها أن تهدد 10 مدن كبرى على الأقل، من بينها الإسكندرية ودمنهور وكفر الشيخ ودمياط والمنصورة وبورسعيد، غامرة أراضي زراعية منتجة، ومجبرة نحو 14% من سكان البلاد (11.5 مليون نسمة) على النزوح إلى مناطق أكثر اكتظاظا جنوب منطقة دلتا النيل، مما يساهم في جعل مستويات معيشتهم أسوأ مما هي عليه».
وأشارت الدراسة إلى أن: «دلتا النيل التي تبلغ مساحتها نحو 24.900 ألف كيلومتر مربع، تستأثر وحدها بنحو 65% من الأراضي الزراعية في مصر، وهذه الدلتا، التي كانت في الماضي أكبر موقع للرسوبيات في حوض البحر المتوسط، هي مثال متطرف على منطقة مسطحة منخفضة معرضة بشكل كبير لخطر ارتفاع مستوى البحار، والدلتا تتراجع حاليا نتيجة تسارع التآكل على الخط الساحلي، وهذا كان يعزى عموما لعوامل بشرية وطبيعية، وإنشاء السد العالي في أسوان سنة 1962 واحتباس كمية كبيرة من الرسوبيات خلفه في بحيرة ناصر، هما العاملان الرئيسيان المسببان للتآكل في دلتا النيل».
وتابعت: أن احتباس كمية أخرى لا يستهان بها من رسوبيات النيل بسبب شبكة الري وقنوات التصريف الكثيفة، وفى الأراضي الرطبة شمال الدلتا، ساهم أيضا بشكل كبير في تآكل الدلتا، وفي الوقت الحاضر، تنتقل كمية صغيرة فقط من رسوبيات نهر النيل نحو البحر لسد النقص على ساحل الدلتا في حافته الشمالية، وحتى الكمية الصغيرة جدا المتبقية من رسوبيات الدلتا التي تصل حاليا إلى البحر المتوسط تزيلها التيارات البحرية المتجهة شرقا».